حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (69)
الدكتور عامر خربوطلي
مدير عام غرفة تجارة دمشق .
نعيش اليوم عالم الاقتصاد المبني على المعرفة Knowledge- based Economic، ويعتبر التعليم أهم مصادر تعزيز التنافس الدولي، خاصة في مجتمع المعلومات باعتبار أن التعليم هو مفتاح المرور لدخول عصر المعرفة وتطوير المجتمعات من خلال تنمية حقيقية لرأس المال البشري الذي هو محور العملية التعليمية بما يعني أن مجتمع واقتصاد المعرفة مرتبط بمفهوم مجتمع التعليم.
فيما قبل كانت الأرض والعمالة ورأس المال هي العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج في الاقتصاد القديم، بينما أصبحت في الاقتصاد الجديد هي المعرفة الفنية والإبداع والذكاء والمعلومات وصار الذكاء المتجسد في برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال أو المواد أو العمالة، وتقدر الأمم المتحدة أن اقتصادات المعرفة تستأثر الآن بحوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتنمو بمعدل 10% سنوياً وجدير بالذكر أن 50% من نمو الإنتاجية في الاتحاد الأوروبي هو نتيجة مباشرة لاستخدام وإنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إن اقتصاد المعرفة يقصد به أساساً أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والتي تعتمد على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمنة وعلى العكس من الاقتصاد المبني على الإنتاج حيث تلعب المعرفة دوراً أقل وحيث يكون النمو مدفوعاً بعوامل الإنتاج التقليدية، فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالمية أو رأس المال البشري هي أكثر الأصول قيمة في الاقتصاد الجديد المبني على المعرفة حيث ترتفع المساهمة النسبية للصناعات المبنية على المعرفة أو تمكينها وتتمثل في الغالب في الصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والرفيعة مثل الخدمات المالية وخدمات الأعمال.
ومن بين الخصائص التي يعتمد عليها هذا الاقتصاد:
1. الابتكار: نظام فعال من الروابط التجارية مع المؤسسات الأكاديمية وغيرها من المنظمات التي تستطيع مواكبة ثورة المعرفة المتنامية واستيعابها وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.
2. التعليم أساسي للإنتاجية والتنافسية الاقتصادية: حيث يتعين على الدول أن توفر اليد العاملة الماهرة والإبداعية أو رأس المال البشري القادر على إدماج التكنولوجيات الحديثة في العمل وتنامي الحاجة إلى دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلاً عن المهارات الإبداعية في المناهج التعليمية وبرامج التعلم مدى الحياة.
3. البنية التحتية المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تسهل نشر وتجهيز المعلومات والمعارف وتكييفها مع الاحتياجات المحلية.
4. حوافز تقوم على أسس اقتصادية قوية تستطيع توفير كل الأطر القانونية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والنمو وتشمل هذه السياسات التي تهدف إلى جعل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أكثر إتاحة ويسراً، وتخفيض التعريفات الجمركية على منتجات التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وهناك مجموعة من القوى الدافعة التي تؤدي إلى تغيير قواعد التجارة والقدرة التنافسية الوطنية في ظل اقتصاد المعرفة ومنها على سبيل المثال:
1. العولمة حيث أصبحت الأسواق والمنتجات أكثر انفتاحاً.
2. ثورة المعلومات حيث أصبحت تشكل كثافة عالية في الإنتاج حيث زاد اعتمادها بصورة واضحة على المعلومات والمعارف، فنحو أكثر من 7% من العمال في الاقتصادات المتقدمة هم عمال معلومات Information Workers والعديد من عمال المصانع صاروا يستخدمون رؤوسهم أكثر من أيديهم.
3. انتشار شبكات الكمبيوتر والربط بين التطورات مثل الإنترنت جعل العالم قرية واحدة أكثر من أي وقت مضى.
ونتيجة لذلك ازدادت الحاجة إلى تطوير السلع والخدمات بصفة مستمرة وفي كثير من الحالات أصبحت تباع وتشترى من خلال الشبكات الإلكترونية وهو ما يعظم ضرورة الإلمام بتطبيقات التكنولوجيا الجديدة حيث يتوقف عليها تلبية الطلب الاقتصادي وقد ساهمت هذه القوى في توسع الإنتاج الدولي بتحفيز من العوامل التالية طويلة الأمد:
– تحرير السياسات وتلاشي الحدود بين البلدان، الأمر الذي أفسح المجال أمام كل انواع الاستثمار الأجنبي المباشر والترتيبات الرأسمالية المختلفة.
– التغير التكنولوجي السريع وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات جعل من الأوفر اقتصادياً إجراء تكامل بين العمليات المتباعدة جغرافياً ونقل المنتجات والمكونات عبر أرجاء العالم بحثاً عن الكفاءة.
– المنافسة المتزايدة التي أجبرت الشركات على اكتشاف طرق وأدوات جديدة لزيادة كفاءتها بما في ذلك استخدام أسواق جديدة وتغيير أماكن الأنشطة الإنتاجية لتقليل التكاليف.
ولابد لسورية لتحقيق نقلة تنموية تضعها في مراتب اقتصادية متقدمة في مرحلة الاستدامة التنموية حتى عام 2030 التي ستلي مرحلتي التعافي والانتعاش من الاعتماد على مفردات وأدوات وخصائص اقتصاد المعرفة.
العيادة الاقتصادية السورية .