بقلم: زياد غصن
من يغوص في تعقيدات العمل المؤسساتي، يدرك أنّ ما تقوم به مؤسسات الدولة اليوم أكبر بكثير من إمكانياتها، قدراتها… وحتى من المتوقع منها.
نعم هناك تقصير في مكان ما… حلول غير مجدية لأكثر من مشكلة… وانتقادات محقة لجوانب مختلفة من الأداء.
لكن كل ذلك لا يعمي بصيرتنا عن حقيقة أساسية… وهي أنه لولا جهود البعض وتفانيه في العمل لما تمكنت مؤسسات الدولة من الحضور في حياتنا بالصورة الحالية… والتي ننتقدها سعياً نحو الأفضل، وهذا حق لكل مواطن.
لنلاحظ معاً ما يلي …
مؤسسات تعاني من تغلغل كبير للفساد الإداري والمالي، ومع ذلك لا تزال هذه المؤسسات قادرة على العمل والإنتاج وتقديم الخدمات…
مؤسسات يرزخ بعضها تحت قيادة إدارات عاجزة وفاشلة… وفاسدة أحياناً، ومع ذلك فإن هذه المؤسسات لا تزال تذخر بكفاءات على مستوى كبير من النزاهة والإخلاص… وتعمل دون أن تنتظر مقابلاً مادياً… أو حتى معنوياً.
مؤسسات فيها ألف علة وعلة إدارية، ومع ذلك لم تستسلم هذه المؤسسات وبقيت أبوابها مفتوحة طيلة سنوات الحرب القاسية.
لنتصور أن مؤسساتنا لم تكن تعاني من كل تلك الأمراض،. أو أن معاناتها كانت في الحد الأدنى… كيف كان سيكون أداؤها خلال هذه الفترة؟ وكم كانت ثقة المواطن بها ستكون كبيرة؟
لذلك لا مناص من التفكير والإعداد لمشروع وطني لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بشكل جذري… إدارياً وبشرياً وتقنياً.
مشروع يعيد إنتاج مؤسسات قوية، متماسكة، بعيدة عن الفساد، قادرة على التأثير وقيادة الاقتصاد الوطني نحو مرحلة تنموية جديدة، يتم خلالها تجاوز تأثيرات الحرب العميقة، وإنجاح مرحلة إعادة الإعمار…
في هذا المشروع سيكون لزاماً طرح أسئلة خارج السياق المعتاد في خطوات الإصلاح السابقة… من قبيل:
–هل تحتاج البلاد إلى كل هذه الوزارات والمؤسسات والشركات والهيئات؟
–من هي الوزارات والمؤسسات التي يجب تبديل “دمها” بالكامل كي تتخلص من سرطان الفساد؟
–ما هي التشريعات التي يجب أن تصدر لتدشن مرحلة حقيقية في الإصلاح المؤسساتي وشفافيته؟
–كيف سيتم اختيار الإدارات وما ضمانات الالتزام بالمعايير والأسس المهنية والإدارية في ذلك؟
والسؤال الأهم … هل سنفوت الفرصة مرة أخرى؟
أرجو ألا نفعل ذلك، لأن ما أظهره الأداء المؤسساتي من نقاط ضعف في هذه الأيام العصيبة يفترض ألا يتكرر…. أو يستمر، لأنه سيكون في غير مصلحة الوطن والمواطن.
طبعاً نتحدث في وقت لا يزال انتشار فيروس كورونا محدوداً جداً، ونأمل أن يبقى كذلك كي لا تدخل مؤسساتنا في امتحان صعب للغاية.
سيرياستيبس