لا شك أن حديث الساعة اليوم هو الغلاء والارتفاع الجنوني لأسعار السلع والمواد على اختلاف أنواعها، وتفاوت السعر بين محل وآخر، وانتشار حالات البيع حسب المزاج من دون أي رادع بالنسبة للكثير من البائعين والتّجار، ففي كل يوم تسجل أسعار السلع بدءاً من الخضار والفواكه وصولاً إلى الألبسة أرقاماً جديدة من الغلاء، على الرغم من أن الحكومة أبدت حزماً شديداً في إجراءاتها لضبط الأسواق، مهددة باستخدام العصا الغليظة، بينما على المقلب الآخر نجد الواقع مغايراً تماماً لتصريحات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فالأسواق كما هي لم تتغير، فالفوضى قائمة والأسعار مرتفعة وجميع المعطيات المستندة إلى واقع السوق ولقاءات المواطنين تبيّن الحال التي وصلت إليها الأسواق.
بالتأكيد نحن نتفهم حق أي جهة في الدفاع عن إجراءاتها وأفعالها، لكن حال الأسواق لم تعد بحاجة إلى أدلة أو براهين وتحديداً في موضوع الغلاء الذي بات يشكّل قضية رأي عام. وللوقوف على ذلك رصدت “البعث” حركة الأسواق وكانت لها وقفة مع عدد من المواطنين الذين أكدوا أن الأسعار غير مقبولة قياساً بالدخل الشهري.
التاجر هو المسيطر
لا يمكن لي ولا حتى مجرد التفكير بأن أتسوق وأشتري ما أحتاجه من أغذية لبيتي، هذا ما قاله أحد المواطنين، حاله كحال الجميع، إذ أكدت لنا سيدة بعد خروجها من صالة السورية للتجارة أن الأسعار عالية وغير مناسبة، فحتى تخفيضات الأسعار التي يتباهى بها التّجار غير صحيحة، وهذه الأسعار لا تختلف أبداً وكأنها مازالت كما قبل، وأوضحت أنها كموظفة لا يساعدها الراتب على شراء ما تريده سوى الضروريات، وتقول أخرى: بعد أن اجتاحت موجة الغلاء كل ما هو موجود في الأسواق أصبحت الأسعار لا تناسب دخل المواطن العادي، لأن التجار لم يتركوا دوراً لأحد، فقد أصبح شغلهم الشاغل هو رفع الأسعار ساعة بساعة!.
مواطن آخر قال: إن التاجر هو المتحكم الوحيد بسعر المواد لأنها بعيدة عن المراقبة، متسائلاً: لماذا لا ينزل المسؤولون إلى الأسواق ويرصدون ارتفاع الأسعار، أم أن هناك بعض التجاوزات في مراقبة السوق وضبط الأسعار؟ معتبراً أنها كذبة كبيرة يدفع ثمنها المواطن من جيوبه، فالأسعار لا تزال مرتفعة ولا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن.
وبجولة قصيرة على الأسواق وجدنا أن هناك انعداماً في استقرار أسعار المواد على اختلافها في الأسواق المحلية، ليطال المواد الغذائية الضرورية لحياة المواطن إضافة لمادتي البندورة والثوم والبصل وغيرها!.
حجتهم جاهزة
وبالنسبة للتجار وأصحاب المحال فإن حجتهم جاهزة دوماً وهي موضوع الدولار وارتفاع سعر الصرف، وإن كانت هناك أسباب أخرى ربما تدفعهم لتسعير بضائعهم بهذه الطريقة، أهمها على حدّ قولهم أن تكلفة المواد ارتفعت بشكل كبير ناهيكم عن استيراد بعض أنواع المواد المرتفعة الثمن وأجور النقل وغيرها.
سياسة تسعير واضحة
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية علي الخطيب أكد أن المستهلك اليوم يواجه مشكلة حقيقية تتعلق باختيار السلع المناسبة، ولاسيما أن هناك جشعاً لدى بعض المنتجين والمصنّعين وحتى البائعين لتحقيق مزيد من الأرباح ترافقه قلة وعي من المستهلك، الأمر الذي يتطلّب ضرورة تفعيل القوانين الصادرة عن الوزارة. ولفت الخطيب إلى ضرورة دعم قطاع التجارة التعاونية الاستهلاكية كرديف مساعد للقطاع العام في التدخل الإيجابي، وتفعيل منظومة حماية المستهلك وقمع المخالفات، وركز على ضرورة وجود قاعدة بيانات تسويقية لجميع السلع تمكّن مديرية حماية المستهلك المراقبة من خلالها.
عبد الرحمن جاويش