في الوقت الذي يعاني فيه معظم الأمريكيين من فقدان وظائفهم ويحاول ملايين الفقراء منهم تأمين حاجاتهم الأساسية من مواد غذائية ومعيشية من خلال طلبات الإعانة وغير ذلك تستغل طبقة الأغنياء أزمة فيروس كورونا لزيادة ثرائها معززة بذلك حدة الانقسامات الطبقية ومظاهر التمييز في المجتمع الأمريكي وسط تحذيرات من أن تؤدي إجراءات العزل المتخذة إلى صدمة تاريخية للاقتصاد الأمريكي.
أثرياء أمريكا قلبوا الأزمتين الصحية والاقتصادية الناجمتين عن تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة إلى صالحهم فأضافوا وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية 308 مليارات دولار إلى ثرواتهم خلال الأسابيع الأربعة الماضية فقط وكانوا أول المستفيدين من حزمة المساعدات المالية التي أقرتها الإدارة الأمريكية لتنشيط الاقتصاد في الوقت الذي ينتظر فيه معظم الأمريكيين الذين خسروا وظائفهم الحصول على مبلغ ضئيل قد لا يكفيهم لشراء احتياجاتهم الأساسية.
طبقة الأثرياء التي تشكل واحداً بالمئة من المجتمع الأمريكي وجدت في أزمة الوباء فرصة ذهبية لمضاعفة أرباحها مستغلة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الفيروس وكان بعض الأغنياء في الولايات المتحدة في مقدمة الأشخاص الذين حصلوا على مساعدات مالية أجبرت الإدارة الأمريكية على منحها في محاولة لإصلاح الأضرار التي تسببت بها جراء فشلها في التعامل مع الفيروس.
تقرير أعده معهد الدراسات السياسية الأمريكي أي بي إس ونشرته الغارديان أوضح أن ثروة كبار الأغنياء في الولايات المتحدة نمت في الفترة من الـ 18 من آذار الماضي إلى الـ 22 من نيسان الجاري بنسبة تزيد على 10 بالمئة فيما شهدت قيمة ثروات ثمانية من هؤلاء الأغنياء ارتفاعاً حاداً بمقدار مليار دولار لكل منهم بمن فيهم رئيس شركة أمازون جيف بيزوس ورئيس مؤسسة زوم لاتصالات الفيديو إريك يوان والرئيس السابق لمايكروسوفت ستيف بولمر وغيرهم.
التقرير أشار إلى أن عدداً من هؤلاء الأثرياء استغلوا ثغرات في خطة الإنقاذ الحكومية التي أقرها الكونغرس بقيمة 349 مليار دولار بهدف مساعدة المشاريع التجارية الصغيرة الأكثر تضرراً وكانت المصارف من أكبر المستفيدين من هذه الأموال حيث جنت ما يقرب من 10 مليارات دولار من خلال الرسوم التي تتقاضاها على قروض الحكومة.
تشاك كولنز المسؤول في البرنامج الخاص بمكافحة عدم المساواة في معهد الدراسات السياسية والمشارك في أعداد التقرير أكد من جانبه أن وباء كورونا كشف بشكل أكبر خطوط التصدع في الكيان السياسي الأمريكي وهي صدوع ما لبثت تتسع على مدى عقود بين الأثرياء فعلاً وبين بقية الناس.
وفيما يزداد الوضع سوءاً بالنسبة للأمريكيين من أصول لاتينية وإفريقية تتسع الهوة في الرواتب مع ما يتقاضاه الأمريكيون البيض في وقت قدم فيه 5ر26 مليون أمريكي طلبات إعانة بطالة منذ منتصف آذار.
كيفن هاسيت المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض أكد أمس أن إغلاق الاقتصاد الأمريكي بسبب جائحة فيروس كورونا يمثل صدمة ذات أبعاد تاريخية يرجح أن تدفع معدل البطالة على المستوى الوطني إلى 16 بالمئة أو أكثر هذا الشهر وتتطلب المزيد من المحفزات لضمان انتعاش قوي.
هاسيت قال في تصريحات لقناة أيه بي سي التلفزيونية أعتقد أن هذه أكبر صدمة سلبية شهدها اقتصادنا إلى الآن وسوف نشهد معدل بطالة يقترب من المعدلات التي شهدناها خلال الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي واصفاً ذلك بأنه أمر خطير ومشيراً إلى أن إجراءات العزل العام في أنحاء البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد أضرت بالاقتصاد الأمريكي وسيكون التغيير في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من هذا العام رقما كبيراً سلبياً.
وعلى غرار ما سبقه من أزمات مالية وصحية يبدو أن فيروس كورونا فتح باباً جديداً للثراء أمام طبقة النخبة في الولايات المتحدة التي وجدت فرصة لا تفوت لتحقيق الأرباح عبر الإتجار بالمعدات الطبية والعقارات المضادة للفيروس من جهة والاستيلاء على المساعدات المالية الحكومية التي يفترض أن تصل إلى المتضررين من أصحاب الأعمال الصغيرة أو الدخل المحدود من جهة أخرى.