لم يتفاجأ المواطن برفع أصحاب الباصات وسيارات السرفيس والأجرة أسعار أجور نقل الركاب، فهم يفعلونها مع كل زيادة لأسعار البنزين والمازوت.
كما لم يتفاجأ المواطن بتكرار الجهات المعنية لمعزوفة التشدّد بمراقبة خطوط النقل وتنظيم الضبوط بالمخالفين، بل إن بعض المحافظين هدّد بسحب بطاقات المحروقات من كل صاحب سيارة لا يتقيّد بالتعرفة الرسمية الجديدة لنقل الركاب!
وبما أن زيادة الرواتب والأجور أتت مباشرة بعد رفع أسعار المحروقات والخبز، فإن الكلّ استنفر لشفط الجزء الأكبر من هذه الزيادة قبل أن تصل ليد العاملين بأجر.
وكعادتهم دائماً فإن أصحاب سيارات النقل العام والأشخاص كانوا السباقين برفع أسعار أجرة نقل الركاب بنسب كبيرة وصلت إلى 100% على بعض الخطوط وخاصة البعيدة عن الرقابة.
قد يتقيّد أصحاب المركبات بالتسعيرة خارج أوقات الذروة وفي مراكز الانطلاق التي تتواجد فيها دوريات رقابة، لكن الأمور تنفلت في ساعات الذروة، وخاصة ما بعد التاسعة مساء حيث لا رقابة ولا وسائط نقل كافية، ويضطر المنتظرون لدفع الآلاف لصاحب سيارة النقل كي يصل إلى منزله.. سالماً!!.
أما ما يحدث على خطوط النقل مابين الريف ومراكز المدن، وخاصة ما بين محافظتي دمشق وريفها فحدث ولا حرج.. فلا رقابة ولا التزام بالتسعيرة ومن لا يعجبه فليبلط البحر.
ولفتنا ما أدلى به ممثلو الجهات المعنية بتنظيم النقل وضبط التسعيرة سواء للركاب أو البضائع، فمن تابعهم على الفضائية السورية سيكتشف بسهولة أنهم يعيشون في عالم آخر ولا علاقة لهم بالواقع، بل إنهم لا يتابعون ما يدلي به المواطنون المتضررون على صفحات التواصل الاجتماعي!.
برأي الوزارات المعنية: إن الأمور تحت السيطرة تماماً، فرفع أسعار المحروقات لن يؤثر على حركة السلع الغذائية ولا أسعارها إلا بنسب قليلة، وأن خطوط النقل مضبوطة من قبل المجالس المحلية في المحافظات، وما على المواطن سوى تقديم شكوى بصاحب السيارة المخالف لينال العقاب المناسب.. فهل هذا صحيح؟!.
تقارير صحفنا الإلكترونية الرسمية والخاصة تؤكد تفاقم أزمة النقل أكثر فأكثر في جميع المحافظات وليس في دمشق وريفها فقط.
والحديث هنا ليس عن أزمة جديدة أو عابرة بل عن أزمة مزمنة تزداد حدّتها مع كل رفع لأسعار المحروقات.
وبدلاً من أن تشغلنا الوزارات المعنية بالتسعيرة الرسمية وبالضرب بيد من حديد لكل من يخالفها، فلتجبنا على سؤال يتكرّر على لسان جميع المواطنين: ماذا فعلتم لحلّ أزمة النقل؟.
نعم.. أزمة النقل المزمنة والمستفحلة منذ عقدين من الزمن على الأقل تفضح المقصّرين بحلها، فلا حلول دائمة كالميترو، ولا قريبة كاستيراد الباصات أو تصنيعها محلياً بالتعاون مع شركات من دول صديقة أو حليفة، ولا حلول سريعة ومتاحة كمشروع (التاكسي سرفيس) والسماح بمكاتب خاصة بديلة للأجرة.. وهي تعمل منذ سنوات بلا ترخيص!.
نكرّر من جديد: لقد مضى أكثر من ستة أشهر على تقديم عرض صيني صديق للبيئة يعتبر برأي مؤسّسة الخط الحديدي الحجازي من أهم العروض لحلّ أزمة النقل في ضواحي دمشق، ومع ذلك لم نسمع جديداً عن هذا المشروع حتى الآن، تماماً مثلما حدث مع عروض أخرى لحلّ أزمة النقل جذرياً، كالمترو.. فلماذا؟!.
علي عبود ـ البعث