الوطن
في ظل الإقبال الشديد- الذي بدأ في الفترة الأخيرة والذي سيزداد في الفترة القادمة- على تركيب أنظمة الطاقة الكهرشمسية والبطاريات والأمبيرات ذات الاستطاعات الصغيرة للمنازل والمكاتب وغيرها، وفي ظل إغراق السوق بعدد كبير من الماركات للألواح الشمسية والبطاريات والأمبيرات، يؤكد العديد من المهتمين والمختصين أن هناك تخبطاً شديداً بالنوعيات والأسعار والجودة التي لا ضابط لها أبداً إلا الضمير، الأمر الذي يترك المواطن العادي في مهب الريح أمام هذه الحالة وخاصة أن اقل منظومة قد تكلّف نحو أربعة ملايين ليرة.
والسؤال الذي يفرض نفسه أين المركز الوطني لبحوث الطاقة التابع لوزارة الكهرباء من هذا الواقع وأين دوره في التوعية وماذا عن دور الجهات الأخرى في ضبط هذا الأمر وأين حماية المستهلك؟
يقول مدير مركز بحوث الطاقة الدكتور يونس علي لـ«الوطن»: إن مراقبة جودة تجهيزات الطاقات المتجددة هو موضوع مهم جداً، وهذا الأمر ينطبق على جميع السلع والتجهيزات الأخرى التي تدخل السوق السورية، وإذا أردنا أن نتحدث عن نظام الجودة أو ما يسمى بالبنية التحتية للجودة في سورية نستطيع القول إنه غير موجود بالشكل المطلوب، فنظام مراقبة جودة التجهيزات والمواد والسلع المصنعة محلياً والمستوردة يجب أن تكون هناك عدة مؤسسات وجهات مسؤولة عن تطبيقه.
ويضيف علي: بشكل عام الجهات المسؤولة في سورية عن مراقبة جودة تجهيزات الطاقات المتجددة هي ليس فقط المركز الوطني لبحوث الطاقة بل هناك جهات أخرى دورها مهم جداً في هذا المجال وهي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي تمنح إجازات الاستيراد، والمديرية العامة للجمارك، ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ومركز الاختبارات والأبحاث الصناعية التابع لوزارة الصناعة، وهيئة المواصفات والمقاييس، حيث إن كل جهة من هذه الجهات لها مسؤولية محددة في هذا الإطار، ومهمة المركز الوطني تنحصر في تحديد المواصفات والمعايير الفنية الواجب توافرها في تجهيزات الطاقات المتجددة التي تدخل السوق السورية، وهذا الشيء قام ويقوم به المركز، ولدينا محددات فنية يشترط توافرها كي نمنح الموافقة على استيراد التجهيزات وخاصة وجود شهادات مطابقة للمواصفات القياسية السورية الصادرة عن هيئة المواصفات أو المواصفات العالمية ذات الصلة، وضمن الآلية المتفق عليها بين المركز ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بأن لا يتم منح إجازة الاستيراد من دون الإحالة إلى المركز للتأكد من أن المواصفات الفنية للتجهيزات المراد استيرادها هي ضمن الحدود المقبولة.. وعلى أساس ذلك تتم الموافقة على منح إجازة الاستيراد أو الرفض.
وأوضح أن هذه الآلية تم البدء بالعمل بها منذ عام 2016، وقال: إلا أننا نفاجأ أحياناً بوجود تجهيزات طاقات متجددة مطروحة في السوق ليس لديها أي قيود لدى المركز، فكيف دخلت هذه التجهيزات وبأي طريقة صراحة غير معروف، ما أريد أن أقوله إن دور المركز هو وضع الضوابط الفنية والمحددات التي تضبط وتحقق معايير الجودة لتجهيزات الطاقات المتجددة وهذا الشيء يقوم به المركز، أما الحلقات الأخرى من ضبط ومراقبة الجودة فهي ضمن صلاحيات ومسؤوليات الجهات الأخرى، مضيفاً: إلا أنه وبهدف تعزيز نظام مراقبة جودة التجهيزات بشكل أفضل فإن المركز كان بصدد توسعة مهامه ودوره في هذا المجال وذلك من خلال العمل على تأمين بنية مخبرية متكاملة بحيث يقوم المركز ليس فقط بوضع الضوابط والمعايير وإنما بإجراء الاختبارات الفعلية لعينات من التجهيزات المستوردة وذلك بالتنسيق مع مديرية الجمارك، بحيث يتم ذلك ضمن إجراءات التخليص الجمركي.
وقال: كنا نفكر بأن نحدث فرعين للمركز في طرطوس واللاذقية وتأمينهما بهذه المخابر لتسهيل عملية الاختبارات وتخفيف أعباء نقل العينات من المنافذ الحدودية إلى دمشق، وعلى التوازي مع ذلك نحاول إيجاد صيغة ما للتعاون مع نقابة المهندسين ومع جهات خاصة أخرى لتأمين هذه المخابر بحيث تكون معتمدة من قبل المركز لإجراء اختبارات المطابقة، لكون تكلفة هذه المخابر ليست قليلة والاعتمادات المالية التي تخصص للمركز غير كافية لشرائها من قبل المركز.
وبيّن يونس أن المركز بصدد إقامة حملة توعوية بالتعاون مع وسائل الإعلام، بحيث يتم تسليط الضوء على أهمية تطبيقات الطاقات المتجددة في تأمين الكهرباء في المنازل والمصانع والمزارع وغيرها. وبالتأكيد سيكون جانب من هذه الحملة يتعلق بالأمور الفنية العامة الواجب الانتباه إليها من قبل المواطنين حتى لا يقعوا ضحية عمليات غش وتضليل.
مضيفاً إن هناك أيضاً برنامجاً خاصاً سيتم إطلاقه قريباً عبر المركز وهو برنامج تأهيل واعتماد الشركات المنفذة لمشاريع الطاقات المتجددة الصغيرة والمتوسطة المربوطة مع الشبكة العامة أو المستقلة عنها، والهدف من هذا البرنامج هو التأكد من أن الشركات التي تقوم بتنفيذ مشاريع طاقات متجددة مؤهلة فنياً وهندسياً وقانونياً للقيام بذلك حتى نضمن جودة تنفيذ هذه المشاريع، وبنتيجة هذا البرنامج سوف تصدر قائمة الشركات المعتمدة والتي يسمح لها فقط بمزاولة وتنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة، وعلى التوازي تم مؤخراً إطلاق برنامج خاص لتأهيل واعتماد مهندسين دارسين لمشاريع الطاقات المتجددة وذلك بالتعاون مع نقابة المهندسين، ويهدف هذا البرنامج إلى التأكد من أن المهندس الذي يقوم بتصميم ودراسة المشروع وإعداد الإضبارة التنفيذية له هو بالفعل مؤهل للقيام بهذا العمل، وبالنتيجة ستصدر قائمة تضم المهندسين المعتمدين لدى المركز ونقابة المهندسين الذين يسمح لهم فقط بإعداد الدراسات التصميمية لمشاريع الطاقات المتجددة.
وقال: أرى أن هناك دوراً مهماً وأساسياً للمركز في المرحلة القادمة، ولكن هذا الشيء مرهون بالصيغة التي سيخرجون بها حول الهيكلية الجديدة للمركز، والتي أراها ستقيد عمل المركز كثيراً إذا تم تطبيقها بالطريقة التي يقترحها البعض في وزارة التنمية الإدارية