إدارة الموارد المتاحة وتوزيعها هو الأساس للنجاح أو الفشل بدءاً من الأسرة وصولاً ألى أعلى السلطات، فالإدارة الناجحة تحيط بكل الجوانب وتوزع المتاح حسب الأولويات.
من يطلع على توزيع الاعتمادات المالية على الوزارات فيما مضى من السنوات يصل إلى نتيجة أن الاعتمادات توزع حسب اعتبارات غير منسجمة مع متطلبات الواقع، فوزارة خدمية تحصل على ضعف ما تحصل عليه وزارة إنتاجية وهذا يتناقض مع المبدأ الاقتصادي الذي يقول ادعم المنتج ليرفع إنتاجه ويزيد المواراد التي يحتاجها القطاع الخدمي، وكي لا أبقى بالتنظير سأطرح شي من الواقع، من أسبوع وضعت وزارة النفط بئر غاز أبو رباح بالخدمة بطاقة إنتاجية 300 ألف متر مكعب باليوم وبحسبة بسيطة لموارد هذا الرقم من الإنتاج نُدرك أهمية دعم القطاعات الإنتاجية، فـ 300 ألف متر مكعب من الغاز تعادل 320 ألف ليتر بنزين لأن المتر المكعب من الغاز يعادل 1.2 ليتر بنزين بحده الأدنى ما يعني أن قيمة إنتاج البئر يومياً 240 مليون ليرة إذا حسبنا على سعر البنزين المدعوم أي 750 ليرة، وفي الشهر 7.2 مليارات ليرة سورية وفي السنة 86.4 مليار ليرة أي ما يعادل 34.5 مليون دولار على سعر الصرف الرسمي 2500 ليرة مع الإشارة أن تكلفة حفر البئر حتى تشغيله تكلف حوالي 4 ملايين دولار، أي أن البئر يعيد تكلفة الحفر والأعمال خلال شهرين من التشغيل ليبقى يُعطي على سنوات طويلة هذا العائد الكبير دون تكاليف إضافية.
المشكلة عندنا أن لا أحد يشعر بأهمية هذا العمل وحالنا كحال من يملك حقلاً من الخيار وأولاده يستهلكون كل يوم صندوق خيار ولكن عندما ينتهي الموسم ويذهب إلى السوق ويجد سعر كيلو الخيار 2000 ليرة يشعر بقيمة ما لديه، ونحن لا نشعر بأهمية ذلك ولكن لو كنا نستورد الغاز كنا كل يوم نُذكر بما تدفعه الخزينة لتوريد الكمية.
أي قرار نتخذه يجب أن نفكر بأثره المادي على كل المفردات التي يطالها، ولو أن الحكومة ذهبت لرفع سعر البنزين المدعوم مثلاً إلى 1000 ليرة وتركت سعر المازوت على ما هو عليه لكانت حققت نفس الإيراد المادي بل أكثر ولكن كان تأثيره أقل بكثير على عدد كبير من القطاعات مثل النقل والزراعة والصناعة والشحن وغير ذلك من الخدمات، وهذا مثل بسيط عن حجم الفارق الذي يُمكن أن يُحدثه قرار غير مدروس.
الاعتمادات الحكومية للسنة المالية القادمة يجب أن تكون أولويتها مبنية على هذا الأمر، فاليوم دعم عمليات الحفر والاستكشاف في قطاع النفط يوفر المزيد من الغاز لوزارة الكهرباء التي تحتاج هي الأخرى لدعم لإجراء الصيانات لأن الدعم سيوفر الكهرباء وهو ما سينعكس على كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية ويوفر مبالغ ويضيف مبالغ لدعم القطاعات الخدمية.
مبدأ التمويل الذاتي مُعتمد في كل العالم وأساس النشاط الاقتصادي ويقوم على دعم الإنتاج الذي يوفر مزيداً من الموارد، لا صرف الموارد في قطاعات خدمية مُستهلِكة وترك القطاعات الإنتاجية وهو ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد بدعم الإنتاج وخلق فرص العمل.
معد عيسى