لم ينتظر الكثير من أصحاب سيارات الأجرة مرور 24 ساعة على قرار رفع مدة استلام رسالة تعبئة البنزين لستة أيام بدلاً من أربعة، وباشروا برفع التعرفة فور صدور القرار، مع تكرار «سيمفونية» محطات الوقود والدور والبنزين الحر والإكراميات لكل راكب حتى لو لم يسألهم أو لم يعترض على السعر الجديد، لكن الضرر الذي وقع، تجاوز جزئية «التكاسي» التي يرى البعض أن نسبة مستخدميها تنخفض يوماً بعد يوم، لكونه يمكن الاستغناء عنها أو التخفيف من استخدامها على الأقل، ليصل إلى الجميع من دون استثناء.
رائد حيدر صاحب سيارة خاصة، يقول إن سيارته اقتصادية ولا تستهلك أكثر من 20 ليتراً كل 200 كم، وهو يستخدمها بشكل مقنن جداً للذهاب إلى عمله والعودة منه وشراء حاجيات المنزل فقط، بمسافة قدّرها بحوالي 35 كم يومياً، أي في الأسبوع 245 كم، بهذه المسافة كانت تكفيه كمية البنزين المدعومة كما يقال (راس براس)، أما اليوم، وبعد أن أصبحت كل عشرة أيام، فإنه سيضطر لشراء بنزين حر لمدة ثلاثة أيام لقطع مسافة تزيد على 100 كم، بمبلغ يصل إلى 30 ألف ليرة – إن توفر البنزين الحر المدعوم بسعر 2500 ليرة – ويزداد إلى 50 ألفاً – إن تم شراؤه من السوق السوداء – في الأسبوع، أي 90 أو 150 ألف ليرة في الشهر.
وتساءل حيدر ما الذي عليه فعله الآن؟ ومن أين سيأتي بهذا الفرق الذي عليه دفعه في كل الأحوال؟ فإن استغنى عن استخدام سيارته بعد نفاد كمية البنزين المدعوم، واعتمد على سيارات الأجرة، فإن ما سيدفعه خلال الأيام التسعة قد يصل أو يتجاوز ثمن شراء البنزين الحر، وختم كلامه بـ«كملت معنا».
الباحثة الاقتصادية الدكتورة نسرين زريق، أكدت أن الأمر يتجاوز كل ما سبق بكثير، لأننا سنشهد في الأيام القادمة وبكل تأكيد ارتفاعاً في أسعار كل السلع وخاصة الخضر والفواكه، لأن الكثير من السيارات التي تنقل البضائع من سوق الهال إلى كل أنحاء دمشق تعمل على البنزين، والكميات المتوفرة بالمدد السابقة قبل القرار الجديد لم تكن تكفيها أساساً بسبب المسافات الكبيرة التي تقطعها هذه السيارات يومياً، فكيف سيكون الوضع بعد القرار؟ بالتأكيد سيضيفون الفرق على أسعار ما ينقلونه للمحال، كذلك أصحاب الفعاليات التجارية العادية الذين يمتلكون سيارات خاصة، سيضيفون فرق البنزين الحر الذي سيشترونه على سلعهم، وهكذا.
وأضافت زريق: إن توفر المحروقات من جديد وبالكميات المطلوبة، لن يخفض أسعار السلع بعد أن ترتفع، وهذا ما يجعلها متأكدة من أنه حتى لو تم رفع الرواتب إلى حدود عالية لن يتغير وضع الناس، لأنها ستبقى تلاحق ارتفاع أسعار السلع والخدمات الذي لا يتوقف لأسباب كثيرة.
وحول ضبط التجاوزات التي قد يقوم بها أصحاب سيارات الأجرة، تواصلت «الوطن» مع عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة دمشق مازن دباس، الذي أكد أن اجتماعاً مصغراً تم عقده مساء أمس مع رئيس فرع مرور دمشق، وتم خلاله تشكيل مفارز عُمّمت على كل ضباط مرور مدينة دمشق للتشديد بشكل كبير على مخالفات رفع الأسعار، ومتابعة التزام السائقين بالتعرفة التي حددتها الدولة وإلزامهم بتشغيل العداد، مضيفاً إن كل سائق يثبت تجاوزه للتسعيرة المحددة سيُخالف فوراً وفق القوانين الناظمة.
وكان مصدر في وزارة النفط قد صرح لـ«الوطن» أمس بأن القرار المذكور مؤقت من أجل تفادي أزمة خانقة كما يحدث في كل مرة، وأن الوضع سيعود كما كان عليه قريباً عند وصول التوريدات.
الوطن