لسنا بعيدين بالشكل الكافي عما يحصل في العالم من أزمات اقتصادية ترخي بثقلها على كاهل الشعوب, ولسنا بمنأى عما يحدث من كوارث اجتماعية نتيجة سياسات بلدان بعينها, والتي هدفت بكل مجرياتها لضرب استقرار الشعوب وبلدانها ومنعها من تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمعيشي وحتى السلام الاجتماعي بصورة تحقق العدالة بمختلف أوجهها, وهذه ظهرت بصورة مختلفة, منها الحروب المباشرة ومنها انتقال الأزمات, وما حصل في بلدنا خلال السنوات العشر الماضية من استهداف مباشر للبنية الاقتصادية والاجتماعية وكل مكونات حياة شعبنا هو تجسيد لهذه السياسة, وما يحدث اليوم من أزمات اقتصادية أيضاً يأتي ضمن هذا السياق ويحمل الكثير من الويلات للشعوب, ونحن منها, وحدوث آثار اقتصادية هي الأخطر منذ مئات السنين.
وبالتالي أسئلة كثيرة تدور في أذهان الملايين من شعبنا, أهمها السبل والوسائل التي تمكننا من تفادي خطورتها بأقل الخسائر، وخاصة أننا مازلنا نعيش حرباً كونية وحصاراً اقتصادياً ظالماً.
وزير الصناعة زياد الصباغ قال في تصريح لـ(تشرين): بالتأكيد ما يحدث من أزمات في العالم له انعكاس مباشر على واقعنا الاقتصادي وخاصة الصناعي وعلى تأمين المستلزمات الأولية المطلوبة لإعادة دوران عجلة الإنتاج بالصورة التي تسمح بتأمين حاجة السوق والاستفادة من الإمكانات المتوافرة.
وبالتالي منعكسات الحرب الروسية- الأوكرانية فرضت واقعاً جديداً على المستوى العالمي وليس على المستوى المحلي فحسب, حيث ارتفعت أسعار المستلزمات والمواد الأساسية وخاصة المواد الغذائية والنفط, الأمر الذي أدى إلى ارتفاع التكاليف بنسب كبيرة.. وهذا بدوره أدى إلى زيادة الأسعار على المستوى المحلي، وخاصة أننا مازلنا نعيش تبعات الحرب الكونية ونعالج آثارها السلبية على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها, أي إننا لم نتعافَ من هذه المشكلات حتى جاءت الحرب الروسية– الأوكرانية وفرضت معادلة جديدة في طريقة التعاطي وحدوث أزمات جديدة لسنا بعيدين كثيراً عن تأثيراتها, لذلك علينا اتخاذ جملة من الإجراءات لتحصين الوضع الداخلي والتخفيف قدر الإمكان من انعكاساتها السلبية على الواقع المعيشي للمواطن أولاً وعلى الجوانب الاقتصادية والقطاعات الأخرى التي تؤمن أسباب تحسين الإنتاج والإنتاجية بما يسمح بتحصين الوضع الداخلي وهذا لن يتم إلا من خلال تعزيز القطاع الإنتاجي بشقيه الصناعي والزراعي وتعزيز فرص الاستثمار فيه وتطوير قطاع الخدمات وزيادة رؤوس الأموال المستثمرة فيها لتأمين البنية والأرضية الصحيحة ووضعها في خدمة الجانب المذكور, والأهم الاهتمام بالجانب المصرفي باعتباره من أهم القطاعات الداعمة لتعزيز قوة الإنتاج في القطاعين العام والخاص من خلال تقديم رؤوس الأموال الميسرة للمشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر وصولاً إلى المشروعات الإستراتيجية الكبيرة التي تستهدف في أولوياتها قطاعين مهمين, هما عماد الاقتصاد الوطني والركيزة الأساسية التي تبنى عليها القاعدة المتينة لتفادي سلبيات الأزمات الاقتصادية العالمية القادمة.. هذان القطاعان هما الزراعة والصناعة اللذان يشكلان العمود الفقري في عصب المواجهة وهذه مسألة تحتاج الكثير من الإجراءات, فعلى المستوى الزراعي هناك ضرورة لاستخدام الترشيد الزراعي ودعم المحاصيل الإستراتيجية وتوفير البنية الخدمية لهذا القطاع للحفاظ على استمرارية المواسم الزراعية وتحقيق الاستقرار الزماني والمكاني لها, إلى جانب الاهتمام بالمحاصيل الزراعية الصناعية التي تعزز قوة الإنتاج الصناعي وتوفير مستلزماته بما يضمن استمرارية وانسياب المواد الأولية والاستغناء ما أمكن عن المستوردات التي نجد صعوبة في تأمينها نتيجة الأوضاع الحالية من ظروف حرب كونية وعقوبات اقتصادية ظالمة, وصولاً إلى تداعيات أزمة (كورونا) وما يحدث من أزمات سلبية على الأسواق العالمية نتيجة الحرب الروسية– الأوكرانية, وصورة المواجهة تكمن, برأي وزير الصناعة, في الاهتمام بتطوير وتعزيز قدرة القطاع الصناعي وزيادة دوران عجلة الإنتاج للشركات القائمة وإعادة تأهيل خطوط الإنتاج التي تعرضت للتخريب والتدمير من العصابات الإ*رها*بية المسلحة والاهتمام أيضاً بتأمين رؤوس الأموال من أجل إقامة صناعات إستراتيجية أخرى, يتم تأمين البدائل من خلالها لأسواقنا المحلية بالاعتماد على المواد الأولية المحلية بدءاً من المحاصيل الزراعية ذات الصبغة الصناعية ووصولاً إلى مكونات القطاع الخدمي التي تعزز قوة الإنتاج والإنتاجية.
وأضاف صباغ: علينا اعتماد سياسة الترشيد في كل شيء وتأمين البديل محلياً, وربط عجلة الإنتاج بصورتها الكلية بالمتوافر من الإمكانات واستثمارها بالصورة المثلى التي تؤمن حالة الاعتماد على الذات من جهة وتحسين مستوى المعيشة للمواطن من جهة أخرى, مع توفير الظروف والإمكانات لزيادتها بصورة متتابعة قياساً للظروف والإمكانات المتاحة.
تشرين