ولد سامي صايم الدهر عام 1897م في منطقة جب أسد الله بالقرب من حي العقبة بحلب .
والده إبراهيم كان تاجراً للحرير الأغباني والشال والزنار الهندي كان يقوم بشراء خيوط الحرير وإرسالها إلى عمال الأنوال اليدوية لينسجوها ثم يرسلها إلى العاملات لتطريزها يدوياً،ليتم تصديرها إلى بلاد الحجاز لبيعها خلال موسم الحج بسعر خمس ليرات ذهب لكل شال .
استقل عن عمل والده و فتح محلاً في سوق المدنية في محلة وراء الجامع الكبير لبيع بضاعته و استأجر بيتاً مستقلاً عن بيت والده في حي الفرافرة.
في عام 1929 كان هناك في حلب حوالي ستة الاف نول نسيج يدوي ( تنسج القطن و الحرير الطبيعي و الصناعي و نسيج الحرير و القطن معا ) يعمل عليها و على إتمام ما تنتجه من نسيج ما يزيد على ثمانية و عشرين ألف عامل ( كان عدد سكان المدينة يقدر بحوالي مائتي ألف نسمة ) فاذا كان كل عامل يعيل ما معدله خمسة أشخاص أي ان أكثر من نصف السكان يعتاشون على دخل صناعة النسيج بحلب .
قرر سامي صائم الدهر بعدما وصلت الكهرباء لحلب عام 1928 أن يذهب بنفسه إلى مصنع آلات النسيج العائد للشركة التي شاهد أنوالها، وهو معمل دييدريش بورجوان في مدينة ليون الفرنسية ، ليطلع على الآلات الحديثة.
سافر الى فرنسا مع قريب له يتقن الفرنسية لأنه لم يكن يعرف تلك اللغة ، واطلع على آلات النسيج في هذا المصنع و طريقة عملها و أتقن العمل عليها .
تعاقد على شراء أنوال ميكانيكية كهربائية لنسج الحرير بدلاً من الأنوال اليدوية القديمة .
عاد الحاج سامي بعد هذه الزيارة إلى حلب ليؤسس بعد فترةٍ وجيزةٍ نواة أول معمل للنسيج في منطقة الجميلية على ارض اشتراها ( جانب صالة معاوية الحالية بمساحة حوالي 2000 متر مربع ) بنى عليها طابق أرضي وضع فيه الآلات ثم بنى فوقه لاحقاً طابقين لسكنه .
✦يتألف معمله الأول من ثمانية عشر نولاً حديثة تعمل محركاتها على الكهرباء ، قام صائم الدهر بتأهيل النساجين التقليديين للعمل عليها، وكانت تلك أول دورة تدريبية على التقانات الحديثة في صناعة النسيج في تاريخ الصناعة السورية. ✦ غدا صائم الدهر الوكيل الحصري للماركة الفرنسية النسيجية لآلات سانت- كولومب في العام 1930 ، وأكبر مستورد حصري للخيوط الصناعية.
✦تخصص معمل الحاج سامي بصناعة نسيج الساتان وكريب جورجيت و هي من الحرير الصناعي كما صنع المنسوجات القطنية و الصوفية أحيانا .و ألحق بالمعمل مبنى خاص لكي القماش باستعمال الفحم وبآلات معدنية يدوية.
✦انتخب الحاج سامي عضوا في مجلس إدارة غرفة تجارة حلب في 13 ايار 1931 بصفته تاجراً للنسيج في محله وراء الجامع الكبير، و بقي عضواً في مجلس الادارة حتى عام 1935 .
✦أسس غرفة صناعة حلب عام 1935 و أنتُخب رئيسا لمجلس ادارتها وكان يعاد انتخابه المرة تلو المرة حتى عام 1964 .
تبرع بخمسين الف ل س عام 1941 .
✦خلال الحرب العالمية الثانية في عام 1941 دخلت القوات الانكليزية مع قوات ديغول لحلب وطلب الجيش من المواطنين دعم القوات الانكليزية في حربها مع الألمان ، فقام الحاج سامي بالتبرع بمبلغ خمسون ألف ليرة سورية ، وهي قيمة طائرة انكليزية واحدة من نوع سبيت فاير ( باصقة النار ) التي واجهت الطائرات الالمانية من نوع ( شتوكا )، و قام بذلك أيضا الحاج وهبي الحريري و تم عرض الطائرتين في ساحة سعد الله الجابري.
✦ اعتُبر الحاج سامي صائم الدهر خلال مراحل الانتداب الفرنسي من رجال الكتلة الوطنية وما أن نالت سوريا استقلالها و تم الجلاء عام 1946 حتى انتُخب نائباً في مجلس النواب السوري وبقي فيه حتى انقلاب حسني الزعيم عام 1949م.
اشترى قطعة أرض في منطقة بلليرمون بمساحة تزيد عن 50 ألف متر مربع وبنى عليها معملاً حديثاً فيه محطة لتحلية المياه ومحطة لتنقية الهواء ، و استورد مغازل للقطن بلغ عددها ستة آلاف مغزل، ووضع فيه أنوال النسيج بلغ عددها 143 نول ، وآلات للصباغة وكي القماش وصقله .
✦استورد الخيوط الصناعية كالحرير الصناعي والبوليستر إضافة للخيوط الطبيعة المحلية والأوربية .
✦ كان متواضعا في معمله يهمه الانفاق على صالات العمل و ألاته لا على مكاتب الادارة أو على مكتبه الشخصي .
كما عُرف عنه تقييده لجداول شهرية بأسماء العائلات المستورة التي ينفق عليها سراً .
كانت الأرباح السنوية للمعمل تصل إلى أربعمئة ألف ليرة سورية وعندما كانت وفود من المغتربين السوريين تزور سورية، كانوا يصطحبونهم إلى معامل الحاج سامي صائم الدهر ليروا بأم أعينهم التطور الصناعي الذي وصلت إليه البلاد .
✦في بداية الخمسينات حقق المعمل الجديد في البلليرمون أرباحا جيدة فقرر الحاج سامي بناء قصر مهيب .
استغرق بناء القصر سبع سنوات وكان مؤلفا من طابقين تحيط به حدائق واسعة ( يقع قرب القنصلية الروسية حاليا .
✦ وعهد الوحدة في عام 1958م، زار جمال عبد الناصر حلب للمرة الأولى في 16/3/1958 و نزل لمدة يوم واحد ضيفا على الحاج عبد القادر شــبارق أمام الحديقة العامة .
✦في 23 تموز عام 1961 صدر القانون رقم (118 ) بالـتأميم الجزئي لثلاث و عشرين شركة و مؤسسة في سوريا ، و شمل التأميم عدد أكبر منها في مصر .
✦شمل التأميم نصف ملكية شركة الحاج سامي صايم الدهر بينما كان الحاج سامي مع ابنته في مدينة ميلانو لشراء ورق خاص للطباعة على الأقمشة بعدما تم شراء مطبعة خاصة للطباعة من الورق على القماش.
✦شمل التأميم سيارة الحاج سامي الخاصة، وهي سيارة كاديلاك سوداء كبيرة كانت قد استوردت للرئيس السوري شكري القوتلي واقتناها لاحقا الحاج سامي لان الحاج سامي كان قد سجلها باسم المعمل .و استعملت لاحقا( بعد التأميم ) لنقل العمال .
كما صدر قرار ثان بمنع الحاج سامي من مغادرة البلاد في حال عودته إلى سوريا .
✦عندما وصل الخبر الى الحاج سامي اتصل فورا بصديقه الشاعر عمر أبو ريشة الذي كان سفيرا لسوريا في فيينا وطلب منه موافاته بالجرائد التي ورد فيها خبر التأميم و عندما قرأ أن التأميم جزئي فقط، و بدأ من حوله يطمئنونه بأنه جزئي، أمسك بقلم أحمر و شطب على اسم معمله الوارد في الجريدة و قال : (خلص راح المعمل )
✦استلمت إدارة معمل الحاج سامي صائم الدهر في منطقة البلليرمون مجموعة من الشبان كانوا يعملون سابقاً معلمين في المدارس أو ضباطاً في الجيش .
✦روت ابنته أن كل ما كان لديه من أموال سائلة عندما تم التأميم هو عشرة آلاف دولار أمريكي وخمسون ألف ليرة سورية فقط لا غير ، فقد كان الحاج سامي يوظف كامل سيولته المالية في توسعة المعامل دائماً .
✦عاد من النمسا إلى بيروت، وهناك حضر إليه أصحاب معامل النسيج اللبنانيين ووضعوا أمامه مفاتيح معاملهم وقالوا له: أنت شيخ صناعة النسيج ومعاملنا تحت تصرفك. فشكر لهم مجاملتهم هذه .
✦قرر الحاج سامي إعادة إنشاء معمل جديد في لبنان، فسافر إلى ليون وتعاقد على شراء عشرة أنوال فقط ، قبل الفرنسيين الذين تعاملوا معه طوال أربعين عاماً خلت أن يزودوه بالأنوال بالدين ودون أي دفعة نقدية سلفاً .
✦ بدأ المعمل بالإنتاج وحقق بضاعة منافسة تضاهي البضاعة الأجنبية حتى أن الكثير من التجار اللبنانيين كانوا يطلبون عدم كتابة اسم الحاج سامي صائم الدهر على القماش لبيعه على أساس أنه قماش أجنبي.
✦ما أن بدأ المعمل بالعمل وتحقيق الأرباح حتى بدأت بوادر الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976م ، فعاد الحاج سامي مع ابنته إلى حلب لتوافيه المنية فيها في عام 1980م عن عمر ناهز الأربع و ثمانين عاماً .