لم ندرك إلى الآن غاية وزارة النفط لجهة تخصيص المدن بـ200 ليتر من مازوت التدفئة كدفعة أولى، مقابل 100 ليتر للأرياف فقط، علماً أن الأخيرة أشد برودة من الأولى..!
فكيف يُخصّص ريف الساحل السوري الممتد على الجبال بأقل من مدينتي اللاذقية وطرطوس المتاخمتين للبحر، والمتمتعتين بأجواء أكثر دفئاً أيام الشتاء القارص، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية المدن والأرياف خاصة ريف دمشق، حيث إن مناطق، مثل بلودان والزبداني سرعان ما تكسوها الثلوج في وقت تكون الشمس ساطعة في دمشق التي يحظى سكانها بضعفي الأولى من مادة المازوت..!
ما المعيار الذي اعتمدته وزارة النفط لهذا التخصيص..؟!
هل هو المزاجية، أم ترسيخ وتشجيع الهجرة من الريف إلى المدينة..؟
تفاءلنا خيراً باعتماد البطاقة الذكية للتوزيع، ولاسيما لناحية ضمان التوزيع العادل لكل من يستحق الدعم فعلاً، لكن على ما يبدو أن وزارة النفط آثرت حرف بوصلة هذه البطاقة تجاه عدم عدالة التوزيع لأسباب غير معلنة، علماً أن من لا يحتاج الدعم –نتيجة ملاءته المالية- يقصد مراكز المدن ليتخذ منها موطناً له..!
أي مشهد هذا أيها السادة يكرس التمييز الطبقي، وأي تخطيط تعتمده وزارة النفط بتوزيع مادة طالما أحدثت جدلاً في الشارع السوري طوال سنوات خلت..!
فإذا كانت تصريحات مسؤولي الوزارة تصب بخانة توفر المادة لتكفي الأسر السورية كافة، فلما لا يكون هناك تساوٍ بالحصص بين الريف والمدينة..؟!
ولماذا إذاً هناك موعد للمواطن مع ضغط نفسي لجهة تأمين بعض من حق يدفع قيمته، لينعم وأسرته ببعضٍ من الدفء بداية كل موسم شتاء، علماً أن البطاقة الذكية –حسب ما أكدته الوزارة بأكثر من مناسبة- كفيلة بالحد من الهدر وإلغاء المتاجرة بمادة المازوت..؟
فإذا كانت الوزارة تخشى أن يتاجر سكان الأرياف بهذه المادة ويهربوها خارج البلد، فنعتقد أن هذا الأمر وإن حصل فعلاً فسيكون محدوداً جداً، فالكمية المخصصة له -في حال كانت بالفعل 200 ليتر كدفعة أولى- بألكاد تكفيه..!
نأمل أن تعيد الوزارة النظر بهذه المسألة الحيوية، عسى أن تحافظ على التوازن النفسي لأبناء الريف، ودرءاً لشعورهم بأنهم سكان من الدرجة الثانية..!
حسن النابلسي