تقف المزيد من الضغوطات في وجه الاقتصاد السوري الهش الذي يعاني من ركود متعمق منذ تشديد العقوبات الأمريكية قبل عام تقريبا .
وتتمثل هذه التحديات في الوضع الاقليمي الذي دونه لن تستطيع سورية أن تسير حطوات جدية في اعادة إعمارها ، واعادة لاجئيها ، وانتشال أهلها من الكارثة الانسانية التي أهم ملامحها مستوى الفقر ومؤشرات الوضع الاقتصادي .
يُضيّق الغرب على لبنان ويُطالب منظومة حكم المحاصصة والنهب فيه بمزيد من الضغوطات الاجتماعية على مجتمع لم ينعم بإعادة إعمار بلاده بعد 30 عاماً على نهاية الحرب. وكانت النتيجة أنَّ المجتمع يحاول أن يضغط بالمقابل على هذه المنظومة السياسية التي لا تملك إلا التجاوب مع رعاتها الذين لم يعودوا قادرين أو راغبين على انتشال هذه المنظومة دون أثمان كبرى. ورغم أن هذا الوضع هو فرصة للبنان واللبنانيين إلا أنه قد يحمل آثاراً اقتصادية سلبية على سورية، ويهدد بتضييق الشريان الوحيد المتبقي للخارج.
من جهة أخرى الوضع في المنطقة الشمالية الشرقية، والذي يدفع نحو الخروج الأمريكي، هو النقطة الإيجابية التي تقرّب إعادة ربط البلاد بعضها مع بعض، وتحديداً مع خزان الطاقة والقمح في الجزيرة السورية. الأمر الذي سيحصل في الأجل المتوسط إن لم يكن القريب، ولكنه قد يتأخر بناءً على السلوك التركي الذي إن استمر بعدوانيته وعدم تجاوبه مع تطبيق اتفاق أضنة قد يُبقي المعركة في الأجل المتوسط، ويؤثر على الوضع الاقتصادي السوري، وهو ما حصل حتى الآن مع نزوح قرابة 150 ألفاً وتزايد التهديدات الأمنية، وتأثير هذا على إمكانية فتح المعابر والطرق مع العراق…
مقابل هذا الوضع المعقد، نرى كما اعتدنا الكفاءة المنخفضة لإدارة النخب للأزمات الاقتصادية، دافعة الحكومة وسط هذا الضغط للإيحاء بالحركة دون حركة فعلية، ولتلوح بتغييرات بحجم وبنية الدعم، الأمر الذي قد يسبب صدمة جديدة للأسعار، دون أن تستطيع أن تحرك كتلة الأموال السورية نحو الإنتاج، وتبقي حركتها في مجال سياسي ضيق يخدم النخب، ويتعلق بالدولار وسعره متجاهلة أن هذا دون أثر جدّي يذكر على قيمة الليرة ومعيشة السوريين.
لن يستطيع الوضع الاقتصادي السوري أن يحقق نقلات إيجابية جدية دون استعادة الربط مع المنطقة الشمالية الشرقية، والوصول إلى توافقات تنهي عدوان تركيا على الأراضي السورية، وتتيح توافقات لتكون تركيا بوابة حدودية للحركة الاقتصادية وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار. وإلى أن يتم ذلك فإن إجراءات محورية يمكن أن تشكل رافعة اقتصادية وتوقف التدهور وتحمي من الضغوطات الآتية من الخارج، أهمُّها أكبر قدر من الانعزال عن الدولار ودعم الليرة، ولهذا أداتان أساسيتان: إيقاف تمويل المستوردات واستبداله باستيراد الحكومة للمواد الأساسية بعقود مع دول كروسيا والصين، واستخدام كتلة الليرة في تمويل العمليات الإنتاجية من زراعة وصناعة أولاً وقبل كل شيء…