الإعلام الاقتصادي ليس مفهوما جديداً, أو دخيلاً على جسم الإعلام السوري, بل إن جذوره تمتد إلى عقود مضت, لكن صور ظهوره وطريقة التعاطي مع المسائل الاقتصادية عبر مراحل زمنية تختلف من مرحلة لأخرى, وذلك من خلال طريقة التعاطي, والأسلوب, وحتى المؤشرات التي تبنى عليها المقومات الأساسية التي تبنى عليها كل حالة اقتصادية واجتماعية, وصولاً للتفكير العام والخاص, إلى جانب المهنية التي يمتلكها الإعلامي, للبحث في مكنونات الظاهرة التي تتناولها الوسيلة الإعلامية وأنواعها المختلفة.

من هنا كانت أهمية الندوة الحوارية التي أقامتها أمس غرفة تجارة دمشق حول الإعلام الاقتصادي ودور قضايا التنمية الاقتصادية والتي عبر عنها خلال افتتاح أعمال الندوة منار الجلاد عضو مكتب غرفة دمشق، مؤكداً أهمية المحاور التي سوف يناقشها الحضور وخاصة فيما يتعلق بالواقع الاقتصادي السوري, وأزمة ارتفاع المواد والسلع, وأسعار الصرف وغيرها من المحاور, ودور الإعلام الاقتصادي فيها وطريقة التعاطي معها, وكيفية البحث في أسبابها من خلال محاورها التي تصدى لها كلً من الأستاذ زياد غصن المدير العام لمؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع الذي أكد على أهمية الإعلام الاقتصادي في تسليط الضوء على القضايا الاقتصادية والاجتماعية ذات الاهتمام الشعبي والرسمي, وبين أن هناك مجموعة من عوامل القوى في الإعلام الاقتصادي تمكنه من الخوض في تفاصيل المشكلة وتخرج بقرارات تكون مؤثرة في القرار الاقتصادي, موضحاً أن الهم الاقتصادي في العقود السابقة كان المحرك الأساس لمصالح الدول وبعد عام 2000 صدرت مجموعة من الإصلاحات في سورية تناولها الإعلام الاقتصادي بمختلف وسائله وخاصة المتعلقة بالهم المعيشي للمواطن وتالياً تناول الفعاليات الاقتصادية والخدمية التي لها تماس مباشر مع الحالة الاجتماعية ما أدى إلى تشكيل جمهور واسع للإعلام الاقتصادي بالتماشي مع موجة الإصلاحات التي أدت إلى تحقيق الانفتاح الإعلامي الرسمي على الشارع الاقتصادي، فلدينا جرائد وصحف خاصة وعامة ووسائل إعلامية جميعها تتناول الشأن الاقتصادي إضافة لظهور نوع آخر من الوسائل وهو الإعلام الإلكتروني الاقتصادي.
وأوضح غصن أن هناك مجموعة من نقاط الضعف يعانيها الإعلام في المرحلة الحالية من ضعف في مصادر تموين البرامج الاقتصادية وتدني سوق الإعلان الرسمي، إضافة إلى تراجع القراءة وحدوث انحرافات مهنية لبعض الصحفيين ناهيك بمحدودية التأهيل.
القاسم المشترك
في حين أكد الأستاذ محمد البيرق – رئيس تحرير صحيفة تشرين أن دور الإعلام الاقتصادي هو فرض عين وليس فرض كفاية ونحن ملزمون كإعلام رسمي بدعم المنتج الاقتصادي الوطني وتسليط الضوء على مراكز القوة والضعف فيه والبحث في كل القضايا المرتبطة به والتي لها تأثير في مكوناته, إلى جانب دراسة المشكلة بصورة اقتصادية تبحث في الأسباب والحلول بما يعكس إيجابية واضحة على تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطن باعتباره الهدف الأساس من أي منتج.
وتساءل خلال حديثه: كيف يمكن أن ندعم الإعلام الاقتصادي لممارسة دوره الحقيقي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة مباشرة بهموم المواطن؟.
لذلك من هنا نجد أن الإعلام صناعة وتالياً يجب أن يتعامل مع الجمهور ويهتم بأدق التفاصيل للقضايا المهمة التي تتناول المواطن بصورة مباشرة وتختلف كل وسيلة إعلامية عن غيرها, في طريقة التعاطي والوصول إلى النتائج, التي تؤدي إلى إحداث تأثير ما في الرأي العام.
وأشار البيرق في حديثه إلى أنه خلال الحرب الكونية على بلدنا وجدنا عدداً كبيراً من المحللين السياسيين, مقابل ضعف في الظهور الإعلامي لمحللين اقتصاديين يوضحون أسباب المشكلات الاقتصادية, والبحث في الحلول, وقبلها الآثار السلبية للحرب والحصار الاقتصادي وعقوباته, وتوضيح الكثير من الأشياء المرتبطة بحياة المواطن.
موضحاً أن الإعلام اليوم تخطى فكرة الإعلام التقليدي باستخدام التقنيات الحديثة وانعكاسها للتأثير المباشر في المجتمع.
الأستاذ عمار غزالي مدير الاعلام التنموي في وزارة الإعلام أكد اهتمام الوزارة بتطوير العمل الإعلامي بكافة أنواعه وفق خطط مدروسة للاستفادة منها وانعكاسها على الواقع الاجتماعي والوضع المعيشي على السواء وأوضح أنه منذ العام 2000 شهدنا نهضة إعلامية تم فيها الترخيص لأكثر من 140 مطبوعة, معظمها تهتم بالشأن الاقتصادي, وهذا مؤشر إيجابي للاهتمام بالقضايا الاقتصادية والمعيشية, لكن ذلك يصطدم بمعوقات كثيرة منها ضعف المعلومات والبيانات, إخفاء المعلومة, وغيرها من نقاط الضعف, وأوضح أن ترهل الإعلام يعود لنقص قطاع الإعلان الاقتصادي . وأضاف: من الضروري الاهتمام بالصحافة الاستقصائية, وقبلها التخصص ويجب العمل على إدخال التخصص ضمن التخصص في العمل الإعلامي, عندها نمتلك قوة التأثير المباشرة في أي قضية مطروحة.
تهيئة
الدكتور عربي المصري أستاذ في كلية الإعلام شاطر الجميع في الكثير من القضايا التي تم طرحها موضحاً أننا نتعامل مع الرسالة الإعلامية على مبدأ اقتصادي (الزبون دائماً على حق) وفي الرسالة الإعلامية أيضاً الجمهور (دائماً على حق) لذلك للإعلام الاقتصادي دور مهم في الحياة الاقتصادية تماشياً مع أولويات المعيشة والتي تكمن في قضايا عدة أهمها (تنمية – معيشة المواطن – ومكافحة الفساد), وهنا يبرز دور الإعلام الاقتصادي في طريقة التعاطي معها وتهيئة الناس لتقبل الحالة الاقتصادية, وممارسة دوره, أيضاً في الرقابة على السياسات الاقتصادية ومتابعة تنفيذها, وشرحها بصورة سهلة للمجتمع من خلال امتلاك القدرة التأثيرية في الإقناع وتوضيح الصورة لكل إجراء اقتصادي في السلب والإيجاب.
ضمن الإطار ذاته فقد أكد الدكتور لؤي الزعبي مدرس في كلية الإعلام جامعة دمشق خلال حديثه على نقطتين أساسيتين: الأولى الثقافة الاقتصادية التي نفتقدها ونعاني من جهلها, وبالتالي إلقاء التهم من دون أن ندرك الأسباب, أو معرفة المشكلة على أصولها, التجار, أم السياسات, أم الجهات المستفيدة, وهذا ما يحصل في اتهام التجار برفع الأسعار, وارتفاع أسعار الصرف وغيرها. وبالتالي هنا دور الإعلام الاقتصادي في البحث عن الحقائق وتوضيحها للجمهور, وهنا تكمن أهمية المعلومة في صنع القرار الصحيح.
وشاطره الرأي الدكتور محمد الرفاعي أستاذ في كلية الإعلام جامعة دمشق، مضيفاً أن النظرة الموضوعية للإعلام الاقتصادي تتم من خلال الدور والوظيفة اللذين يمارسهما, لأن الإعلام بطبيعته ولد من رحم النظام السياسي لأي بلد ..
وفي بلدنا الإعلام حالياً شريك في صناعة الحدث في كل المجالات, لكن المشكلة في النجاحات فهي بجهود فردية، ونحن بحاجة لمشاركة جماعية حتى نصل إلى تأثير واضح وصريح يقوم على أساس المعلومة الصحيحة المبنية على دراسات وبيانات من قلب الواقع.

من أجواء الندوة
• تساءل عمر مقداد: هل لدينا خبر اقتصادي صحيح, وهل يعكس الإعلام الحكومي دور القطاع الخاص في بناء الاقتصاد في صورته الصحيحة؟.
• الزميل معذى هناوي اتهام الإعلام الرسمي بالتقصير لتغطية نشاط القطاع الخاص غير صحيح فهو موجود معه في كل المناسبات والنشاطات.
• الزميل شوكت أبو فخر: أمور ثلاثة يجب أن يهتم بها الإعلام الاقتصادي (مكافحة الفساد والتهريب, والاحتكار).
• الزميل أحمد العمار قال: فاقد الشيء لا يعطيه, لذلك لا بد من العمل على توسيع دائرة معرفة الصحفي الاقتصادي, وكيفية استخدام المصطلحات الاقتصادية.
• كمال عوض قال: الإعلام الاقتصادي مقصر في الحديث عن تجارب الدمج الفاشلة في القطاع الاقتصادي والخدمي ..
• منار الجلاد قال: هناك غياب كامل للمعلومة الصحيحة, وطالب بضرورة توفيرها للإعلام لأهمية دوره في تحريك العجلة الاقتصادية.