الحجز عـلى ممتلكات “ابن زياد” بتهمة هدر المال العـام..!
د.سعـد بساطــة
ورد في الأدبيات الإقتصاديـة الساخرة أنّ محاكمة إداريـة طالت القائد طارق بن زياد لتفريطه في عـهدة تابعـة للمال العـام لدى حرقه السفن أمام شاطيء الأندلس! (مع تعـبيره الشهير: العـدو من أمامكم؛ والبحر من ورائكم)!
ولو استخدمنا روتين الدواوين لانتهينا لنتائج مماثلة؛ تعـادل تلك من ناحية القبح,,لدى مناقشة الكثير من الأمور المؤسساتية.
هنالك سخافات شديدة تكلـّف اقتصاد مؤسساتنا وسرعـة تجاوبها الشيء الكثير؛ وقد قرأت بنفسي تعـميما بمنع سفر أحدهم لأجل مبلغ هايف ؛ حيث أن تسديد المبلغ , وإزالة منع السفر يكلـف أضعـافا مضاعـفة!
كلنا احتاج بفترة ما (لأجل استكمال أوراقه الثبوتية) إلى شهادة حسن سلوك من مختار المحلة التي يقيم بها ؛ ونحن نعـرف من هو المختار ومؤهلاته ؛ والكيفية التي يتم بها إعـطاء شهادة حسن السلوك الشهيرة. { أحد أساتذتي العـظام بكلية الهندسة ؛ فيما مضى : رفض استكمال تلك الوثيقة السخيفة ؛ فاستدعـى الأمر تدخل شخصي من رئيس الجامعـة لاستثنائه منها بغـية ترفيعـه – رحمهما المولى -}.
مفارقـة أخرى , نسمع عـن خدمات النافذة الواحدة ؛ ونجتازها بسذاجة؛ لنفاجأ بألف نافذة ونافذة تنتظرأوراقا لانهاية لها؛ لتكتمل المعـاملة الشاهانية!
مؤسسات منها قطاع عـام؛ وأخرى قطاع خاص: تخترع نظام البصمة والتوقيع؛ لضبط ومحاسبة الموظف على دوامـه وانصرافه..ولكنهم ينسون – في خضـّم متابعـتهم القشور- محاسبته عـلى الأهم: أدائه,,! (كاريكاتير يبرز موظفا واقفا باستهذاء أمام مديره الجالس بعـنجهية خلف مكتب ضخم ؛ مزود بسبع أجهزة هاتف ؛ والمدير بصوت مجلجل ” أنا أعـلم أنك خلال 20 سنة أول من يداوم وآخر من ينصرف؛ ولكن, أما آن الأوان لك للقيام بعـمل ما”؟؟؟ ).
لوحة لطالما رأيناها..”مغـلق للصلاة” ؛ والموظف الذي وضعـها عـلى كوّتـه ؛ وتسبب بعـرقلة مصالح عشرات المراجعـين : ألآ يعـلم أنّ العـمل بحد ذاته: عـبااادة..!
فاجأني خبر:عـميد لكلية الحقوق بإحدى المحافظات: مهندس؛ ورئيس المناهج بوزارة التربية طبيب بيطري؛! { لدى محاكمة جاسوس ألماني غـربي تم زرعـه في ألمانية الشرقية فيما مضى؛ وتدرّج بالمناصب حتى وصل أعـلاها..ولكن نتساءل ماهي أنشطته التخريبية؟؟ هي ببساطة: “وضع الشخص في غـير مكـانه المناسب” }!
ونحن نهرول في طريقنا إلى الإصلاح؛ وضمن عـلم الإدارة نطرح التساؤل الأبدي: الحصان أولاً أم العـربة؟
وهناك تعـبير شهير نستخدمه “هل ينفع السوط لتحفيز الحصان الميـت” ؟
هي معـضلة قديمة قدم التاريخ: استخدمها الإغـريق؛ وقبلهم فراعـنة مصر.. وبالنسبة للتعـبير الانجليزي (no use whip a dead horse ) فيعـود للقرن السابع عـشر! وهي تعـرف بإسم نظرية الحصان الميت!
وهنا قول لأحد الحكماء ” إذا شعـرت أنك تمتطي جوادا ميتا ؛ فالحل الأفضل أن تترجل وتحصل عـلى جواد جديد”. (بالطبع قد يكون “الجواد الجديد” : كناية عـن شركة ما؛ أو منتـًج كان جديدا وأضحى موضة قديمة,,الخ).
لدى المؤسسات المختلفة سياسات شتى للتعـامل مع ” الجواد الميت” منها:
ـ أن تقتني سوطا أقوى
– تغـيـّر الفارس
– لجنة خاصة لتحليل الوضع (جيش من الإستشاريين)!
– تنظيم زيارة عـمل (سفر خمس نجوم) لدول أخرى لمعـرفة كيفية
تشكيل مجموعـة من الجياد الميتة؛ بغـية زيادة سرعـتها الكلية.!
تخصيص ميزانية إضافية لتحفيز أداء الجواد الميت.
– تكريس دراسة لرؤية ما إذا كان فارس أخف وزنا بإمكانه تحسين الأداء.
لا ننسى أن لكل مسألة جانبها المضيء!!! فالجواد الميت ليس بحاجة لعـناية أو عـلف..
و لنتذكر دائما أنـّـه بإمكاننا نقل “الجواد الميت” من عـمله الميداني إلى مراكز إدارية !
ختاما : سأل أحدهم فقيها أيهما أسلم : ارتداء الساعـة باليد اليسار أم اليمين؛ أجاب بهدوء: إستفد من الوقت بشكل دقيق ؛ و..ضع الساعـة أينما شئت..ولو برجلك..!