الدكتور – سعد بساطة
صورة مؤلمة لطفل عـاري القدمين جائع يمشي فوق أنبوب نفط في بلد عـربي ما؛ وقربه تعـليق: في بلاد النفط: نفتقر للوقود! (كالعـيس في البيداء يقتلها الظما؛ والماء فوق ظهورها محمول)..!
تحت ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها بلدنا أطلقت مجموعات من شبابه شعارات مختلفة تساهم في التخفيف من حدة الأزمة، واتخذوا وسائل التواصل لينشروها ويحثوا متابعيها على التفاعل معها.
«بتحب سورية شجع صناعتها»، و«صُنع في سورية» و«من سوري لسوري»، تؤلف مجموعة من العناوين التي باتت تواكب إيقاع حياتنا بشكل يومي.
وكثافة استخدام هذه الشعارات في كل زمان ومكان تتزامن مع عـودة السلام لربوع بلادنا، ألف مشهد إيجابي للاهتمام بالصناعات المحلية بمجملها.
نطلب من الإعلاميين مؤازرة هذه الشعارات كل من موقعه. فأحد الإعلاميين ساند الموجة وكتب على صفحته يقول: «أنا سعيد لأنني التزمت بقراري، وهو عدم اقتناء أي شيء من خارج سورية. فلم أضعف أمام الواجهات الجميلة والمحال المرتدية ألوان الأعياد… وقد فهم أبنائي واقعنا الجديد وباتوا من المشجعين لشعار (اشتروا من سورية)».
وقال الاقتصاديون: «الصناعة السورية ستكون بخير إذا كان لدينا ملء الثقة بها وبصناعيينا وبمواهب الشباب عندنا».
ويجب تخصيص بعض وسائل الإعلام المتلفزة فقرات تتحدث عن صناعات وطنية مشهورة. فيتعرف إليها المشاهد يتحدث خلالها أصحاب هذه المصانع ويساندها من خلال تكثيف مشترياته من منتجاتها.
ومن ناحيتها، فإن وزارة الصناعة أطلقت حملة إعلانية في هذا الإطار؛ فلطالما كان بلدنا يصدّر أكثر مما يستورد ؛ ولدينا عـشرات ألوف المصانع لمنتجات مختلفة، والحل الوحيد لإجراء نهضة اقتصادية هو تشجيع الصناعة الوطنية ومساندتها.
يقول أحد الإعلانات: «آمن بصناعتك.. آمن ببلدك» عن الإنجازات التي تقدمها الصناعة المحلية ويستعينون بها في العالم.
فكما ثوب عـرس الملكة إليزابيث من صنع سوري، فإن مغنية أمريكية شهيرة تشتري صابونها من سورية. ومحطات المترو في أثينا تستورد قطع الحجر الملون من سورية؛ ولا يقبل الكثيرون في كندا عن زيت الزيتون السوري بديلاً.
وإذا ما تصفحت بصورة سريعة بعض الصناعات السورية فلابد من أن تلفت نظرك منتجاتنا المعروفة التي كنا نعتقد أنها مستوردة من الخارج. وهي تشمل صناعات الأزياء والمعدات الكهربائية والمواد الغذائية والمفروشات والمجوهرات التقليدية وغيرها. «لقد فوجئت بوجود هذا الكم من المنتجات السورية رفيعة المستوى التي كنت أشتريها بصورة بدهية من دون علمي المسبق بمنبعها الأصلي. أما اليوم فصرت أقصدها مباشرة وأشتريها بشغف؛ لأنني بذلك أدعم صناعة وطني والليرة السورية معاً».
يقول أحد الكتاب: «لو كان لدينا الوعي نفسه الذي يتمتع به أولادنا اليوم، لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من أزمات اقتصادية متلاحقة».
أود ذكر حادثتين طريفتين حصلتا معـي شخصيا ً..
الأولى: والدتي ( رحمها الله) في زيارة خليجية؛ ودت شراء هدية لي.. قطعـة ملابس «إفرنجية»؛ فلم تجد سوى ملابس أنيقة ولكنها كلها أو معـظمها مصنوعـة بمعـامل معـروفة (حلب أو دمشق)، وانتهت لشراء سترة صوفية مطبوع أنها صنـعـت بقبرص؛ اتضح أنها نتاج أحد المعـامل الحلبية!
الثانية: خالتي أتت حلب بزيارة من لندن؛ ودارت الأسواق لابتياع هدية «طقم صوفي وآخر قطني» لحفيدها؛ وتحدث لي من رافقها عـن دهشتها من: تنوع وجمال وسعـة تشكيل ورخص أسعار البضائع الوطنية؛ وصرحت بالفم الملآن«لايوجد لدينا في لندن أم الدنيا؛ مايشابه ما رأيته في حلب»!!!
ومع «الملبس عا قضامة» الزهري وعلب «شوكولا غـراوي» و«كعكة العصرونية» وحلوى «غزل البنات» والـ«فستقية» والـ«سمسية» وما إلى هنالك من منتجات تذكرنا بمراحل الطفولة..
الآن الكرة في ملعـب الصناعـة السورية؛ لتسد نقص السوق؛ وتعـاود التصدير؛ بوتيرة أقوى.