كتب : أيمن قحف
يتساءل كثيرون – ونحن منهم – عن هوية الاقتصاد السوري حالياً ،لقد انتقلنا من مرحلة الاقتصاد الاشتراكي المركزي إلى اقتصاد السوق بقرار من المؤتمر القطري لحزب البعث 2005 وتبنته الدولة بكل مكوناتها حكومة ومجلس شعب و صدرت الخطة الخمسية العاشرة بقانون متضمنة الانتقال إلى اقتصاد السوق – الاجتماعي..
لم تسر المرحلة الانتقالية بيسر حيث حارب هذا الانتقال مسؤولون كبار في حزب البعث -الذي أقر الانتقال -!!!!
جاءت الأزمة ولم يكتمل الانتقال إلى اقتصاد السوق ، وصرنا أمام اقتصاد هجين فيه ملامح الاشتراكية والمركزية على سطح واحد مع اقتصاد السوق!!!
مضت تسع سنوات ولم تنضج هوية واضحة للاقتصاد ، وهي ضرورية جداً لنخرج من أزمات تعصف بالوطن والمواطن وتكون موجهاً في اختيار المسؤولين وبناء السياسات وتنفيذها..
ما نشهده اليوم من قرارات وتوجهات و “مصطلحات” يمكن اعتباره دخول نهج جديد في الادارة الاقتصادية الحكومية يمكن أن نسميه – بلا تحفظ – : الاقتصاد الجاهلي؟!!!
كيف تفسر بناء قرارات حكومية تتعلق بصورة الاقتصاد والتنمية بناء على فرض ما يسمى (رسم الدلالة)؟!!
مهنة الدلال مهنة تعود لمئات السنين ، وهو شخص يدلك على عقار للبيع أو الايجار ويأخذ عمولة ، وأقصى تطور للمهنة كان وجود المكاتب العقارية..
حكومتنا اليوم تعيد بقوة مبدأ الدلالة ، ولكنها هي بمقامها الرفيع تعتبر نفسها الدلال وتحصل على عمولات ، قد تصل إلى مليارات الليرات من مشروع واحد؟!!
حكومتنا تعود اليوم لفرض (الاتاوات) بكل معنى الكلمة وهذا ما يحصل اليوم عبر جهود وزارة النقل المستميتة لاعادة فرض الاتاوة على كل راكب تنقله شركات الطيران الخاصة لتعطيه لمؤسسة الطيران العربية السورية لتنقذها من خسائرها وفشلها؟!!
نعم اتاوة في القرن الواحد والعشرين دون مرجع قانوني في دولة حررت اقتصادها وألغت الحصرية ولديها هيئة للمنافسة ومنع الاحتكار؟!!
أصبح سهلاً في المجالس الحكومية تداول مصطلح الاستملاك عند أي خلاف مع مستثمر حتى لو كان الأمر مشكلة عقار لا تحتاجه الحكومة للنفع العام؟!!
تفكر الحكومة في زيادة مواردها بطرق جبائية قسرية لا تعتمد على أي نص قانوني أحياناً وبدلاً من تشجيع الاستثمار والانتاج والرقابة الوقائية وضبط المؤسسات الرقابية والاجراءات وتفعيل دور أجهزة الجمارك والضرائب ، تراها تعالج نتائج تقصير وفشل تلك الجهات بقرارات ارتجالية!!
نتفهم حاجة الحكومة للموارد من أجل خدمة الشعب، ولكن العقل الجبائي واستخدام الأدوات القسرية بدل تشجيع الانتاج والاستثمار هو أمر خاطئ قصير النظر وموارده أقل بكثير من اطلاق المجال للناس كي يعملوا وينتجوا مع رقابة صارمة من الدولة..
نحتاج اليوم لعقلية جديدة جريئة مبدعة في الادارة الاقتصادية ، وإلا ستزداد الأمور سوءاً..