الرباط ــ مصطفى قماس
أكدت السلطات المغربية إصرارها على محاصرة تدفق السلع المهربة، بعد تشديد المراقبة في المنافذ الحدودية التي تُوجت، منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بإغلاق معبر سبتة المحتلة من قبل إسبانيا في شمال المملكة.
وعمدت السلطات إلى إغلاق معبر سبتة الذي ينشط فيه المهربون، وحولت تسعير السلع التي كانت تأتي عبر مليلية إلى ميناء بني نصار، في الوقت نفسه الذي تسعى فيه إلى محاصرة التهريب في منطقة الكركرات الواقعة على الحدود بين المملكة وموريتانيا.
وذهب نبيل الاخضر المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، خلال اجتماع مع جمعية الموزعين في مجال التجارة، أمس الأربعاء، إلى أنّ “المبادرات التي اتخذت لا تفضي إلى القول إنّ التهريب جرى تجفيف ينابيعه، غير أنّه يلاحظ عند زيارة أسواق بشمال المملكة التي تشتهر بتوفير سلع مهربة عبر إسبانيا، أنّ هناك تراجعاً لكميات السلع المعروضة بها، كما أن أسعارها ارتفعت”.
وذكر أنّ بعض المشتغلين بالتهريب الذين حلوا بشمال المملكة من أجل ممارسة ذلك النشاط، “أضحوا يعودون إلى المناطق التي ينحدرون منها”، مشيراً إلى أنّ “العديد من الذين يساهمون في نشاط التهريب ليسوا من أبناء المنطقة”.
وطالب الاخضر الموزعين بالمساهمة في محاربة التهريب، مضيفاً: “يجب العمل من أجل إيجاد حلول لمن يشتغلون بذلك النشاط، حتى لا يتدهور وضعهم. والحلول يمكن إيجادها بالتنسيق مع الدولة والجمعيات المحلية والمجتمع المدني”.
وشدد على أنّ “المغرب أمام مرحلة فارقة على مستوى محاربة التهريب”، مؤكداً أنه “لا يجب التراجع، ما يستدعي مساهمة التجار، خاصة المشتغلين بالتوزيع”.
وسبق للمدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أن أكد أنّ “التصدي للتهريب سيكون في المقام الأول على مستوى النقاط الحدودية”، غير أنه أشار إلى أن ذلك “سيوازيه استهداف مخازن وشبكات التهريب المنظمة، حيث إنّ مكافحة نشاطهم ستكون من دون هدنة”.
ويؤكد محمد الذهبي الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، أنّ تنسيقية التجار التي تضم هيئات ممثلة أخرى، أثارت مع السلطات المعنية، عند مناقشة وضعية التجارة الداخلية، مسألة المنافسة التي يتعرض لها التجار جراء التهريب الذي ينخر الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنّ التهريب يضر المستوردين والتجار المحليين الذين يمتثلون للقانون الجاري به العمل في المملكة.
ودأب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، على الدعوة إلى تجفيف ينابيع التهريب بهدف تشجيع الاقتصاد في البلاد، حيث أوصت دراسة أنجزها الاتحاد بـ”ضرورة تعزيز المراقبة وخلق الشروط التي تساعد على انتقال اليد العاملة من التهريب إلى القطاع الرسمي”.
وتشير دراسة لمكتب رولان بيرجي، إلى أنّ الاستيراد عبر القطاع غير الرسمي يمثل حوالي 4 مليارات دولار، حيث يمثل التلاعب في فواتير الاستيراد 3,6 مليارات دولار والتهريب 400 مليون دولار.
ويتصور مراقبون أنّ قرار منع استيراد السلع المهربة عبر معبرَي سبتة ومليلية، قرار سديد، على اعتبار أنّه يساهم في حماية صحة المستهلك من منتجات يمكن أن تنطوي على مخاطر بسبب عدم التحقق من مصدرها ومكوناتها وتاريخ صلاحيتها، غير أنهم يرون أنه يفترض بالحكومة قبل اتخاذ ذلك القرار، التفكير في أنشطة بديلة لفائدة المغاربة الذين ربطوا معاشهم بالواردات من سبتة ومليلية.
وفي وقت أشار مراقبون إلى الأضرار التي تلحق بالممتهنين للتهريب جراء إغلاق معبر سبتة، قال الاخضر إنّ “فرصة عمل واحدة يخلقها التهريب، تفضي إلى التضحية بعشر فرص عمل في القطاع الرسمي”، مشدداً على أنّ “محاربة التهريب لا تستهدف الأشخاص الذين يتولون نقل السلع عبر الحدود، بل تستهدف المافيا التي تستعملهم”.
وأكد تقرير صادر عن البرلمان المغربي، “ضرورة إيجاد بدائل اقتصادية للمشتغلين بالتهريب المعاشي”، وهو ما يؤكده الاخضر الذي دعا الموزعين إلى المساعدة في إدماج هؤلاء في الاقتصاد الرسمي.