وزير الاقتصاد: القرار الاقتصادي لا يخضع لرؤية وزارة واحدة … بكر: حاكم المركزي ينوي تنزيل الدولار بالمواعظ.. والشهابي: الفريق الاقتصادي يدار بعقلية «الجابي» وزير المالية .
الوطن ـ محمد منار حميجو
على الرغم من أن جلسة مجلس الشعب مخصصة لمناقشة أداء وزارة الاقتصاد إلا أن بعض النواب انتقدوا بشدة الفريق الاقتصادي – اللجنة الاقتصادية- الذي يترأسه وزير المالية مأمون حمدان، داعين إلى أن تجتمع الحكومة وتكلف وزيراً آخر غيره، بحكم أن هذه المرحلة تحتاج إلى عقلية جاذبة للأموال وليست جبائية كما يديرها وزير المالية.
ولم تخل المداخلات من انتقادات حادة لحاكم المصرف المركزي حازم قرفول، وخصوصاً بعد لقائه أمس الأول على قناة «السورية»، كما دعا آخرون إلى ضرورة الحد من استيراد المواد الكمالية، وقبل الدخول في تفاصيل المداخلات أحال المجلس مشروع قانون الاستثمار إلى لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة لدراسته قبل عرضه على القبة لإقراره.
واعتبر النائب آلان بكر أن الفريق الاقتصادي يدار بعقلية وزير المالية الذي «شغلته فقط أن يجبي الأموال، وبالتالي الأجدى أن تجتمع الحكومة وتكلف وزيراً آخر غيره»، مبيناً أن وزير المالية «يتشنج مباشرة حينما يتم الطلب منه أموالاً للمشاريع لأن عقليته جباية».
وانتقد بكر حاكم المصرف المركزي بعد لقائه في التلفزيون أمس الأول بقوله: «بده ينزل الدولار بالأخلاق والمواعظ»، مؤكداً أن هناك سياسات وإجراءات لتخفيض سعر الصرف.
وأشار إلى موضوع الكماليات وأنها تتوافر في المحال، داعياً إلى معالجة هذا الأمر حتى لا يتم إدخالها تهريباً، مشدداً على ضرورة أهمية معرض دمشق الدولي.
وقال زميله صفوان قربي: «لا أتوقع خيراً من لجنة اقتصادية محركها وزير المالية بعقليته الارتجالية وغير المشجعة، باعتبار أن إعادة الإعمار تحتاج إلى عقلية جاذبة لإعادة الأموال المهاجرة، وأن يكون هناك حركة أموال أكثر انسيابية في مرحلة إعادة الإعمار، وبرأيي مازالت هذه الذهنية بعيدة عن عقلية الحكومة».
وأشار إلى ضرورة تفعيل مجالس رجال الأعمال المشتركة بين سورية والدول الصديقة، وانتقاء أفرادها، ورعايتها، بشكل واقعي، وبعيداً عن المحاباة، لافتا إلى ضرورة العمل عبر بوابات المناطق الحرة رغم أنه مازلنا نحبو في هذا الموضوع.
وشدد قربي على ضرورة أن يكون مشروع قانون الاستثمار الباكورة الطيبة ويفتح المجال لمشاريع قوانين أخرى، خصوصاً في مسألة إعادة الإعمار، مضيفاً: «نعمل بخليط اقتصادي غير متجانس».
وقال النائب فارس الشهابي: «الفريق الاقتصادي للأسف لا يدار من وزارة الاقتصاد، بل يدار من وزير المالية بعقلية جباية مختلفة عما تتم الدعوة له، مشدداً على ضرورة ألا يكون مشروع قانون الاستثمار مماثلاً لدول الجوار بل أفضل لأن البلاد تعاني من وضع كارثي نتيجة ظروف الحرب عليها».
وشدد الشهابي على ضرورة تفعيل الذراع الاقتصادية الخارجية من مجالس أعمال وملحقات تجارية باعتبار أن هناك حاجة للتواصل مع الجاليات السورية في الخارج، معتبراً أن دعم التصدير الحالي غير مجد، فالمصدر ينتظر سنة أو أكثر حتى يقبض ولا يقبض نقداً، ومضيفاً: «طرحنا أن يدفع للمصدر نقداً فرفضت الوزارة ذلك وكان جوابها أنه يتم صرفها للمصدر في مطارح أخرى مثل فوائد القروض».
ودعا الشهابي إلى دعم منظومة الشحن وألا يكون هناك كلف عليها وهذا يخرج سورية من المنافسة في هذا الموضوع، مشيراً إلى أن مضمون مبادرة رجال الأعمال لدعم الليرة خطأ وجاءت في وقت كارثي، وهي بداية الأحداث في لبنان، وبالتالي توقفت هذه المبادرة بعد شهرين من محاولات لإقناع الحكومة بإلغائها وتم استبدالها بوضوع مؤونات الاستيراد.
وأكد النائب بسيم الناعمة أن أي قرار يصدر من الفريق الاقتصادي يجب أن يكون مدروساً من جهة الإيجابيات والسلبيات وانعكساته على الوضع الاقتصادي على البلد، مشدداً على ضرورة أن يكون وزير الاقتصاد صاحب الكلام الفصل في أي قرار يصدر عن الفريق باعتباره الموجه الحقيقي للاقتصاد.
وبين النائب طلال حوري أنه من الطبيعي أن تكون يد وزير المالية «كامشة» وبالتالي من يدير العمل الاقتصادي يجب أن يكون كريماً ويدرس أبعاد التنمية القادمة، معتبراً أن هناك خللاً في الإجراءات الحكومية في هذا الموضوع، مشيراً إلى أن قانون الاستثمار المعمول به حالياً وظّف لمصلحة أشخاص، أثروا على مصلحة الوطن والمواطن.
وطالب النائب أحمد حمرا بتخصيص بنك للتجار الذين يستوردن بضائعهم من الدول الصديقة بالليرة السورية بدلاً من الدولار أسوة بالتبادل التجاري بين روسيا والصين، موضحاً أن البنك يمكن أن يحل محل مكاتب التحويل في السوق السوداء، وحينها تكون الدولة هي الأكثر أمناً للتجار الذين كانوا يتعاملون في السوق السوداء.
ولفت النائب علي سليمان إلى أن موضوع التسعير وقبول القيم من أهم العوامل التي أدت إلى استنزاف القطع الأجنبي في البنك المركزي، وساهم من يرأس الفريق الاقتصادي بكادره الجمركي وموظفي البنك المركزي بهذا الموضوع.
وأشار سليمان إلى أنه لا يوجد تشجيع للتصدير والاستثمار، مضيفاً: «إنه مجرد كلام، حبر على ورق»، مشيراً إلى الصعوبات التي عاناها لترخيص منشأة صناعية له.
ولفت زميله مهند حاج علي إلى أن هناك الكثير من المواد الكمالية في السوق مثل السيارات الفارهة التي يصل سعرها إلى مئات ملايين الليرات السورية، وبملابس بمئات الآلاف، وبعض الفاكهة في بعض المولات إلى 20 ألف ليرة الكيلو، علماً أنه في كل دول العالم حينما يحدث فيها حرب يتم إيقاف المواد الكمالية، معتبراً أنه في حال أنها تأتي إلى سورية عبر التهريب فهذه مصيبة، وتساءل: «ألا يؤدي هذا إلى استنزاف القطع الأجنبي بما فيه الدولار؟ وما القيمة المضافة لاستيرادها؟».
ودعا النائب رياض اشتيوي إلى ضرورة الحدّ من إدخال المواد الكمالية، متسائلاً عن وضع المنطقة الحرة بين سورية والأردن، على حين أشار النائب نزار سكيف إلى مشروع قانون الاستثمار، مبيناً أن القانون الحالي من أكثر المطايا للاحتيال على القانون ويفترض أن يكون هناك ضوابط حقيقية، ومن يرد أن يستثمر فله حقوق وعليه التزامات، وخصوصاً أن الدولة تمنح قروضاً كبيرة وبالتالي بموجب هذا القانون تمت صناعة رأسماليين وهميين.
واعتبر بعض النواب أن تهريب المواشي والعواس إلى دول أخرى يسبب أزمة في اللحوم ويزيد بأسعارها بشكل جنوني.
وزير الاقتصاد يرد
أكد وزير الاقتصاد سامر الخليل أنه يوجد دائماً تنسيق مع السياسة العامة والتي تعنى بها عدة جهات، منها الوزارة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، موضحاً أن أجزاء هذه السياسة معنية فيها وزارة المالية، وأما السياسة النقدية، فيعنى بها المصرف المركزي، والتنسيق كامل بين الوزارات.
وبين الخليل أن القرار الاقتصادي يخضع لنقاش واسع، ولا يخضع لرؤية وزارة واحدة، وبالتالي وجود منصة مثل اللجنة الاقتصادية تناقش القرارات الاقتصادية له أثار إيجابية.
واعتبر أن بناء الثقة أمر ضروري وخصوصاً أن هناك الكثير من الناس يتناقلون الشائعات من دون التحقق من مصدرها ما يخلق أثاراً مضاعفة لأي شيء ينقل، مؤكداً أنه لا يمكن أن نعود إلى عهد الثمانينيات باعتبار أن الواقع والوسائل والأدوات مختلفة عن ذلك الزمن، ضارباً مثلاً أن القطاع الخاص في ذلك الزمن بسيط على حين هو حالياً واسع.
ولفت إلى أن هناك تبسيطاً للإجراءات، وهناك انتشار كبير لمراكز خدمة المواطن، كما أنه يتم العمل على اختصار الإجراءات في الوزارات، وهناك اهتمام كبير في هذا الموضوع لأن تكون الإجراءات مختصرة.
وفيما يتعلق بأسعار المواد المستوردة أوضح الخليل أن كل مادة تستورد لها صك تسعيري يصدر عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مشيراً إلى أن هناك دعماً للتصدير رغم محدودية الموارد، مضيفاً: ولو لم يكن بذات السوية أو المستوى والنسب والقيمة لدول أخرى.
واعتبر الخليل أن التعامل مع الدول بالعملة الوطنية أمر مهم، وسورية طرحت هذا الموضوع عبر المصرف المركزي، لكن هذا يحتاج إلى اتفاقيات وترتيبات مصرفية، كاشفاً أن من الدول المتجاوبة مع طرح سورية هي إيران.
وأكد أن الرعاية يجب أن تكون قبل الجباية، مشيراً إلى أن وزارة المالية والحكومة لم تضع ضرائب جديدة بل هناك بعض المسائل المتعلقة بالتحصيل.
وفيما يتعلق بموضوع تفعيل مجالس الأعمال اعتبر الخليل أنها من المسائل المهمة، وأصبحت أولوية، مؤكداً أنه لا استيراد للكماليات، والوزارة لم تمنح أي إجازة استيراد كماليات منذ عام 2016 وحتى اليوم، معتبراً أن ما في السوق كله تهريب، وتجب مكافحته لأنه يشكل استنزافاً للقطع الأجنبي.
ورأى أن تخفيض سعر الصرف بحاجة إلى أخلاق وتوعية الجميع وإلى إجراءات يتم اتخاذها وخصوصاً في مسألة الشائعات التي يتم تناقلها.
وفيما يتعلق بالمنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة، أوضح الخليل أن الجانب الأردني طلب أن تكون هناك حماية للمنطقة، وأنه حالياً تمت إعادة توصيف للمنطقة والأضرار الموجودة، معلناً زيارة لوزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني لسورية في الفقرة القادمة لمناقشة العديد من المسائل منها المنطقة الحرة المشتركة.
وأوضح الخليل أن المنطقة الحرة المشتركة تشجع العمل في المرافئ السورية، وحركة الترانزيت عبر سورية بشكل كبير، باعتبار أن استيراد الأردن يتركز عبر المرافئ السورية بشكل مباشر، ما يحقق إيرادات بالقطع الأجنبي.
وأكد أن مشروع قانون الاستثمار لحظ حقوق المستثمر وواجباته، مؤيداً مداخلة النائب السكيف حول وجود الكثير من رجال الأعمال وخصوصاً في بداية الحرب على سورية أصبحوا أغنياء نتيجة القروض من المصارف وتم تحويلها إلى قطع أجنبي، ومن ثم تمت المضاربة على الليرة السورية، ومن ثم سددوا القروض بفوارق مع ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي، مؤكداً أن التجربة لن تتكرر مرة ثانية.