الضرائب: ومن يتهرب منها غـير الكبار؟

الدكتور سعد بساطة
جريدة تشرين .

للضريبة وظيفة إجتماعية؛ فهي تهدف لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، واعادة توزيع الدخل بين طبقات المجتمع.
فى الدول المتقدمة يعتبر التهرب من سداد الضريبة جريمة مخلة بالشرف تستوجب العقاب والسجن.
أما فى الدول النامية. فإن سداد الضريبة المستحقة –بالكامل- يعـد نوعًا من الحماقة والعبط والسفه!
إذا كان من الممكن أن تدفع عشرة آلاف ليرة بدلًا من عشرين. فمن الغفلة التي تصل إلى الحماقة أن تدفع العشرين!
ولسنا بحاجة لعـبقرية “نيوتن” لنقول أن علاقتنا بالضرائب ومستحقات الدولة علاقة القط بالفأر!
ودائمًا وأبدًا يعتبر المُكلف (دافع الضريبة): أن التهرب أو التحايل هو نوع من الذكاء والشطارة يتنافس فيه المتنافسون!

الكثير من رجال الأعمال والتجار والمهنيين والفنانين والراقصات يؤدون جزءًا من الضريبة المستحقة وهم يعتقدون أن مصير هذه الأموال غير معلوم على وجه الدقة. والعلاقة بين المكلف ومصلحة الضرائب علاقة ملتبسة يشوبها الشك وتخالطها الريبة!
وبدايةً. فإن مصلحة الضرائب تتعامل مع الممولين على أنهم غير صادقين، حيث لم يتعودوا على ذلك! والتاريخ يؤكد ذلك؛ ومأمور الضرائب يعلم سلفًا ومقدمًا بأن الممول لن يعطيه الرقم الحقيقي لدخله.
عزيزي القارئ! هل تعلم من هو الشخص الذي يدفع الضريبة كاملة وافية غير منقوصة؟! هو الموظف المُستخدم الغلبان. وهي ضريبة الدخل حينما تصل إلى مستوى معين! إن إدارة الشركة كانت ترسل لمصلحة الضرائب وكأنها مرشد في الشرطة أو مُخبر في أحسن الظروف، كل قرش أتقاضاه من راتب وحوافز ومكافآت.
الشخص الوحيد في الدولة الذي يدفع الضريبة كاملة وافية شافية هو الموظف! أما التقديرات الجزافية فهي تضطر المُمول وتدفعه دفعًا وبإصرار شديد إلى التهرب والتزوير. حيث إن محصل الضريبة يفترض أن الممول مخادع مراوغ. كما أن الممول يعتقد تمامًا أن فلوسه تذهب إلى بئر عميقة لا قرار لها.
هنا نتحدث عـن التهرب الضريبي خاصة عن أصحاب المهن الحرة، مثل المحامين والفنانين والأطباء وغيرهم من أصحاب تلك المهن.
وهنا أذكــّر بما قاله رئيس مصلحة الضرائب المصرية قبل سنة؛ حيث صرح بأن محاميا مشهورا يملك أكثر من مكتب على مستوى الجمهورية قدم إقرارا ضريبيا لا يتجاوز الـ30 ألف جنيه إيرادات. في حين أن لديه ممتلكات كثيرة. وهو أيضا عضو مجلس نواب يستغل الحصانة في التهرب الضريبي. ولم نسمع عن محاكمته أو تحويله للتحقيق أو حتى فحص دفاتره.
وأيضا ذكر كبار الأطباء والفنانين. وعن إقراراتهم الهزيلة التي لا تناسب أعمالهم ودخولهم وممتلكاتهم. ولو كانوا في بلد فيها قانون محترم لأصبح كل هؤلاء نزلاء السجون. لكن القانون هنا لا يتم تطبيقه إلا على الضعفاء والفقراء والذين لا سند لهم ولا ظهر يحميهم.
ولكن. يداية ً:ماهي الضريبة؟
هي مبلغ نقدي تتقاضاه الدولة من الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة؛ أي تمويل كل القطاعات التي تصرف عليها الدولة كالجيش، والشرطة، والتعليم. أو نفقاتها تبعا للسياسات الاقتصادية؛ لدعم سلع وقطاعات معينة، أو الصرف على البنية التحتية؛ كبناء الطرقات والسدود.

في الأنظمة الديمقراطية تحدد قيمة الضريبة بقوانين يصادق عليها من ممثلي الشعب. عادة ما تعهد وظيفة جمع الضرائب وتوزيعها على القطاعات المختلفة إلى وزارة المالية بعد تحديد الميزانيات. تنص الكثير من القوانين في عدد من البلدان على أن الجباية مبلغ مالي تطلبه الدولة من الذين يتحقق فيهم شرط دفع الضريبة، وذلك دون أن يترتب للدافع عن ذلك أية حقوق مباشرة؛ أي أن شركة تدفع جباية مثلا، لا يمكنها أن تعتمد على ذلك لتطلب محطة حافلات لعامليها (قانونا). في القديم كانت الضريبة تتكون من مبالغ نقدية (كأن يعطي فلاح جزء من محصوله كضريبة مثلا) إلا أنها اليوم تكاد تكون حصرا على النقود. وتوجد هناك عدة أنواع للضرائب، تختلف من دولة لأخرى، وقد يختلف المسمى لنفس الضريبة من دولة لأخرى.
من هذه الضرائب:
الضريبة على القيمة المضافة: وهي من نوع الضرائب غير المباشرة. وهي ضريبة يدفعها المستهلك كلما اشترا سلعة، أو طلب خدمة ما. تختلف قيمة الضريبة من دولة إلى أخرى، وتكون قيمتها عادة بين 7% و20% من ثمن السلعة أو الخدمة.
الضريبة على الدخل: وهي من نوع الضرائب المباشرة أو تسمى أيضا هكذا؛ وهي ضريبة يدفعها الأفراد على دخلهم (الشهري مثلا)، وتدفعها الشركات على ربحها.
الضريبة على الثروة.
الضريبة على المستوردات.
إلخ…
يمكن تصنيف الضريبة حسب طريقة حسابها فنميـّز بين:
الضريبة النسبية: الكل سيدفع 1%. مثلا ً بصرف النظر عـن مدخوله.
الضريبة التقدمية: في نظام الضريبة التقدمية يزداد معدل الضريبة كلما ازداد المبلغ المطبق عليه الجباية.
الضريبة التراجعية: في نظام الضريبة التراجعي يتراجع معدل الضريبة كلما إزداد المبلغ الخاضع للجباية.
نختم بهذه الطرفة: تاجر غـارق بين دفاتر حساباته؛ جاءه عـزرائيل. شعـر بالخوف لأول وهلة (( وسأله “من أنت”؛ أجاب “ملاك الموت لقبض روحك”؛ انفرجت أساريره وقال “بسيطة..افتكرتك “مأمور الضرااائب”..!)).