صالح زكور – خبير تسويق اقتصادي .
في ٢٤ اذار من عام ١٩٠١م ولد دونلد إوين كامرون (Donald Ewen Cameron) ، صاحب نظرية عقيدة الصدمة والتي تقوم على محو الانماط وغسيل الدماغ ، والهدف محو أدمغة المرضى و إدخال أفكار جديدة ، ففي خمسينيات القرن العشرين، اخضع الطبيب النفسي دونلد المرضى لتجارب حرمان من الحواس الخمسة ،فكان يركز على تدمير عنصرين مهمين في عقل المرضى، الاحساس و الذاكرة، حاول إلغاء الذاكرة بواسطة الصدمات الكهربائية وادوية الهلوسة، و إلغاء البيانات الحسية بواسطة العزل التام ، استغلتCIA تجاربه على المعتقلين لاخضاعهم اما للتعاون معها او التخلي عن افكاره ، وطور هذه العقيدة ، ميلتون فريدمان دكتور اقتصاد في جامعة شيكاغو ، عوضاً عن تطبيقها على الافراد اقترح تطبيق نظرية الصدمة على الشعوب، كان يؤمن بفكرة معالجة الاقتصاد عن طريق صدمة الشعوب عبر الكوارث، ومن ثم تطبيق النظام الرأسمالي، وذلك برفع يد الحكومات عن السيطرة على أسعار السوق، كانت تشيلي اولى الدول التي طبقت عليها نظرية فريدمان ، لقد كانت تشيلي في الخمسينيات والستينيات، جمهورية تقدمية، استثمرت الحكومة في مجالات الصحة و التعليم و الاقتصاد، فشعرت الشركات الأمريكية بالقلق الشديد وتهديد حقيقي لمصالحها. ولضرب الاقتصاد التشيلي، أبرمت جامعة شيكاغو اتفاقية مع الجامعة الكاثوليكية في تشيلي، ذهب عدد كبير من طلاب تشيلي للدراسة في شيكاغو، وعاد الطلاب لبلادهم ليعلموا غيرهم، وهكذا يتم محو النظام الاقتصادي القائم واستبداله بالرأسمالية بالتدريج ، في هذه الأثناء خاض سلفادور انتخابات تشيلي، و بالرغم من محاولات الـ CIA عرقلة فوزه إلا أنه فاز. كان صاحب عقلية تهدف لتأميم اقتصاد بلاده، فعملت أمريكا بكل طاقتها على زعزعت الاقتصاد عن طريق طلاب فريدمان التشيليين، و بدعم الإضرابات العمالية، وخلق الاضطرابات في البلد ، وانقلابات عسكرية فاشلة. في عام ١٩٧٣ نجح الانقلاب بقيادة بينوشيه و قتل سلفادور وألقى بينوشيه خطاباً لخداع الشعب ،بأنه انقذ البلد من خطر سلفادور، وان البلاد تخوض حربا دروس، وان كل ما يفعله بدافع الوطنية وإنقاذ بلاده من سلفادور، بعده انتشرت دبابات الجيش في كل مكان، وقاموا باعتقال ١٣٠٠٠ من معارضي الانقلاب وتم تعذيبهم في إستاد تشيلي. في ظل الأجواء القمعية وصدمة الشعب بعد الانقلاب، قام بينوشيه بتطبيق أفكار فريدمان، فأزال الرقابة عن الأسعار، و باع الشركات المملوكة للدولة، وأزال حواجز الاستيراد وخفض الإنفاق الحكومي.لقد أشاد فريدمان بتجربة تشيلي، التي تحولت عبر أفكاره من النظام الشيوعي إلى الرأسمالي.لقد ظهر فشل التجربة جليًا فبعد عام واحد بلغ التضخم ٣٧٥٪ ، وهو أعلى معدل في العالم، فزاد النظام الرأسمالي الأغنياء غنى والفقراء فقرًا، أما الأسر المتوسطة الدخل فهي تنفق ٧٤٪من دخلها على الخبز فقط، كما ألغى “بينوشيه” توزيع الحليب المجاني في المدارس، وأزداد اجر الحافلات والسلع ، فحصل بينوشيه على جائزة نوبل . ولحقت بتشيلي الارجنتين ، ولكن لم تلقى افكار فريدمان بأي اهتمام كبير الا في مطلع الثمانينات عندما استلم السلطة ، رونالد ريغان ومارغريت تاتشر ، فخضعت بريطانيا وامريكا لحكم صبيان فريدمان ،ركزت مارجريت في حملتها على، خفض الإنفاق الحكومي، الحد من ملكية الحكومة للصناعات و تنظيمها، وبعد تطبيق نظرية فريدمان، زادت معدلات التضخم و البطالة، سادة الاضطرابات البلاد، لكن تاتشر رفضت التراجع عن سياستها الكارثية، وبكل وقاحة قالت: عودوا أنتم للوراء إذا كنتم تريدون، فبريطانيا لا تعود للوراء ، ظلت أوضاع إنجلترا ملتهبة، إلى أن حدثت كارثة حقيقية، وهي الحرب بين إنجلترا و الأرجنتين على جزر الفوكلاند، لتمكين تاتشر من تطبيق نظرية فريدمان ، لم تستغرق الحرب سوى ثلاثة أشهر إلا أن مارجريت استغلت الانتصار لكسب شعبية المواطنين، و أطلق عليها لقب ( المرأة الحديدية ) ، زادت شعبيتها مرة أخرى وتولت السلطة مدة أخرى، اتخذت من شعبيتها ذريعة للتوغل أكثر في تطبيق السياسة الرأسمالية، فقامت بخصخصة اغلب مرافق الدولة، الحديد والصلب، الغاز، الماء، الكهرباء، واتسعت الهوة أكثر بين الأغنياء و الفقراء، أما تجربة الولايات المتحدة، فهي لا تختلف عن غيرها، قبل تنفيذ مشروع فريدمان كان راتب المدير ٣٤ ضعف راتب العامل، أما بعد التنفيذ أصبح أجر المدير ٤٠٠ ضعف العامل ، ايضاً هناك تجربة العراق حيث ذكرت الكاتبة “ناعومى كلاين” ان العراق:
تعرض لثلاث أشكال من الصدمة، صدمة الحرب، تلاها مباشرة العلاج بالصدمة الاقتصادية، التي فرضها بول
بريمر، ومع ازدياد المقاومة للتحول الاقتصادي، بدأت صدمة الإكراه متضمنة التعذيب
ترى اي نوع من الصدمة تتعرض لها دول المنطقة ، من خلق عدو محتمل مثل ايران ليستخدم صبيان فريدمان من تطبيق الصدمة وتغيير الافكار والانماط وتتحول اسرائيل لصديق وفي ويتم تمرير صفقة القرن عبر نظرية الصدمة ، ،،،،
كنت في البداية انوي ان استخدم هذه النظرية لتكون احد مواضيعي التسويقية للتحكم بانماط واساليب الشراء لدى المستهلك بما يناسب المنتج ، ولكنني وجدت نفسي اذهب باتجاه الاقصى ومدينة القدس وقرن الشيطان ..طبعاً تعرضت سورية خلال السنوات الماضية للعديد من الصدمات من قبل صبيان فريدمان ( داعش ، ضرب شبكة الكهرباء والبنى التحتية ، قطع الطرق ، تدمير الصناعة ، تسهيل الهجرة ، ووووو ) لكنها استطاعت ان تمتص تلك الصدمات ، لذلك علينا ان نعمل على اعادة الطبقة الوسطى لمكانتها والتي كانت تمتاز بها سورية ، والمحافظة على مكتسبات الدولة الصناعية وتطويرها ورفع الاداء ، ايضاً رفض اي افكار للخصخصة والعمل على خفض التضخم ومحاربة الفقر .