حسناً.. لنفترض أن معمل العصائر بدأ الإنتاج، فهل ستحلّ مشكلة تصريف موسم الحمضيات..؟.
حسب المعنيين فإن طاقة المعمل لا تتجاوز 50 ألف طن سنوياً أي 5% من الإنتاج الإجمالي للحمضيات الذي يتجاوز المليون طن..!.
وبحسبة بسيطة سنكتشف أن إجمالي المسوّق من موسم الحمضيات حتى الآن لا يتجاوز 335 ألف طن: داخلياً (300 ألف طن) وخارجياً (34.351 طناً) أي بحدود أربعة أضعاف ما سيستجره المعمل..!.
ومع ذلك يبقى السؤال: ماذا سيفعل المنتجون بالكمية الفائضة التي لا تقل عن 700 ألف طن..؟.
كما نرى فإن معمل العصائر اليتيم الذي تتقاذفه الجهات المعنية منذ عام 2015 ليس الحل، إلا إذا “تحمّس” المستثمرون وقرروا بناء 20 معملاً للعصائر..!.
منذ خمسة أعوام تناقش الجهات المسؤولة عن تنفيذ المعمل وتدرس وتقترح وترفع الدراسة إلى هيئة تخطيط الدولة، وهذه الدوامة مستمرة دون كلل أو ملل مع ما يعنيه ذلك من هدر للزمن والإمكانات..!.
وها هي مؤسسة الصناعات الغذائية تعيد الدراسة مجدداً إلى هيئة التخطيط (بعد التغيرات التي تم تسجيلها على مؤشر سعر الصرف وانعكاسها ارتفاعاً على أسعار التجهيزات والمعدات والآلات التي من المقرر استيرادها من أجل الإقلاع بالمعامل)..!.
لا ندري من المسؤول عن إشاعة انطباع كاذب لدى الفلاحين بأن معمل العصائر سيحل مشكلة تصريف إنتاجهم وينقذهم من “الضمّينة” ومن تجار أسواق الهال..!.
ربما لأن هذا “الإيحاء الكاذب” يعفي الجهات المعنية العامة والخاصة من مسؤولياتها بتصريف الفائض من الحمضيات الذي لا يقل عن 700 ألف طن..!.
وتتباهى الجهات المسؤولة بأن حمضياتنا تتمتع -حسب التحاليل وشهادات وتقارير الخبراء- بأفضل نكهة وطعم على مستوى العالم..
حسناً.. أليس هذا اعترافاً بالتقصير والعجز عن تصدير الحمضيات الأفضل عالمياً إلى الأسواق الخارجية..؟.
نعرف جميعاً أن العالم يتجه لاستهلاك المواد الغذائية العضوية أي الخالية من المبيدات والأسمدة الكيماوية، أي أن حمضياتنا جاهزة للتصدير لأي بلد يشجّع على استهلاك السلع العضوية.. فلماذا لم تنجح الجهات العامة والخاصة بتصدير أكثر من 34 ألف طن..؟.
ومنذ سنوات نسمع بمشاريع لإقامة خطوط نقل بحرية بين سورية وعدد من البلدان المستهلكة للحمضيات، ولكن بقيت هذه المشاريع حبراً على ورق لأن الجميع يجيد فقط هدر الزمن والإمكانات طالما الخاسر دائماً وأبداً هو الحلقة الأضعف: الفلاح..!.
وبدلاً من التعويل على معمل لن يحل المشكلة، يجب التشجيع على التصدير ما دام الدخل المحدود لا يسمح لملايين السوريين باستهلاك الفواكه يومياً كالحمضيات..!.
وتصدير الحمضيات لا يمكن أن يتم بطريقة “الدوكمة” فهي تحتاج إلى مراكز للفرز والتوضيب والتشميع، التي لا تزال أعدادها قليلة لأنها آخر اهتمامات التجار المصدّرين.
وكان يمكن لاتحاد الفلاحين أن يقيم بعض هذه المراكز لدعم مزارعي الحمضيات بدلاً من الاكتفاء بمطالبة الحكومة بالدعم والمساندة..!.
ولا يوجد سبب لعدم إقامة الاتحاد مراكز للتوضيب والفرز والتشميع، أي تجهيز الحمضيات للتصدير، كما لا يوجد من مبرر للاتحاد لعدم إقامة أسواق تعاونية لتسويق الحمضيات بأسعار تشجيعية..
لكنه لم يفعلها حتى الآن.. ترى لماذا..؟!.
البعث ـ علي عبود