على ذمة الصناعة: والمؤسسات تشتكي من التهريب والأسعار وأداء الإدارات وقدم الآلات
هناء غانم
تجاوزت أرباح القطاع العام الصناعي 20 مليار ليرة خلال العام الماضي (2019)، وذلك من إجمالي مبيعات بلغت 269 مليار ليرة، ما يعني أن نسبة الربح إلى المبيعات 7.4 بالمئة، وهو رقم ضئيل، وأقل بكثير من معدلات الفائدة السنوية على الإيداعات المصرفية، ما يجعل العائد غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية، وتضعف دور القطاع العام في الشأن الاجتماعي.
ورغم ذلك، فإن الأرباح المحققة تزيد على ضعف الأرباح المخططة وهي نحو 10.7 مليارات ليرة.
وأظهر التقرير الأخير الصادر عن وزارة الصناعة ومؤسساتها المتضمن تتبع التنفيذ والمؤشرات والمتغيرات الاقتصادية (حصلت «الوطن» على نسخة منه) أن أعلى نسبة ربح في الوزارة حققتها المؤسسة العامة للصناعات الهندسية، إذ بلغت نحو 10.3 مليارات ليرة، وذلك رغم وجود العديد من الصعوبات التي تعاني منها المؤسسة ولاسيما لجهة تأمين المواد الأولية وارتفاع أسعارها بسبب عدم الشراء مباشرةً من الشركات الصانعة نظراً للمقاطعة والحظر المفروض على سورية، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، إضافة إلى صعوبة تأمين القطع التبديلية بسبب الحظر وارتفاع الأسعار والرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج، وكذلك ارتفاع أجور الشحن، وانخفاض التوتر الكهربائي من الشبكة الرئيسة وانقطاعه، ما يتطلب تشغيل المولدات الاحتياطية، والأهم ارتفاع ديون القطاع العام وعدم قيام بعض مؤسسات القطاع العام بتسديد أرصدتها.
إضافة إلى النقص الحاد في العمالة الفنية والخبيرة وعدم توفر وسائل النقل لدى أغلب الشركات مع الصعوبة في تأمين القطع الأجنبي من أجل استيراد المواد الأولية.ولم يخف التقرير أن هناك نقصاً في تأمين الخردة الكافية لشركة حديد حماة بالكميات الكافية لتشغيلها على ثلاث ورديات حيث يتم تأمين 4000 طن شهرياً علماً أن الحاجة الفعلية 12000 طن شهرياً، كذلك المازوت علماً أن المؤسسة بحاجة إلى تأمين 300 ألف ليرة شهرياً للاستمرار في العمل حتى إن هناك تأخيراً في إيصال المبالغ المخصصة للخطة الإسعافية.
وقد حققت المؤسسة العامة للتبغ أرباحاً بلغت 3.8 مليارات ليرة سورية رغم قدم خطوط الإنتاج وعدم توفر قطع التبديل الأساسية والذي يعود بعضها إلى السبعينات.وانقطاع التيار الكهربائي المفاجئ مما يؤثر على أداء الآلات وتوقفها، إضافة إلى توقف بعض خطوط الإنتاج وعدم الإلتزام ببرامج التوريد وعدم توفر الخبرات الكافية.
في حين حققت المؤسسة العامة للصناعات الغذائية أرباحا بلغت نحو 3 مليارات ليرة، أيضاً رغم الصعوبات المتمثلة بقدم الآلات والتجهيزات، لاسيما في شركة ألبان دمشق، وعدم توفر مادة الحليب بالكميات المطلوبة للإنتاج، وعدم توفر مادة بذور القطن، والمازوت، الأمر الذي أدى إلى توقف الإنتاج، كذلك التأخر بتسعير مادة بذور القطن، مما أدى إلى تراكم مخازين الكسبة، وارتفاع ضريبة الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 20 – 30 بالمئة، والاهم وجود منتجات مهربة الأمر الذي ينعكس على المنتج المحلي.
وأوضح التقرير أن المؤسسة العامة لصناعة الإسمنت ومواد البناء قد حققت أرباحاً بلغت نحو 2.6 مليار ليرة، رغم العديد من الصعوبات، إذ تعاني المؤسسة من ضعف استجرار مؤسسة عمران لمادة الإسمنت للكميات المخططة لها، إضافة إلى قدم والآلات وخطوط الإنتاج.
وللأسباب نفسها لم تتجاوز الأرباح التي حققتها المؤسسة العامة للصناعات النسيجة 1.4 مليار ليرة، إضافة إلى الصعوبة في تأمين التمويل اللازم لاستكمال عمليات الاستبدال والتجديد، وتردي نوعية الأقطان الموردة وغيرها، على حين نجد أن المؤسسة العامة للصناعات الكيمائية لم تتجاوز أرباحها 126 مليون ليرة نظرا لعدم قدرة الشركات العامة على مجاراة القطاع الخاص في تسهيلات الدفع عند تسويق المنتجات من حيث (نسبة العمولة، الدفع الآجل، توزيع عروض..الخ) كما أن اعتماد أسلوب البيع عن طريق وكلاء كما في الشركة الطبية العربية يؤدي أحياناً إلى ارتفاع قيمة الاستجرارات عن قيمة الضمانات المقدمة من الوكيل، الأمر الذي يعرض الإدارات لمساءلة الرقابة الداخلية، إضافة إلى الحاجة الدائمة لإجراء تعديلات في دفاتر الشروط اللازمة للإعلان عن المشروع في ضوء عدم استقرار الأسعار في الأسواق وتقلباتها بشكل دائم، وضعف السيولة المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية في بعض الشركات، مع وجود صعوبة ذاتية تتعلق بأداء الإدارات وقدرتها على التعامل مع الظروف الطارئة وإيجاد الحلول للمسائل العارضة.
وأشار التقرير أن أرباح المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان لم تتجاوز 426 مليون ليرة نظراً لتراكم الديون المترتبة على شركات الغزل والنسيج والزيوت النباتية وعدم دفع الالتزامات المترتبة عليها، إضافة إلى الانخفاض الكبير في كمية الأقطان المحبوبة الموردة للمؤسسة من قبل الفلاحين وذلك مقارنةً بتقديرات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ما ينعكس سلباً على نسب تنفيذ الخطتين الإنتاجية والمبيعات.
وذكر التقرير أن هناك خسائر في المؤسسة العامة للسكر تجاوزت 2 مليار ليرة وذلك لعدم استكمال واستثمار بعض المشاريع الاستثمارية المتعاقد عليها مع شركات أجنبية، وتأخر تنفيذ عمليات الاستبدال والتجديد في الشركات بسبب عزوف بعض العارضين عن تقديم العروض أو ارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير، وعدم توفر السيولة المالية لتنفيذ عمليات الاستبدال والتجديد في بعض الشركات بسبب عدم توفر فوائض متاحة في هذه الشركات وخاصةً شركة سكر تل سلحب لكون محصول الشوندر محصولاً استراتيجياً مدعوماً زراعياً وعدم وجود أي دعم صناعي لتحقيق مردود اقتصادي من تصنيعه.