خيوط هذه العملية، كشفتها الدعوى القضائية التي قدمتها الشركة المدعية، وعرضت فيها أنها شركة لبنانية قابضة، ينحصر دورها بالمشاركة في شركات ناشئة، وأن المدعى عليه “فؤاد. ي” قدّم نفسه للشركة كخبير معلوماتية، وأنه يعمل على تطوير مشروع منصة الكترونية تشكل ثورة في عالم الاتصالات، كما يطوّر هذه المنصة عن طريق شركتين يملكهما في لبنان والخارج، وأنه يرغب بمشاركة الشركة المدعية من أجل دعمه في تطوير هذه المنصة.
ما إن استكمل الشاب عرض فكرته على الشركة المدعية، حتى نال المشروع اعجابها واهتمامها، ووافقت على مشاركته فيه، وتم الاتفاق على تمويل المشروع بمبلغ 3.500.000 دولار (ثلاثة ملايين وخمسماية ألف دولار أميركي)، وتبين أن المدعى عليه صرّح للشركة المدعية أن لديه فريق عمل هندي يعمل على تطوير المنصة الالكترونية، الا أنه أفاد لاحقاً أن الفريق المذكور استقال من مهمته، لكنه ما لبث أن عيّن فريقاً أرمنياً جديداً لمتابعة تطوير المنصة.
بناء على طلب الخبير المذكور، أرسلت الشركة المدعية إلى أرمينيا أشخاصاً من قبلها، للكشف على الشركة والمشروع، فاستقبلهم المدعى عليه وقاموا بالكشف على الشركة الّا أن الأخير لم يعطهم أية معلومات عن المنصة الالكترونية بحجة حماية المشروع، وبالفعل استكمل الاتفاق بين الطرفين، وتسلّم المدعى عليه من الشركة القابضة، مبلغ 3.500.000 دولار (ثلاثة ملايين وخمسماية دولار أميركي) على دفعتين، جرى تحويل هذا المبلغ إلى شركته في الخارج، وبعد استلامه للدفعة الثانية بمدة قصيرة توارى عن الأنظار.
بعد انقضاء المهلة المتفق عليها لتسليم المشروع، لم تتلق الشركة أي شيء، فحاولت الاتصال به الّا أنها لم تعثر عليه، وبعد أيام حضر إلى لبنان الفريق الأرمني وتم تسليم الأقراص المدمجة التي تمثل المشروع، الّا أنه بعد كشف الخبراء المعنيين من قبل الشركة المدعي على الأقراص المدمجة، تبين أنها لا تحتوي على أي منصة جديدة، بل هي عبارة عن منصة موجودة في الأسواق ويتم تداولها، وأن كل ما عرضه المدعى عليه أمام الشركة هو عبارة عن عميلة قرصنة قام بها للمنصة المذكورة، من أجل تغيير اسم المنصة واستعمالها على أنها منصة جديدة تم إنشاؤها من قبله، فانطلقت مجريات الملاحقة أمام القضاء حيال هذه العملية الاحتيالية.
قاضي التحقيق في جبل لبنان، الذي أجرى تحقيقاته خلص إلى نتيجة تفيد بأن المدعى عليه مارس المناورات الاحتيالية من أجل الاستيلاء على أموال الشركة المدعية، عبر ايهامها بالدخول في المشروع، الذي من شأنه العودة عليها بأرباح طائلة ومن ثم توارى عن الأنظار، وبعد الاستيلاء على أموال الشركة، خلص قاضي التحقيق الى اتهام المدعى عليه “فؤاد. ي” بالجناية المنصوص عنها في المادة الثانية من قانون مكافحة تبييض الأموال، وجنحة المادة 655 من قانون العقوبات، الخاصة بجريمة الاحتيال.