خاصّ – الخبير السوري:
رفع رجال أعمال سوريون الصوت بشأن القروض المتعثّرة..والمناسبة التي جدّدت المطالبة، كانت تحرير حلب ودعوة من هاجر منهم للعودة، إلّا أن بعضهم أبدى مخاوفه وطلب أن تُرفع عنه قرارات منع السفر، التي رتبتها حالات التعثّر عن سّداد القروض وفوائدها المتراكمة..بالتالي عودتهم تعني عدم قدرتهم على المغادرة مجدداً، وهذه مشكلة تكفي لوحدها لإبطال مفعول كل الدعوات والفرص والوعود.
لقد وصلت المسألة إلى طريق مسدود حالياً، ولا بدّ من حلّ مدروس بعناية فائقة، يضمن حقوق المصارف الدائنة، ويعطي ضمانات للمقترضين بحرية الحركة ليتمكّنوا من الحراك والاستثمار لتسديد ما استحق عليهم من قروض وفوائد.
وعلى الأرجح ثمة صيغة يجري العمل عليها حالياً، في أروقة صاحبة اختصاص، للوصول إلى حلّ لا بد منه، مهما تأخر الزمن وطال.
في بدايات العام 2015 ..أي قبل الإجراءات التي لجأت إليها الحكومة الراهنة، وأسفرت عن استرداد حوالي 200 مليار ليرة، و كانت بحوزة مقترضين لم يكونوا معثرين بكل معنى الكلمة..منذ بدايات ذلك العام، انعقد اجتماع بين ممثلين عن وزارة السياحة و وزارة المالية ومصرف سورية المركزي والمصارف، لإيجاد حلول لمشاكل المشاريع المتوقفة والمتضررة، وذلك ضمن متابعة تنفيذ قرار اللجنة الاقتصادية الخاص بموضوع إعادة تأهيلها وتشغيل هذه المنشآت إن كان من خلال قروض ميسرة، أو وفق مبدأ التشاركية.
اللجنة خلصت إلى وضع توصيات تم رفعها للجنة الاقتصادية بعد دراستها من مصرف سورية المركزي، ومن هذه التوصيات اقتراح أن يتم تعديل بعض قرارات المصرف المركزي مثل السماح للمصارف الخاصة بشراء القروض المتعثرة من المصارف العامة، بحيث يقوم المصرف الخاص وفق ضمانات محددة بشراء القرض من المصرف العام، وهناك اقتراح بضمان القروض المتعثرة لدى المصارف العامة بوضع ودائع تعادل قيمتها.
و تمت التوصية أيضاً بتأسيس شركة خاصة قابضة من المصارف المعنية والمستثمرين بنسب أسهم خاصة لبعض المشاريع المتعثرة، وتم عرض أن يكون هناك ملتقى خاص بالمشاريع المتعثرة تحت عنوان «المشاريع الخاصة»، بحيث يتم خلال الملتقى إيجاد شريك خاص للمشروعات المتوقفة أو من خلال إيجاد شريك يقوم بشراء القرض من المصرف العام وفق اتفاق يضمن الرضا لكلا الطرفين.
ومن التوصيات أيضاً اقتراح إصدار مرسوم لجدولة القروض مع إعفاء هذه القروض من الفوائد وغرامات التأخير، وهو بحاجة إلى دراسة لمعرفة العبء المتحقق على الدولة نتيجة لهذا المرسوم، وهناك اقتراح بإصدار مرسوم لتجميد الفوائد والغرامات خلال فترة الأزمة.
ومن التوصيات التي تمّ اعتمادها، أن يتم السماح لمنشآت المشاريع المتعثرة بالانتقال إلى شركات مساهمة من خلال إصدار تشريع يعفيها من رسوم التحول من خلال الإعفاء من الرسوم المحددة الخاصة بهذا الإجراء.
وبالنسبة للمشاريع التي وصلت نسبة إنجازها إلى نسبة كبيرة أو بعض المشاريع التي يتم اعتبارها استراتيجية ، كان من الممكن أن يتم منحها قروضاً إسعافية من المصارف لإكمال إنجاز هذه المشاريع ووضعها في الاستثمار، وفق معايير يتم تحديدها على أن تكون مشاريع استراتيجية وصلت نسبة انجازها إلى 90 بالمئة بشروط إقراض ميسرة وبفائدة منخفضة وفترة سماح أكبر إلى حين وضعها بالاستثمار.
كما تمت التوصية بالإسراع بتأسيس مؤسسة لضمان المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقوم وزارة الاقتصاد بالعمل على ملفها لما قد يساهم ويساعد في حل بعض الاشكاليات لهذه المشاريع المتوقفة، كما تم التوصية بتفعيل أنظمة المصارف الإسلامية بحيث يتم السماح لها بالمشاركة بالتملك، وأوصت اللجنة بتعديل قراري المصرف المركزي رقم 579 و902 للحد من ضوابط إعادة الجدولة وخاصة في موضوع فترات السماح.
وتمّ تقسيم المنشآت المتوقفة بسبب القروض المتعثرة، إلى شرائح مع مراعاة كل حالة على حدة، وأن هذا التوجه يشمل المشاريع الحكومية المتعاقد عليها ومشاريع الاستثمار والمشاريع الخاصة. إضافة إلى العمل على مشروع الاستثمار السياحي وإعداد المشروع الوطني لتشجيع وتطوير الاستثمار السياحي في سورية بتضمين عدد جيد من المشاريع الجاذبة الصغيرة والمتوسطة والترويجية الكبرى.
والآن السؤال..ألا يصحّ أن نعود لاعتماد مثل هذا الحلّ؟؟
أليس فيه ضمان لحقوق كلّ الأطراف..؟؟
الحقيقة أن المسألة بحاجة إلى وجهات نظر جديدة..وربما إلى مبادرة من قطاع الأعمال عبر الاتحادات المشرفة ” صناعة، تجارة، سياحة” فالتحرك باتجاه رؤية الحل يجب أن يكون ممأسساً وليس إفرادياً، وعندما يكون كذلك بالتأكيد سوف يكون هناك استجابة حكومية ..على الأقل لدراسة ما يرد مقصورة القرار التنفيذي من مقترحات..لأنها تكون مقترحات مسؤولة وليست ارتجالية.