سيريا ستيبس – ريم ربيع
بدا واضحاً خلال ندوة الأربعاء التجاري أمس تزايد الشرخ بين المستوردين من جهة وقرارات الاقتصاد وآليات التمويل من جهةٍ أخرى، فرغم القرارات العديدة لضبط التعامل وتنظيم الاستيراد والتصدير، لم يصل الطرفان بعد لنقطة لقاء، بل على العكس كلما زادت القرارات تخوّف المستوردون وضاعوا في متاهات الممنوع والمسموح، إذ بدا من خلال النقاشات أن عدداً كبيراً من التعاميم لا يزال غير واضح حتى بالنسبة لممثلي المصرف المركزي الذين اختلفوا حول نقاط عدة.
مديرة مديرية العلاقات الخارجية في المصرف المركزي لينا يحيى، أكدت أن المرسوم 3 لعام 2020 ليس “بعبع” كما يعتبره بعضهم، فهو لم يمسّ بأي من تعاملات المستورد والمصدر، وإنما جاء لتشديد عقوبات المرسوم رقم 54 لعام 2013 وحسب، معتبرة أن التعليمات التنفيذية المنتظرة لا داعيَ لها ما دام لها أساس في المرسوم 54، كما أن الحاكم شدد على ضوء الشكاوى الأخيرة على إغلاق كل شركات الصرافة المخالفة للتوجيهات، مؤكدةً أن أقصى حدّ للعمولة المقدمة لشركة الصرافة من التاجر عند التمويل هي 15% وكل ما يفوق ذلك هو نتيجة مزاودة التجار وتقديمهم نسباً أعلى.
وحول تمويل المستوردات بيّنت يحيى أن مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية هم من حددوا المواد الأساسية ضمن فئة مكونة من 12 مادة تمول بالسعر الرسمي، وفئة ثانية ضمّت كل مستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي تموّل حسب السعر التفضيلي، فبمجرد أن يقدم الصناعي كتاباً من مديرية الصناعة بأن ما يستورده مواد أولية يموّل بالسعر التفضيلي، أما المواد المخصصة للأغراض التجارية فيمكن للتاجر تمويلها من حساباته بالقطع الأجنبي في الداخل أو الخارج، أو يشتري القطع من المصارف، أو يتجه لشركات الصرافة وفق القانون، ما دفع المستوردين إلى السؤال عن آلية الطلب من مكاتب الصرافة وما هي حدود الممنوع والمسموح، إلا أن إجابة يحيى كانت عمومية وتشرح نصوصاً قانونية دون أن تصل بنتيجة مرضية للتجار..!.
وخلال الندوة التي نادراً ما تشهد هذا الحضور الكبير من التجار والصناعيين طالب كثُرٌ المصرف المركزي أو شركات الصرافة بتسريع التمويل وأن يكون دفعة واحدة، فبعض البوليصات تتطلب من 6 أشهر إلى سنة، كما أن العقوبات تمنع الشركات الخارجية من التصدير لسورية ومن الصعب إيجاد بدائل، في حين أوضحت يحيى أن المصرف معني بتلبية الجميع وبذلك هو غير قادر على منح كامل الفواتير معاً، لافتةً إلى أن ما يقدّم للبنك من تغطية للتمويل مختلف عن المؤونة، وهو مقابل قيمة قطع يطلب التجار من المصرف أن يبيعه لهم، والبعض رآها عبئاً لكن الغاية منها ضبط الانفلات والمضاربات.
بدوره بيّن معاون رئيس الدراسات القانونية في المصرف المركزي حسان علوان، أن نطاق عمل الضابطة في التعاملات الداخلية فقط، والرقابة مكتبية على الوثائق والسجلات، كما شدّد مراراً على عدم المخالفة على الحيازة، ما أثار حفيظة الحضور الذين ذكروا له أمثلة كثيرة عن حالات تفتيش لأشخاص وسجنهم بناءً على ما وجد بحوزتهم من قطع، وطالب غسان القلاع بوضع توضيح لمعنى الحيازة إلا أنه لم يلقَ جواباً مرضياً، وخلال الحديث عن رقابة شركات الاستيراد والتصدير ظهر تناقض وصل إلى جدل واضح بين ممثلي المصرف، إذ بيّنت يحيى أن الحاكم وجّه بعدم دخول الضابطة أبداً لهذه الشركات لأن تعاملها كله بالقطع الأجنبي ووفقاً لإجازات استيراد ومن الطبيعي وجود فواتير بالقطع الأجنبي نافيةً بشكل قاطع دخول الضابطة لتلك الشركات، إلا أن علوان أكد أنه والضابطة دخلوا الشركات وتم الكشف على الإجازات دون أية مخالفة تذكر، فليس مهماً وجود القطع فيها بل توضيح التعامل التجاري.
وأثار عضو غرفة تجارة دمشق منار الجلاد نقطة خلافية حول آلاف الباعة والحرفيين في السوق الذين لديهم علاقات تاريخية مع زبائن عرب وأجانب، يشترون منهم ضمن السوق بالقطع ليتم تصدير كميات صغيرة دون شهادة تصدير وهو ما توقف نهائياً بعد المرسوم ما عطل القسم الأكبر من التصدير، مطالباً بعدم تطبيق قرارات الكبار على الصغار وعدم الاكتفاء بالسماع للغرف دون النزول إلى السوق، فلن يصرف تاجر أجنبي القطع مقابل 700 ليرة ليشتري بضائع، ورغم الجدل لم يتوصل ممثلو المصرف إلى حل تجاه هذا الأمر معتبرين أنه مخالف بشكل صريح.
وأشارت يحيى رداً على بعض المداخلات أن مكاتب الشحن وتعاملاتها بالقطع تتم دراستها حالياً إلا أنها تتطلب وقتاً، مؤكدةً إمكانية استمرار المكاتب بعملها كما جرت العادة، إلا أن الخوف من العقوبة شلَّ حركة المكاتب ريثما تصدر تعليمات واضحة، وحول سعر بيع الدولار للمصدّر داخل البلاد بقيمة 700 ليرة +15% كدعم تصديري بيّنت يحيى أن مصدّرين وصناعيين وغرف صناعة أبدوا ارتياحهم لهذا السعر، علماً أن لا أحد مجبر على بيع ما بحوزته للمصرف .