خيراً فعلت الحكومة بإعادة تقييم تجربة تجميع السيارات وحكماً توصّلت إلى رؤية دقيقة حول هذه التجربة ويُفترض أنها وصلت إلى معطيات تستوجب اتخاذ قرارات جديدة بشأن هذه التجربة.
البيانات الرسمية تشير إلى أن تجميع حوالي 13 ألف سيارة استلزمت تمويلاً بما يقارب الـ 70 مليون دولار بما يعني أن تكلفة السيارة تعادل حوالي 5400 دولار ولو أضفنا الرسوم الجمركية 40 % بالنسبة للسيارات سعة ) 1600 c c ) فهذا يعني أن تكلفة السيارة ستصل إلى 7000 ولو أضفنا العمالة والربح فإنها ستصل الى 10 ـ 12 ألف دولار وهذا يعادل أسعار السيارات لنفس الماركات في دول الجوار ولكن في الأسواق السورية تباع بضعف السعر وهذا المردود بمجمله يذهب إلى التاجر وليس إلى خزينة الدولة ولا المواطن رغم أن الحكومة منحت شركات التجميع تخفيضات للرسوم من 35 % الى 5 % من مبدأ القيمة المضافة على تجميع السيارات.
أعتقد أن الحكومة أعادت تقييم عملية التجميع وفقاً لهذه المعطيات عدا عن الأمور الفنية والتقنية والجودة التي أدخلت ماركات ونوعيات غير جديرة وتعتبر سيئة بمقاييس الجودة والأمان.
تجربة تجميع السيارات في ظل المعطيات الحالية لم تقدم قيمة مضافة لا للمواطن ولا لخزينة الدولة والشيء الوحيد الذي أثبتته أن السيارات قابلة للفك والتركيب، فالتجميع بصورته الحالية هو توريد للسيارات ومن ثم فكّها في دول الخليج وإدخالها بشكل قطع وإعادة تركيبها في سورية بتقنيات بسيطة وليست خطوطاً حقيقية الأمر الذي يجمع المشكلات الفنية الناتجة عن الفك وإعادة التركيب وهذا لمسه الكثيرون ممن اقتنوا هذه السيارات، وهذا سبب لإحجام الماركات العالمية عن توطين التجميع في دول أخرى.
لو كانت تجربة التجميع ناجحة لكانت أعطت قيمة مضافة لسوق السيارات السورية مقارنة بدول الجوار على الأقل ولكن الفرق كبير بين أسواق السيارات السورية وأسواق الدول الأخرى ولو أبقينا على الاستيراد وفق ضوابط لكان الأمر أفضل بكثير كعائد لخزينة الدولة ولمصلحة المواطن والبيئة والسلامة العامة.