مع أخذنا بكثير من الاعتبار، أن سورية كدولة واقتصاد، مرّت ولا تزال بسنوات من الحرب القذرة التي شنّت عليها، وعلى شتّى الجبهات، وخلّفت الكثير والثقيل من الآثار القاسية على إنجازات كانت حققتها في مختلف المجالات، ما أرجعها إلى الوراء عقوداً..، لكن هذا ليس مبرراً كافياً كي نتغاضى عن القيم الاستثمارية لرأس المال الخاص المحلي والأجنبي، الراغب بالاستثمار في سورية تحت لافتة الـVIP..!؟.
ولعل إعادة حساباتنا الاستثمارية وتناسب القيم المالية مع مستجدات سعر الصرف..، أضحت أكثر من ضرورية، استناداً إلى أن الأزمات الكبيرة هي في صيرورة نهاياتها فرص استثمارية كبيرة، تقتضي بالمقابل رؤوس أموال تتوافق مع قيمة النقد الحالية، لا مع ما كان من قيمة قبل 10 سنوات..!.
ولأن من الخطأ أن يكون الإعمار لما تهدّم فقط، لذا من الضرورة أن يكون البناء مُجَدِّداً لما كان قائماً، وجديداً فيما هو قادم، ليتناسب مع متطلبات التطور الاقتصادي والاستثماري في تنافسيته الإقليمية والعالمية، وإلاَّ فسنظل نراوح في مستنقع التخسير بالتعويض..، ما يحرمنا من أية قيمة مضافة يمكن أن تكون مجالاً لقيم مضافة أخرى واسعة الفرص والعائدات.
ما سبق يقودنا إلى ما نريد الوصول إليه استثمارياً، وتحديداً ما يطلق عليه استثمار الـ”VIP”، وهل هذا النوع أو التصنيف الذي يحظى بالأهمية المتميزة في القطاع الاستثماري مقارنة بغيره، هو فعلاً مهم ومميز..؟.
من المعروف أنه حين يطلق الـVIP على شخص ما، فهذا يدلّ مباشرة على أنه شخص مهم جداً أو شخص مميز أو شخص خاص، بمعنى أنه من أصحاب المكانة والحظوة والنفوذ..، فهل الاستثمار الذي تطلق عليه التسمية نفسها يحظى بالشيء نفسه..؟.
لو عدنا إلى معايير وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، في هذا الشأن، لوجدنا أن الـVIP، بالنسبة لتأسيس الشركات، مرتبط أولاً برأس المال..، أي أن الشركة التي تنال هذا اللقب، يجب أن يكون رأسمالها فوق الـ100 مليون ليرة، وأن نشاطها أو عملها يكون في قطاع مميز ثانياً…
وفقاً للوزارة..، شهد عام 2019 تأسيس 6 شركات VIP، برأسمال فوق المليار ليرة سورية، بينما تم خلال الشهرين الأول والثاني من العام الحالي، تأسيس 5 شركات VIP، وهي شركات تنشط في مجالات النفط والطيران، موزعة إلى شركتين برأسمال 500 مليون ليرة سورية، وشركة برأسمال مليار ليرة، وشركتين برأسمال 10 مليارات ليرة للشركة الواحدة.
والسؤال الأول: كم كانت تساوي الـ100 والـ500 مليون قبل الأزمة بالدولار، حين كان سعره 50 ليرة..؟، الجواب: مليونا دولار و10 ملايين دولار، بينما حالياً أصبح الـ 2 مليون دولار يساوي ملياري ليرة، والـ10 ملايين دولار تساوي 10 مليارات ليرة..! فهل وصلت الرسالة..؟.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، ولو غضضنا الطرف عن الفارق الكبير بين ما كان وما آلت إليه القيم الاستثمارية الحقيقية، وتقصّينا أمر الـVIP، لوجدنا أن بعض أصحاب الشركات المُكنَّاة بـVIP، هم دون غيرهم ممن يتمتعون بـVIP، وبالتالي تكتسب شركاتهم من خلالهم هذه الحظوة، لا العكس، والدليل عرقلة انطلاق نشاط وعمل شركات لها الصفة نفسها..!؟.
نخلص إلى المراد قوله وهو: غير كافٍ أبداً أن تحصل شركة ما على الـVIP فقط، لكونها أعطيت السجل التجاري وأكسبت الشخصية الاعتبارية..، من “التجارة الداخلية..”، بل هناك اعتبارات أخرى مرتبطة بوزارات أخرى يجب إعادة النظر فيها، ليكون الاستثمار VIP فعلاً..!.
البعث ـ قسيم دحدل