في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العالم جراء انتشار وباء كورونا، وما تبعه من انخفاض غير مسبوق في أسعار البترول، أعلنت المملكة العربية السعودية خفضًا جزئيًا في ميزانية عام 2020.
وقال وزير المالية والاقتصاد والتخطيط السعودي محمد الجدعان: “في ضوء التطور الملحوظ في إدارة المالية العامة، وتوفر المرونة المناسبة لاتخاذ التدابير والإجراءات في مواجهة الصدمات الطارئة، فقد أقرت الحكومة خفضا جزئيا في بعض البنود ذات الأثر الأقل اجتماعيا واقتصاديا بما يقارب 50 مليار ريال” (ما يمثل أقل من 5% من إجمالي النفقات المعتمدة في موازنة العام).
اقتصاد متين
وأكد وزير الاقتصاد السعودي على قوة المركز المالي للحكومة، حيث حافظت على احتياطيات وأصول حكومية ضخمة تمكنها من التعامل مع التحديات المستجدة، والحد من التأثير على مستهدفاتها في الحفاظ على الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل.
وبشأن احتمالية استمرار أو تفاقم الآثار المترتبة من انتشار الفيروس وتبعاتها على الاقتصاد العالمي، أشار الوزير إلى أنه “سيتم إعادة تقييم المستجدات ومراجعة بنود النفقات واتخاذ القرارات المناسبة في حينها”.
وتابع: “كما ستواصل الحكومة رفع كفاءة الأداء المالي والاقتصادي، بما يمكنها من المحافظة على المكتسبات المالية والاقتصادية التي تحققت خلال الفترة الماضية”.
مركز مالي قوي
الدكتور عبد الله بن أحمد المغلوث، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، قال إن “قرار الحكومة بخفض 50 مليار ريال، أي ما يعادل 13 مليار دولار خطوة إيجابية تساعد على مواصلة كفاءة الأداء الاقتصادي للمحافظة على المكتسبات المالية”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “المملكة تملك ميزانية ترليونية، ولا ضرر على اقتطاع 50 مليارًا، والتي لا تزيد على 5% من حجم الإنفاق في موازنة المملكة العربية السعودية”.
وتابع: “الخفض الجزئي كذلك كان في بعض البنود ذات الأثر الأقل على المواطنين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهناك بنود أخرى لن تتأثر، وهو ما يسهم في استمرارية العطاء بشكل أكبر”.
وأكد أن “وزارة المالية تتابع الظروف والتطورات، والمملكة تدرك جيدًا مسؤولياتها على مستوى العالم، والأزمات التي يمر بها”، مشيرًا إلى أن “المركز المالي القوي للمملكة، باعتبارها أكبر مصدر النفط، وتملك احتياطات كبيرة، يمكن السعودية من تجاوز كل العقبات، ومواجهة أي تحديات”.
خطوة صائبة
من جانبه قال ماجد بن أحمد الصويغ، المستشار المالي والاقتصادي السعودي، إن “إقدام المملكة العربية السعودية على تخفيض الموازنة بما يعادل 50 مليار ريال، جاء بسبب الهبوط العنيف والقوي لأسعار المفط، وهو قرار جريء”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “القرار يدل على حكمة صناع القرار في المملكة، وإتباع سياسات تتسم بالمرونة، فبعد أن كانت الموازنة ترليونية، تم تخفيضها وذلك بسبب الظروف المالية والأزمة الاقتصادية، والخوف من انتشار حالة الكساد في العالم أجمع”.
وأكد الصويغ أن “السعودية قد تقوم بإعادة الدراسة والنظر في القرار في حال عادت الأمور لطبيعتها، وانتعش الاقتصاد مجددًا، خصوصا أسعار النفط، وسيتم إعادة المبلغ أو أكثر منه وضخه لدفع عجلة التنمية والاقتصاد الوطنية إلى الأمام”.
كورونا وأزمة النفط
وتواصل أسعار خام برنت في العالم نموها منذ صباح أمس الخميس، بنسبة 11.25%، لتصل إلى 27.66 دولار للبرميل الواحد، وفقاً لبيانات التداول.
ويأتي ارتفاع سعر النفط العالمي بعد تراجع كبير له أول أمس إلى أدنى مستوى منذ 17 عاما، في ظل تدهور التوقعات بشأن الطلب واحتمالات حدوث ركود عالمي مع تفشي فيروس كورونا وفي ظل عدم توصل دول “أوبك+” إلى اتفاق جديد حول المزيد من تخفيض أسعار النفط.
وبسبب وباء الفيروس التاجي العالمي، انخفض الطلب على النفط في العالم، مما أدى إلى انخفاض كبير في الأسعار، وفقا لأحدث البيانات، بالإضافة إلى ذلك، فإن التأثير السلبي يعزز فجوة معاملات “أوبك +”، ففي أوائل مارس/آذار، لم تتمكن الدول المدرجة في الاتفاقية من الموافقة على تغيير معايير الصفقة للحد من إنتاج النفط أو تمديده، ولم توافق موسكو على اقتراح المنظمة لزيادة تخفيض الإنتاج وعرضت الحفاظ على الظروف القائمة، مقابل إصرار السعودية على تخفيض إضافي في إنتاج النفط.
ونتيجة لذلك، سيتم في بداية شهر نيسان/أبريل، انسحاب الدول الأعضاء في صفقة “أوبك +” من الالتزامات المبرمة سابقًا. وفي الوقت نفسه، أعلنت الرياض، على العكس من ذلك، عن زيادة في الإنتاج وخفض أسعار الذهب الأسود، مما أدى إلى انهيار عروض الأسعار، منذ بداية العام، حيث تضاعفت الأسعار أكثر من مرتين.