يجهر التجار صباح كل يوم: “هذا ليس زمن الكورونا فقط بل هو أيضا زمننا”..!
وهذا الأمر يتكرر مع كل أزمة تمر بالبلاد والعباد، والثابت الدائم: هذا زمن التجار..!
العالم “مرعوب” من فيروس كورونا، وتجارنا أول اهتماماتهم وآخرها استثمار رعب الناس برفع الأسعار..!
بل إن التجار وجدوا في كورونا استثمارا لم يتوقعوه من قبل، فالناس – المقتدرون ماليا ومحدودو الدخل على حد سواء – استنفروا وتزاحموا على الأسواق لشراء السلع الغذائية وأدوات التعقيم والوقاية بكميات كبيرة “كل حسب استطاعته” وتخزينها تحسبا من الآتي..!
ووجد التجار أن الناس هذه الأيام لن تسأل عن الأسعار، وبالتالي لماذا لا يستغلون رعب الناس إلى ما بعد الحد الأقصى..!
إنهم يرفعون الأسعار على مدار الأيام وليس الأسابيع، ويعرفون جيدا أن الجهات الرقابية عاجزة عن لجمهم وحماية الناس من جشعهم اللا محدود..!
والغريب جدا أن الجهات الحكومية تناشد التجار الرأفة بالناس مفترضة أن لديهم فسحة ولو صغيرة جدا من رحمة أو ضمير..!
من يقارن أسعار المواد ما قبل كورونا بأسعار ما بعد كورونا سيفاجأ بالارتفاعات الجنونية التي فرضها التجار على الناس بلا رحمة وبلا أي حس بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية..!
وإذا كان البعض، وخاصة غرف التجارة، يبرر للتجار في جميع الأوقات رفعهم للأسعار، فإن فيروس كورونا كشف أن هذه المبررات كانت على الدوام واهية، بل وكاذبة..!
لقد اكتشفنا جميعا أن “فيروس” التجار أشد فتكا بالناس أضعافا مضاعفة من فيروس كورونا..!
والمهم في زمن الكورونا اكتشافنا أن جشع التجار حالة غير قابلة للعلاج أو الشفاء، على عكس فيروس كورونا وجميع الفيروسات التي ظهرت سابقا والتي ستظهر مستقبلا..!
حتى “السورية للتجارة” لم تستطع كبح جشع التجار ولجمهم باستثناء المواد الموزعة بالبطاقة الذكية، فهي تقوم بشراء السلع من أسواق الهال أو من المستوردين، أي أنها ستبيعها بأسعار قد تكون أقل من أسعار السوق لكنها أعلى من أسعار ما قبل زمن كورونا..!
لا يهم العدد الكبير من الضبوط والإغلاقات التي تحررها أجهزة الرقابة لأن النتيجة واحدة لم تتغير: ارتفاع يومي وليس أسبوعيا للأسعار، وعجز تام عن كبح التجار المتحللين من أي مسؤوليات اجتماعية ووطنية..!
ولعل ما شجع التجار على الاستمرار في “غيّهم” حاجة الحكومة إلى استمرار توريد السلع للأسواق لأن الناس مصرة على التخزين وكأنّ نهاية العالم أصبحت وشيكة..!
وبالمحصلة: التجار في غاية السرور، ويجهرون صباح كل يوم: هذا زمننا مثلما هو زمن الكورونا..!
علي عبود