ربما لم يعد هناك من يجادلنا بحقيقة عدم وجود رجال أعمال حقيقيين في سورية، إلا من رحم ربي.. فقد تبين للجميع أن من يتصدر مشهد قطاع الأعمال السوري – باستثناء قلة قليلة ربما لا تتعدى أصابع اليد الواحدة – هم مجرد جامعي ثروات بمنأى عن أية مسؤولية اجتماعية تنم عن معدن الرجال!
قوام أعمال هؤلاء هو التطفل على الحكومة، عبر السعي الحثيث لانتزاع الامتيازات والتسهيلات، بذريعة الحصول على مزيد من المرونة، وتحت شعار “دعم الاقتصاد الوطني”، فأغلب ما شيده هؤلاء من شركات وفعاليات ريعية لا يصب في خانة التنمية الحقيقية بقدر ما يستهدف ترسيخ السلوك الاستهلاكي؛ فمن المولات وما تزخر به من مهربات، إلى المطاعم وأسعارها السياحية الموجهة لشريحة تستفز، بإنفاقها وتبذيرها، الـ 80% من الشرائح المعدمة، وليس انتهاء بالمتاجرة بقوت وحاجات المواطن عبر البطاقة الذكية وحصرها بشركة واحدة بعينها ولدت بين ليلة وضحاها!
اليوم، تتبدى أكثر فأكثر بشاعة صورة هؤلاء، إذ تطالعنا صفحات التواصل الاجتماعي بأخبار وصور تبثها أبواقهم الإعلامية – مع التحفظ طبعا على نعتها بـ “الإعلامية” – وتنقل لنا مبادرات أدرجوها ضمن خانة “الإنسانية” في محاولة مكشوفة تحاكي ما تنقله وسائل الإعلام من أنباء حول المبادرات الفعلية لأثرياء العالم لمساعدة دولهم وأبنائها في ظل ما يجتاح العالم من وباء كورونا.. مع الإشارة هنا، بالطبع، إلى وجود بعض ممن اضطلع بمسؤوليته الاجتماعية الحقيقية بعيدا عن أية مزاودة!
فيا أيها المزاودون، وخاصة كبار التجار.. إذا ما أرتم بالفعل أن تتخذوا مواقف الرجال، فلا تتاجروا بالأزمات – كما هو حاصل حاليا – وترفعوا أسعار منتجاتكم مستغلين حاجة الناس لها، ولا تسرحوا عمالكم، أو تقطعوا عنهم أجورهم، نظرا لعدم حاجتكم لهم خلال أيام حظر التجول الاستثنائية، وادفعوا ضرائب دخلكم الحقيقية!
وأخيرا، نعتقد أنه إذا ما فعلتم، فسيكون ذلك أفضل مبادرة تقومون بها في هذا الظرف العصيب!
البعث ـ حسن النابلسي