يمضي لبنان نحو المزيد من الإنهيار الإقتصادي والمالي والنقدي، كما يعاني كغيره من دول العالم من فيروس “كورونا” وتداعياته المرتقبة على مستوى الإقتصاد العالمي.
وتواجه حكومة الرئيس حسان دياب أزمات بالجملة تعمل على مواجهتها أو الحد منها على الأقل من خلال إجراءات وتدابير “موضعية” بانتظار انجاز وإقرار خطّتها للنهوض الإقتصادي والمالي والنقدي المرتقب الإعلان عنها رسمياً في أول شهر أيار المقبل.
وفي قراءة سريعة لمسودّة مشروع الحكومة المرتقب والذي بوشرت دراسته من قبل الحكومة، فإن هذا المشروع وبصياغته المطروحة لا بدّ أن يثير إشكالات كبرى أولاً على المستوى السياسي وثانياً وهو الأهم على المستوى الشعبي، إذ أن المشروع المقترح يدعو الى إعادة هيكلة القطاع المصرفي من ودائع الناس، الأمر الذي سيتسبّب حتماً، وإذا أصرّت الحكومة ومن خلفها مؤسسة “لازارد” العالمية على مصادرة نحو 110 مليارات دولار من أموال المودعين لإعادة ترتيب الوضع المصرفي والمالي.
في غضون ذلك، وبانتظار إنجاز ووضوح خطّة الحكومة الإقتصادية، يستمر الفراغ هو سيد الموقف في المؤسسات المالية التي تشكو من الشغور، كمصرف لبنان الذي ينتظر منذ نحو العام تعيين نوّاب الحاكم الأربعة، ولجنة الرقابة على المصارف التي دخلت الفراغ القانوني منذ نحو أسبوع، وكذلك تعيينات لجنة الأسواق المالية، وأخيراً وليس آخراً، تعيين مفوّض الحكومة لدى “مصرف لبنان”.
وانطلاقاً من الأسباب التي عطّّلت التعيينات المشار اليها أعلاه، فلا يبدو في الأفق ما يشير الى توافق سياسي على تمرير هذه التعيينات، وتالياً المطلوب من الحكومة إنجاز هذا الملف الهام والأساسي، لا سيّما في المرحلة الحالية التي يشهد فيها لبنان أزمة مالية ونقدية خانقة، فعلى الحكومة انجاز هذا الإستحقاق بجرأة وشفافية، أي بعيداً عن المحاصصة ولو أدّى ذلك الى انزعاج أكثر من طرف سياسي وازن في البلاد، فالمصلحة العامة تقتضي ذلك.
وفي معلومات خاصّة بـ”الإقتصاد”، يعمل “مصرف لبنان”، وعلى رغم الفراغ في المجلس المركزي لهيئة الحاكمية على متابعة ومواجهة التحدّيات المالية والنقدية من دون غطاء قانوني، حيث يبادر الحاكم رياض سلامه منفرداً بإصدار التعاميم واتخاذ القرارات التي من شأنها الحدّ من الإنهيار أو تأجيله أو السيطرة عليه اذا أمكن بانتظار عودة نوابه لمشاركته اتخاذ القرارات .
وفي مقابل كل ما تقدّم تمضي المصارف في تنفيذ سياسات خاصّة بها بعيداً عن القوانين المرعيّة الإجراء فهي على سبيل المثال أوقفت بشكل تام التعامل بالدولار الأميركي كما لا تزال تتجاهل تنفيذ تعميم “مصرف لبنان” الأخير المتعلّق بدفع حسابات الودائع الصغيرة لأصحابها دفعةً واحدة (الودائع التي لا تزيد قيمتها عن 5 ملايين ليرة أو 3000 دولار أميركي)، فهذا التعميم الذي صدر قبل نحو أسبوع تتحفّظ المصارف على تنفيذه رغم ترحيبها وتأييدها له وقت صدوره.
باختصار، لا زال الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي مأزوماً الى حدٍّ بعيد، والمواطن يعاني من تبعات هذا الأمر في حياته ومعيشته اليومية لا سيّما على مستوى ارتفاع الأسعار الجنوني بحجّة ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية وعدم توفره في السوق الرسمية، وكذلك بحجّة تداعيات وباء “كورونا”.