نصيب اﻷسرة الواحدة منها 7500 ليرة.. عوائد “اقتصاد الخير”تنعكس قوة شرائية في رمضان
تشكّل ظاهرة الفقر أكبر العوائق التي تحدّ من التطور والنمو الاقتصاديين، ذلك أنها تعوق تنفيذ وإنجاح خطط التنمية، على اختلاف مستوياتها، فهي تضعف الأسواق، التي تتراجع حركتها بتراجع القوة الشرائية للأفراد، وبالتالي تصبح هناك مشكلة في تصريف السلع وتقديم الخدمات، ما يضعف حركة الاستثمارات المحلية والخارجية، ويدفع الحكومات لزيادة الإنفاق العام، ولاسيما على التعليم والطبابة والبنى التحتية والمرافق وغيرها.
وفي الطريق لاحتواء جيوب الفقر، وتقديم المساعدات لمحتاجيها، تعيش عشرات الجمعيات الخيرية في دمشق حالة من “الاستنفار”، بغية إيصال صدقة الفطر والتبرعات إلى الأسر المحتاجة، على شكل مساعدات عينية ومالية، وإن كانت هذه المساعدات لا تسدّ الكثير من الاحتياجات الفعلية لهذه الأسر، كما تؤكد الفرق العاملة على إدارة وتنظيم هذه الجهود الخيرية، التي باتت ترقى في جوهرها وحجمها وتأثيرها التنموي والاجتماعي إلى حدّ تسميتها بـ “اقتصاد الخير”، فماذا عن هذا الاقتصاد وتأثيره والمستفيدين منه؟
عن المؤشرات
ارتفعت صدقة الفطر لرمضان الجاري متأثرة بتضخم الأسعار، لأنها تُحتسب على أساس قوت البلد المخرجة فيه، وبالتالي هي ليست ثابتة، وتخضع في تغيرها لحركة الأسعار، وقد حدّد مفتي دمشق عبد الفتاح البزم مقدار هذه الصدقة بـ 1500 ليرة سورية عن كل فرد، ومثلها مقدار فدية الصوم وكفارة اليمين.
نظرياً، يبلغ نصيب الأسرة الواحدة المكونة من خمسة أفراد 7500 ليرة، علماً أن الرقم الفعلي قد يتجاوز هذا الرقم بكثير، وذلك بالنظر لإخراج فدية الصوم وكفارة اليمين، إضافة للمساعدات والتبرعات وغيرها.. وهي تصرف لأسر محتاجة بعيدة عن محيط أسرة صاحب الصدقة، إذ لا يجوز مثلاً أن تُصرف للأولاد والآباء والأمهات، وعند احتساب الزكاة، فإن الرقم السابق قد يتضاعف، ومعروف أنها تخرج بواقع 2.5 بالمئة عن الأموال التي حال عليها الحول (عام هجري)، وبلغت النصاب الشرعي.
تأثرت بالأزمة..
تأثر مقدار قيمة الصدقة خلال الأزمة، شأنه شأن أي إنفاق آخر، فالأصل فيها أن يتمكّن الفقير المستحق لها من شراء “وجبة مشبعة”، وهكذا كان مقدارها للعام الفائت 600 ليرة للحدّ الأدنى، و1200 ليرة للحدّ الأوسط، وذلك ارتفاعاً من 500 و1000 ليرة لعام 2018، و200 و450 لـ 2015، و300 ليرة لـ 2014، في حين تراوحت في 2011 بين 60 – 65 ليرة، ما يعني أنها تضاعفت، خلال أعوام الأزمة، نحو 20 ضعفاً، وهي بذلك تناسبت تقريباً مع الارتفاعات الحاصلة على الأسعار.
المستفيدون..
من الطبيعي أن تجد الأموال التي صبّت في جيوب الفقراء طريقها إلى الأسواق، ما ينعكس تحسناً ونشاطاً فيها، وهو ما تؤكده الأوساط التجارية التي تشير إلى تحسّن ملحوظ تشهده المبيعات عموماً، والأغذية والألبسة بصفة خاصة، مع تفاوت أهمية هذه المبيعات تبعاً للفترة، فمثلاً تشهد بداية الشهر إقبالاً كبيراً على الأغذية، ثم يتراجع الطلب عليها لمصلحة الألبسة والجلديات والألعاب وغيرها مع اقتراب العيد، وفقاً لما يقول باعة في أسواق دمشق القديمة، حيث يقدّرون تركز نحو 50 بالمئة من المبيعات خلال الأسبوع الأخير من الشهر، فيما يقدّر آخرون أن مبيعات رمضان تشكل بين 40 – 50 بالمئة من مبيعاتهم السنوية.
تشابه وتكامل
يتشابه العمل الخيري ويتكامل مع مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، والتي لا تقف عند حدود التبرعات للمشاريع والبرامج التنموية والخيرية، إذ ثمّة مجالات للعمل ومبادئ يجب أن تلتزم بها الشركات، وسيعود ذلك على المجتمعات والدول بفوائد كبرى، ما يجنبها كوارث وأزمات بيئية واقتصادية واجتماعية، ربما تكون نتائجها أكبر بكثير من التكاليف المترتبة على هذه المسؤوليات والالتزامات، ومنها.. المشاركة مع الفقراء، وحماية البيئة وتطويرها، وحماية الموارد الأساسية كالمياه والغابات والحياة البرية والتربة وتطويرها، ومكافحة الفساد وتجنّبه، والتزام حقوق العمال، ومساعدتهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية كالادخار والتأمين والرعاية الاجتماعية لهم ولعائلاتهم، والمشاركة في الأرباح وغيرها.
مهم جداً..
نظراً للظروف التي رافقت إجراءات الحظر الاحتياطي المتعلّق بالوقاية من فيروس كورونا، وما نجم عنه من تعطل العمال المياومين والمشاهرين عن أعمالهم، صدرت فتاوى تقول بمنح الزكاة لمثل هؤلاء، كما أفتى المجلس العلمي الفقهي بإمكانية تعجيل إخراج هذه الزكاة قبل إتمام الحول، ويجوز أن تخرج من عروض التجارة (أغذية، ألبسة… وغيرها).
أحمد العمار
Ournamar@yahoo.com