اليوم، وبعد أن تحدث السيد الرئيس، وبالعنوان العريض، والصيغة الأشمل، والأوسع تفصيلاً وتنفيذاً، والأبعد في الرؤية، حول إشراك الوحدات الإدارية، من مجالس محافظات ومجالس مدن ومجالس أحياء، بالرقابة التموينية على الأسواق، ما يعني – من جملة ما يعنيه – وجود مظلة عليا ضامنة وراعية ومتابعة لتنفيذ وفلاح الفكرة، لم يعد مقبولاً أبداً سوق أية أعذار أو مبررات لعدم المبادرة إلى تطبيق الفكرة فورياً، كما لم يعد مقبولاً أيضاً استمرار التناقض بين حسابات السوق والصندوق، الناجم عن عدم فعالية الضبوط التموينية، وحتى الغرامات المالية المترتبة على المخالفات، مهما تعددت وعلت قيمتها، في الحدّ من جشع المتاجرين بقوت الشعب، وضبط حالة انفلات الأسعار!
ولأن المطلوب – الآن وليس غداً – حصد نتائج سريعة ومباشرة، تكبح الصعود الجنوني للأسعار، التي تضاعفت، بعيداً عن منطق أي اقتصادي، لأكثر من ثلاثة أضعاف خلال فترة لا تتجاوز الشهر تقريباً (..!!)، فلا بد أولاً من بيان السبب الحقيقي لفشل تطبيق الفكرة خلال الفترة الماضية، أكان فشلاً موضوعياً، أم تفشيلاً متعمداً؟
وتشديدنا على كشف السبب الحقيقي يستند إلى ما أكد عليه مقام الرئاسة مراراً وتكراراً، وهو ضرورة وأهمية معالجة الأسباب، لا النتائج، إذا أردنا النجاح في حلّ مشكلاتنا.. تأكيد لعلّ البعض نسيه أو تناساه، ربما لأنه يحتاج جهداً وتعباً وإرادة.
ولأن الفكرة ليست مستحيلة، كما يريد البعض لها أن تكون، بل هي من البساطة والسهولة ما يستدعي السؤال عن مكمن العلة، أيكون فعلاً بالإجراء أم بالتطبيق؟
من التجارب العديدة يمكننا القول: إن العلة بالتنفيذ وبمن ينفذ، ولو أردنا جدلاً، قطع الشك باليقين في هذه القضية، نقول: فلنسمح بإحداث شركات رقابة خاصة، صغيرة أو متوسطة، تتوزع حسب عدد الأسواق، ويكون لها نسبتها من الضبوط والمخالفات، ولا رأسمال لها سوى الإدارة.. وعندها سنكتشف ما لا نتوقعه.. هذا في حال لم تستطع الرقابة المجتمعية، ممثلة بالوجاهات الاجتماعية في كل منطقة، والمدعومة بصلاحيات وبأعضاء مجالس الأحياء المحلية، ضبط الأسواق والأسعار في منطقتها؛ لكن نكاد نجزم أن الرقابة المجتمعية، ستكون الرقابة الأنجع والأسرع في تأثيرها ونتائجها، والمراقبة لأداء الرقابة الرسمية.
قسيم دحدل