الاقتصاد الأسود من المفاهيم الاقتصادية الشائعة في العالم وتطلق عليه عدة تسميات منها الاقتصاد السري أو الاقتصاد الخفي وهو باختصار عبارة عن مجموعة من التعاملات التجارية التي يتم فيها تجنب كل القوانين الضريبية والتشريعات التجارية وهو جزء من النشاط الاقتصادي غير القانوني والذي لا يدخل ضمن أرقام الناتج المحلي ويقوم بممارسته مجموعة من الأفراد أو الكيانات أو المؤسسات بعيداً عن قوانين الدولة وسيطرتها.
وينتشر هذا النوع من الاقتصاد في معظم بلدان العالم ولكن بنسب متفاوتة وهو من الظواهر السلبية الكبيرة على اقتصاد البلد الذي ينتشر فيه وأن الهدف الأول للمشاركين فيه هو التهرب من دفع الضرائب على المبيعات أو المشتريات وجني أرباح كبيرة بعيداً عن رقابة الحكومة، ويضيف هذا النوع من الاقتصاد أرقام متفاوتة للناتج الإجمالي المحلي للبلدان فمثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية يضيف ما نسبته مـــــن 5 إلى 10% إلى الناتج المحلي وفي إيطاليا ما يقارب 30% وهذه الأرقام كبيرة ولا يستهان بها.
وتدخل ممارسات عديدة في دهاليز هذا الاقتصاد منها عمليات التهريب وغسيل الأموال وتجارة الممنوعات والعديد من النشاطات التي تخالف قوانين الدولة حتى تدخل به بعض الممارسات الصغيرة مثل الأعمال والنشاطات التي يمارسها موظفو الحكومة خارج نطاق الدولة والتي تمنع القوانين السائدة من ممارستها.
وهناك خلط كبير بين مفاهيم الاقتصاد الأسود والسوق السوداء والأموال السوداء وقد يكون المصطلح الأشهر هو مصطلح السوق السوداء.
ويعمل الاقتصاد الأسود باستخدام المدفوعات النقدية أو المقايضة لتسوية المعاملات حتى لا ترصدها الجهات الحكومية وبالتالي لا يتم تضمين المعاملات التي تحدث في الاقتصاد الأسود في حساب الناتج المحلي الإجمالي للبلد، حيث لا توجد طريقة لقياسه وقد تكون الأنشطة قانونية أو غير قانونية.
يعد الاقتصاد الأسود جزءاً كبيراً من الاقتصاد الكلي لبلدان في العالم النامي لأن هذه الدول بها نسبة كبيرة من المواطنين ذوي الدخول المنخفضة الذين لا يستطيعون دفع الضرائب ويحاولون التهرب منها بالتعامل في داخل أسواق الاقتصاد الأسود، وبالتالي فإن أرقام الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول النامية ربما لا تمثل الواقع بشكل كبير.
وهناك أربعة تصنيفات رئيسية للاقتصاد الأسود ومنها الاقتصاد غير المشروع وهو يتكون من الدخل الناتج عن تلك الأنشطة الاقتصادية التي تمارس في انتهاك للقوانين الرسمية للبلاد التي تحدد نطاق الأشكال المشروعة للتجارة وهناك الاقتصاد الغير مبلغ عنه، وهو يسعى للتهرب من قانون الضرائب.
أما الاقتصاد الغير مسجل ويشير إلى الأنشطة الاقتصادية التي تتحايل على القواعد المؤسسية التي تحدد متطلبات الإبلاغ للوكالات الإحصائية الحكومية.
وأخيرا الاقتصاد غير الرسمي وهو يشمل تلك التحايلات الاقتصادية على القوانين الرسمية للدولة.
أما السوق السوداء فتنطوي على بيع السلع والخدمات بطريقة غير قانونية وغير خاضعة للرقابة، عادةً ما يكون للأسواق السوداء عبء ضريبي مرتفع للغاية على المعاملات ومثالها الصارخ هو التعامل بالمواد والعملات المحددة أسعارها بصورة إدارية مقيدة رسمياً.
أما الأموال السوداء فهي عائدات معاملة غير قانونية يتم دفعها مقابل هذه الأعمال ولا يمكن إضفاء الشرعية عليها إلا عن طريق شكل من أشكال غسل الأموال بسبب الطبيعة السرية للأموال السوداء ولا يمكن تحديد حجمها أو نطاقها.
وفي جميع الأحوال والمسميات والممارسات فإن الاقتصاد الأسود شديد الضرر على جميع الاقتصاديات وينبغي العمل على التقليل من أسباب نشوءه أولاً والتخفيف من نتائجه ما أمكن وأخيراً إيجاد البدائل لقيام (اقتصاد أبيض) يعتمد أسس الشفافية والوضوح ويرتكز على عناصر الكفاءة والتنافسية وتكون فيه القوانين والتشريعات قابلة للتطبيق على جميع أطراف العمل الاقتصادي بصورة محفزة ومشجعة ولا مجال فيها ولا داعي أصلاً للدخول في زواريب كل ما هو (أسود).
دمشق في 20/5/2020.
كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية
شاهد أيضاً
الموافقة على إدراج بعض الأنشطة الزراعية ضمن أحكام قانون الاستثمار
استعرض المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء واقع …