كانت البداية في اتفاقية برتون وودز 1944 التي جعلت من الدولار المعيار النقدي الدولي لكل عملات العالم حيث تعهدت أمريكا بموجب تلك الاتفاقية وأمام دول العالم بانها تمتلك غطاء من الذهب يوازي ما تطرحه من دولارات ، ونصت الاتفاقية على أن من يسلم أمريكا 35 دولارًا تسلمه أمريكا أوقية من الذهب.
أي : إنك إذا ذهبت إلى البنك المركزي الأمريكي بإمكانك استبدال 35 دولارًا بأونصة من الذهب، و الولايات المتحدة الأمريكية تضمن لك ذلك، وحينها صار الدولار يُسمّى (عملة صعبة) و اكتسب ثقة دولية، وذلك لاطمئنان الدول لوجود تغطيته له من الذهب ، فقامت الدول بجمع أكبر قدر من الدولارات في خزائنها على أمل تحويل قيمتها إلى الذهب في أي وقت،وكلنا يعلم كيف قام الرئيس الفرنسي ديجول بتحويل كم كبير من الاحتياطي الفرنسي من الدولار الأمريكي بالذهب واستمر الوضع على هذا الحال بضع سنوات حتى خرج الرئيس نيكسون في بداية السبيعينات على العالم فجأة في مشهد لا يتصوره أحد حتى في أفلام الخيال العلمي ليصدم كل سكان الكرة الأرضية جميعًا بأن الولايات المتحدة لن تسلم حاملي الدولار ما يقابله من ذهب!! ، وليكتشف العالم أن الولايات المتحدة كانت تطبع الدولارات بعيدًا عن وجود غطاء من الذهب و أنها اشترت ثروات الشعوب و امتلكت ثروات العالم بحفنة أوراق خضراء لا غطاء ذهبي لها والدولارات ببساطة عبارة عن أوراق تطبعها الماكينات الأمريكية ثم تحدد قيمة الورقة بالرقم الذي ستكتبه عليها فهي 10 أو 100 أو 500 دولار، بينما الثلاث ورقات هن نفس القيمة و الخامة ونفس الوهم فقط أختلف الرقم المطبوع وأعلن نيكسون حينها أن الدولار سيُعوَّمُ أي ينزل في السوق تحت المضاربة، و سعر صرفه سيحدده العرض والطلب بدعوى أن الدولار قوي بسمعة أمريكا و اقتصادها، وكأن هذه القوة الاقتصادية ليست قوة مستمدة من تلك الخدعة الكبرى التي استغفل بها العالم !! فلم تتمكن أي دولة من الاعتراض أو إعلان رفض هذا النظام النقدي الجديد لأن هذا الاعتراض سيعني حينها أن كل ما خزنته هذه الدول من مليارات الدولارات في بنوكها سيصبح ورقًا بلا قيمة و هي نتيجة أكثر كارثية مما أعلنه نيكسون !!
نيكسون قال حينها كلمته الشهيرة :يجب أن نلعب اللعبة كما صنعناها، و يجب ان يلعبوها كما وضعناها)، و لا يزال هذا النظام قائمًا حتى اليوم!