سيريا ستيبس – علي محمود جديد
شنّ خبير الإنتاج الحيواني المهندس الزراعي عبد الرحمن قرنفلة هجوماً ساخطاً على فكرة إنتاج أشباه الألبان والأجبان، واعتبرها ليست أكثر من حربٍ جديدة على الثروة الحيوانية، لا سيما وأن إنتاج مثل هذه الأشباه يحتاج إلى التزامٍ أخلاقي مفقود لدى ورشِ تحت الدرج.
وفنّد قرنفلة خطورة التفكير بهذا المنحى على الصحة العامة، لاسيما وأن هناك استسهال مخيف عندنا لاستخدام عناصر وكيماوياتٍ ضارة ستدخل في تصنيع هذه الأشباه في ظل غياب واضحٍ ومفضوح للضمير وللرقابة الحقيقية الجادة.
وكشف قرنفلة أن الأخذ بمبدأ تصنيع هذه الأشباه سوف يفتح باباً جديدة لاستنزاف القطع الأجنبي، كما أنه يفتقر لأي قيمة مضافة.
وقال المهندس قرنفلة بهذا الصدد:
تدهشك بعض الأصوات التي تصدر من هنا وهناك مطبلة ومزمرة لأشباه الألبان والاجبان ، وهي لا تملك من الخبرات الفنية ما يؤهلها للولوج في تفاصيل مخاطر هذه المنتجات ، والمدهش أكثر أن البعض يلجأ لتغطية طروحاته بأن دستور الغذاء العالمي قد تضمن أشباه الألبان والاجبان ، متناسياً أن الدول التي وضعت دستور الغذاء لا يباع 90% من إنتاجها من الحليب دون ضمانات صحية ، ولا يوجد لديها ورش تصنيع مخفية عن أعين الرقابة الصحية ، ولا يوجد لديها بعض العاملين باعوا ضمائرهم للشياطين مقابل تحقيق أرباح على حساب صحة المستهلكين . وربما تناسى أن تلك الدول لديها نظام رقابة وتتبع لكل ما يطرح في الأسواق من منتجات غذائية ويتم يوميا تحليل عشرات الآلاف من عينات الغذاء في مختبراتها .
وربما غاب عن ذهنه أيضا أن أكثر من 50% من ورش إنتاج تحضير الألبان والاجبان في سوريا غير مرخصة وتعمل دون ضوابط فنية ، وان معظم الورش المرخصة لا تستوفي الاشتراطات الصحية من حيث الأبنية والبنى التحتية والتجهيزات لإنتاج منتجات سليمة صحياً هذا في ظل غياب إشراف فني عليها ، وأن الطاقة الإنتاجية للمصانع التي تنتج حليبا مبسترا أو عقيما لا تتجاوز 10% من إجمالي إنتاج ثروتنا الحيوانية من الحليب الطازج ، أي أن 90% من الحليب الطازج يتم إنتاجه ونقله وتداوله بطرق تجعله يحمل الكثير من المخاطر الصحية .
ونوّه قرنفلة بأن صناعة قوت الناس ودوائهم يحتاج التزاما اخلاقيا واسعا من العاملين على طول السلاسل الانتاجية والتسويقية ، لأن الغذاء يتناوله كافة الفئات العمرية بالمجتمع ، وبعضا منه مخصص لمرضى يتناولونه كدواء قبل ان يكون غذاء . والغذاء يمكن أن يحمل مخاطر على البدن البشري مدمرة إن لم يتم إنتاجه وتسويقه بطرق سليمة نصت عليها القوانين النافذة ، ولكن المؤسف أن الكثير من الناس لا تأبه للقوانين وخاصة أولئك المنتجون الذين يعملون بالظل ، وفي وجود فجوة معرفية واسعة في القواعد الفنية التي تحكم إنتاج ألبان واجبان سليمة وصالحة للاستهلاك البشري دون أضرار صحية للمستهلكين . وفي ظل غياب شبه كامل للرقابة الحكومية وضعف جمعيات حماية المستهلك وعدم امتلاكها الأدوات والوسائل للقيام بدور فاعل .
ويرى المهندس عبد الرحمن بأن قطعان الابقار والاغنام والماعز المنتجة للحليب، لم تسلم من الحرب المجنونة التي شهدتها البلاد ، حيث كانت تلك القطعان في مقدمة بنك اهداف العصابات الارهابية ومن يدعمها ، فتعرضت للتهريب والذبح والسرقة وحرمانها من الاعلاف والادوية واللقاحات البيطرية ، حتى فقدنا حوالي نصف ثروتنا الحيوانية . وتسعى اجهزة الدولة حاليا لترميم تلك القطعان ورفع انتاجيتها ، ولعل من اهم وسائل وادوات تشجيع المربين على اعادة ترميم قطعانهم هو حصولهم على اسعار مجزية لمنتجاتها ، وتحقيق عائد مادي معقول من اقتناء الابقار والحيوانات الحلوب .
وفي حال تم نشر وتوسيع وشرعنة انتاج وبيع اشباه الالبان والاجبان ، فإنها ستضع منتجات الالبان الطبيعية والحقيقية الناتجة من الحيوانات الحلوب في منافسة غير شريفة تلحق خسائر بالغة بالمربين وتجهض اي جهود حكومية لتنمية وتطوير ثروتنا الحيوانية.
لقد اكد الاتحاد العام للفلاحين ان دعم مربي الحيوانات الحلوب كفيل باعادة انتاجنا من الحليب ومشتقاته الى مستواه الطبيعي ولسنا بحاجة للأشباه .
ويبيّن المهندس قرنفلة أن الدراسات تؤكد ان اشباه الالبان التي يتم انتاجها محليا تستعمل الحليب المجفف منزوع الدسم كونه رخيص الثمن مقارنة مع الحليب كامل الدسم ويتم استيراده من عدة دول لديها منتجات مخصصة للسوق السورية وهذا الحليب قد يكون منخفض المحتوى من البروتين وهنا تبدأ عمليات الغش باضافة مادة الميلامين وهي مادة نتروجينية تشبه السماد الازوتي ولها تاثير سلبي واسع على صحة البدن البشري وخاصة الكلى . وفي خطوات التصنيع اللاحقة لتلك الاشباه يتم حل الحليب المجفف بالماء وبهدف رفع كثافته يتم اضافة مادة النشاء كما يتم اضافة الزيوت لرفع نسبة الدسم وهنا الكارثة الاكبر حيث ربما لجأ البعض لاستخدام دهن الفروج او زيت النخيل او زيت القطن او اي زيت نباتي رخيص وهذا يؤدي الى تلون الخليط باللون الاصفر حيث تضاف مواد مبيضة غير مسموح باستخدامها في الغذاء . وعند تصنيع الاجبان يتم اضافة كميات من الملح .. ومن الثابت ان زيت النخيل يحتوي ضعف كمية الدهون المشبعة المتاحة في زيت الزيتون وتناول كميات كبيرة منه يساعد على رفع نسب الشحوم الثلاثية والكوليسترول الضار بالجسم هذا فضلا عن انخفاض القيمة الغذائية لاشباه الالبان والاجبان من حيث البروتين وبعض الفيتامينات كما ان الاستخدام المفرط للاملاح يهدد بانتشار ارتفاع الضغط الشرياني عند المستهلكين ومضاعفاته الصحية اما استخدام المبيضات الكيميائية فان كثير منها له اثار مسرطنة . ولن اذهب ابعد من ذلك في استعراض الاثار الصحية السلبية على المستهلكين حتى لا ننشر الذعر بينهم .
وحول القيمة المضافة المنتظرة لهذا الإجراء يوضح المهندس قرنفلة بأن كل مكونات اشباه الالبان والاجبان مستوردة بالقطع الاجنبي فأي قيمة مضافة نحقق منها ؟؟؟؟
ويختم بأن العودة الى تنمية قطعان الابقار والاغنام والماعز الحلوب وتشجيع المربين على اكثارها والعمل على تشجيع اقامة مصانع حديثة للالبان والاجبان ، وترخيص ورش التصنيع القائمة ضمن اشتراطات صحية تطابق الاصول الفنية يساهم في تحقيق قيمة مضافة لمنتجات الحليب السورية التي اكتسبت سمعة ممتازة في اسواق التصدير ويشكل وارد جيد من القطع الاجنبي للبلاد