(البوصلة الاقتصادية)

قد يبدو تعبيراً اقتصادياً غير مألوف في الأدبيات الاقتصادية لأن البوصلة كجهاز ليس لها علاقة مباشرة بالاقتصاد فهي جهاز مغناطيسي قادر على الاشارة إلى اتجاه شمال القطب المغناطيسي للأرض وهي بذلك أداة ملاحية لتحديد الاتجاه بالنسبة إلى قطبي الأرض حيث توفر البوصلة الأمان عند السفر عبر المحيطات فهل يمكن استخدامها في علم الاقتصاد.
بدايةً الاقتصاد يعني استخدام الموارد المتاحة والمحددة غالباً لإشباع حاجات غير محدودة وهدفه النهائي هو تحسين مستوى معيشة الأفراد والوصول إلى مستويات رفاهية أفضل وعند محاولة الوصول لهذه الأهداف لابد من تحديد الأولويات وتحديد الوجهة بشكل صحيح , فعند بذل الجهد الصناعي أو الزراعي أو الخدمي بشكل غير استراتيجي و بدون رؤية مستقبلية واضحة وبدون تحديد لألويات العمل في كل قطاع فإنه من الصعوبة الوصول للأهداف المحددة بشكل دقيق .
تحديد أولويات التنمية والانتعاش والنهوض الاقتصادي يبدأ من تحديد هوية الاقتصاد وأساليب ومناهج العمل ضمن الهوية المحددة بدقة وبعد ذلك يأتي دور وضع بدائل السياسات المطلوبة للوصول لأهداف محددة ومن ثم تأتي البرامج الاجمالية والتي ينبثق عنها المشاريع المختلفة لتحقيق هذه الاهداف المرحلية والمستقبلية وإذا كانت هذه الطريقة المنطقية لاستثمار الموارد بشكل اقتصادي وأمثل كونها محدودة في أي بلد في العالم فكيف إذا كان الاقتصاد السوري وقد خرج من أزمة قاسية مرت به وأدت لتراجعات كبيرة في معظم القطاعات والمؤشرات والنواتج وانعكس ذلك سلباً على مستوى المعيشة ودخل الفرد.
هنا يأتي دور البوصلة لاستعارتها لتحديد الطرق والاتجاهات بدقة دون تضييع الوقت بالتجربة والاختبارات , البوصلة الاقتصادية بمعناها الرمزي أصبحت حاجة لتوجيه الموارد السورية المتاحة سواء المادية أو البشرية نحو قطاعات محددة وأهداف واضحة لتحقيق أكبر عائد من الاستثمارات وأقل فترة استرداد ممكنة لرؤوس الأموال الموظفة وإعادة تموضع مشاريع الخدمات كالصحة والتعليم والطاقة نحو تعظيم مؤشرات التنمية البشرية التي لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية .
الشمال المغناطيسي الذي تعتمده البوصلة هو الفرد والمواطن الذي يحب تسخير الموارد والامكانيات ليعيش حياة كريمة ومعيشة أفضل ودخل متزايد وأمل متجدد.
دمشق في 4/8/2021.
د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية
فيسبوك
Syrian Economic Clinic