الأخطر هو وصول 600 طن فقط من الـ300 ألف طن المنتجة في المحافظة إلى المراكز الحكومية
ويعتمد أكثر من 50 إلى 60 في المئة من سكّان محافظة الحسكة، التي تُعدّ العاصمة الزراعية للبلاد، على موسم المحاصيل الزراعية الاستراتيجية (القمح والشعير)، في توفير دخل سنوي يمكّنهم من مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو ما فقدوه هذا العام نتيجة تلف غالبية الموسم بسبب موجة الجفاف التي تعرّضت لها المحافظة. ووفق تقديرات حكومية، بلغ إنتاج القمح، مع بداية موسم العام الفائت، نحو 900 ألف طن، وأكثر من مليون طن من الشعير، لكنّه انخفض، في العام الجاري، إلى أقلّ من 300 ألف طن من القمح، و40 ألف طن من الشعير. أمّا المؤشّر الأخطر، فهو وصول 600 طن فقط، من الـ300 ألف طن المنتَجة في المحافظة، إلى المراكز الحكومية، في ما يمثّل أدنى رقم في تاريخ الحسكة. ويعود ذلك إلى منْع «الإدارة الذاتية» الكرديّة المزارعين من تسويق محاصيلهم، بالإضافة إلى تدنّي الأسعار الحكومية المخصّصة لشراء القمح، مقابل ارتفاعها لدى «الذاتية».
ويؤكّد مدير الزراعة في الحسكة، رجب السلامة، في حديث : ، أنّ «الموسم الحالي هو الموسم الأقلّ إنتاجاً للمحافظة، منذ موسم العام 2007، بسبب انحباس الأمطار، وعدم انتظام الهطولات»، لافتاً إلى «خروج 380 ألف هكتار من القمح البعل من الإنتاج، بالإضافة إلى خروج 428 ألف هكتار من الشعير البعل». ويضيف السلامة أنّ «عدم توفّر الظروف المناسبة للإنبات أثّر على جودة إنتاج القمح والشعير البعل، بنسبة تصل إلى نحو 40%، ما أدّى إلى انخفاض حادّ في إنتاج هذا الموسم». ويوضح أن «الجفاف جعل المحافظة تواجه مشكلتَين اثنتَين، هما: شحّ في توفير البذار، وشبه انعدامٍ في توفير العلف للحيوانات، بعد الانخفاض الملحوظ في إنتاج الشعير هذا الموسم». بدوره، يحذّر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد فلاحي الحسكة، جلال الكوكو، من أن «محافظة الحسكة تقترب من نعي القطاع الزراعي فيها، في حال لم يحدث تدخّل حكومي عاجل، ينتشل الفلاحين من معاناتهم ويوفّر لهم أدنى الظروف الممكنة للتمكّن من زراعة محاصيلهم مجدداً». ويطالب الكوكو الحكومة السورية بـ«توفير البذار الجيّد والمحسّن للفلاحين لتعويض ما فات من الإنتاج هذا العام»، مبيّناً أن «البذار الموجودة في المحافظة غير جيّدة، ولا تصلح للحصول على إنتاجية وافرة من القمح العام القادم». كما يشدد الكوكو على «ضرورة أن تتجاوز الحكومة كلّ العراقيل، وتقوم بنقل البذار وما أمكن من مستلزمات الإنتاج، وإنقاذ العاصمة الزراعية للبلاد من كارثة تقترب من الوقوع».