قيل إنّ التهادي يُديم المحبّة ويربط أواصرها بحبل متين، ، ولكن ماذا لو كانت الهدية مساعدة لمحتاج ؟ إنها تجبر الخواطر وتبلسم القلوب المكسورة وتبهج مهديها .
عدد كبير من السوريين يتلقى الدعم من الاهل في المغترب والكل يعلم بحجم الضرر الذي أصاب الاقتصاد السوري نتيجة الفارق الكبير في سعر صرف دولار الحوالات بين السوق السوداء و سعر الصرف الرسمي والذي ساهم في المحصلة بتوطين كثير من الحوالات في مصارف دول الجوار أو فسح المجال لنشاط شبكات تعمل في الظل وذلك نتيجة تعنت المعنيين وعدم مقاربة الفارق بين السعرين ، والأمر أبشع من ذلك في مواضيع أخرى، ففي بداية الأزمة كان هناك نشاط كبير في المهجر لمساعدة القطاع الصحي على أساس مناطقي ، يعني ابن مدينة معينة كان يرسل تجهيزات طبية لمدينته وأدوية إلى أن طلع وزير الصحة السابق ببدعة أن كل المساعدات ترسل لوزارة الصحة وهي توجهها للمناطق التي ترى أنها بحاجة لها وبمنطق متعالي ، الأمر الذي دفع بالكثيرين للتوقف عن المبادرات بمنطق مستنكر ومتحدي “فانا أريد أن أرسل مساعدات لمدينتي وأهلي وناسي وليس لوزير الصحة والمناطق التي يرغب هو بتوجيه المساعدات لها ” وبهذا المنطق خسرنا الكثير ، الأمر اليوم ليس بأفضل وهناك كثير من الهدايا الفردية المحجوزة في الأمانات غير مسموح بإدخالها وهي إما ملابس أو حواسيب محمولة أو تجهيزات صغيرة وشخصية والحجة أن هذه المواد غير مسموح بإدخالها ، وهنا نسأل طالما أن هذه الهدايا تساعد المحتاجين ولا تستنزف القطع الأجنبي ولن يكون لها أثر سلبي على الاقتصاد الوطني والصناعة الوطنية ، وهي في المحصلة مساعدة من أحد أفراد الأسرة لأسرته في ظل الظروف التي يعيشها المواطن السوري فما الذي يمنع من إدخالها ؟ هل يعقل أن نمنع تلبية حاجات الناس ؟ هل تؤثر هدايا فردية على اقتصاد بلد ؟ أكيد الأمر ليس تهريباً وليس ترفاً وحتى لو كان تهريباً ما الذي يمنع طالما يخفف من معاناة المواطن ؟ هل يعقل أن نخنق أنفسنا ؟ ما الذي يضر مثلاً أن يؤمن المواطن حاجته من الغاز المنزلي او المازوت او البنزين من دول الجوار طالما ظروف الحرب والعقوبات وموارد الدولة تحول دون تأمين هذه المواد من الدولة ، باي منطق يفكر القائمون على الأمر، البلد مليء بالمواد المهربة والمجهولة المصدر و المنتهية الصلاحية فكيف دخلت ؟ .. وأين الجهات التي تمنع أن يرسل أخ في المغترب لأخيه في سورية حاسب هو بحاجة إليه في دراسته ؟ أو حتى جهاز خليوي ، أو ألبسة ،أين هذه الجهات من المواد الفاسدة و غير المعروفة المصدر في الأسواق ؟
نحن نخنق أنفسنا ، أو يخنقنا البعض بقرارات تعسفية ولم يعد مقبولاً ابتزاز المواطن أكثر من ذلك من قبل أشخاص لا ترى أبعد من أنفها، أو ترى ولكنها تقصد ، وبناء العلاقات مع المغتربين ودفعهم للعودة و توظيف استثماراتهم في البلد لا يكون بهذه الطريقة ، ومن تم منعه من ادخال مجموعة هدايا يحملها بيده لمن يحب لن يستطيع أن يقنعه أحد بتوظيف أمواله وأحياناً ولا حتى بالعودة مرة أخرى أو التفكير بها ، العقل الإداري للجهات المعنية أصبح قائماً على الجباية والتسلط والتفتق في مضايقة المواطن وهذا يهدم و لا يبني ، و من يمنع يجب أن يوفر البديل وإلا عليه أن يترك الآخر يتدبر أمره بما لا يضر البلد .
محطة اخبار سورية – معد عيسى