بما أن لكل قانون هدف أو أكثر، فإن السؤال: إلى ماذا يهدف قانون الاستثمار الجديد رقم 18 لعام 2021؟
لاشك أن قانون الاستثمار القديم لعام 1991 قدّم للمرة الأولى في سورية تسهيلات مغرية وإعفاءات ضريبية أثمرت مشاريع منتجة، مع أن غالبيتها كانت استهلاكية لا تخدم القطاع الصناعي والزراعي؛ كما أن القانون القديم جذب استثمارات عربية وأجنبية رغم أنها لم تؤثّر إيجابا في التنمية الاقتصادية التي بقيت مسؤوليتها ملقاة على القطاع العام.
قد لايكون قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 اهتم بإعادة مليارات دولارات السوريين المغتربين أو مليارات التجار الذين أو دعوها في المصارف الأجنبية، لكن هذا لا يمنع من تطوير وتعديل التشريعات المالية والنقدية والضريبية النافذة، بل وإصدار قانون جديد للمصارف يمنح الثقة لأصحاب المليارات بإعادة الجزء الأكبر منها، إما لإيداعها في المصارف أو استثمارها في مشاريع تدر عليهم الربح وتساهم ببناء سورية المتجددة.
ونرى أن أحد أهم مهام الحكومة الجديدة التي ستتشكل بعد أداء القسم يجب أن تكون العمل على جذب مليارات المغتربين والمستثمرين السوريين في الخارج إلى وطنهم سورية.
ومهما كان قانون الاستثمار مثاليا ومنافسا بمواده للقوانين المماثلة في العالم، فإنه لن ينفذ على أرض الواقع دون آليات فعالة تتيح تحقيق الأهداف الاستراتيجية القريبة والبعيدة المدى؛ وهذا يحتاج إلى تعاون جميع الوزارات بلا استثناء، فكيف يمكن تحقيق هذا التعاون؟
قد تكون الآلية الفعالة بإحداث وزارة للتنمية والاستثمار، أو بمنح هيئة الاستثمار صلاحيات واسعة، أو بهيئة عليا للاستثمار برئاسة رئيس الحكومة؛ وقد تكون بإحداث مركز يتبع رئاسة مجلس الوزراء يضم نخبة من الخبراء في الاستثمار والاقتصاد والقانون والعلاقات الدولية، ورجال مال وأعمال وتجار وصناعيين، مهمته تقديم مشاريع قوانين وقرارات في مجالات الاقتصاد والنقد والمال والمصارف تتيح جذب مليارات المغتربين والمستثمرين السوريين في الخارج، والاستثمارات من الدول الصديقة والحليفة.
وكما هو متوقع، فقد رحب الجميع بقانون الاستثمار الجديد وأشادوا بما تضمنه من تسهيلات وحوافز، لكن السؤال: ما فائدة الإشادة والترحيب إن لم تعمل الحكومة الجديدة على تطبيق آليات فعالة أسوة بالدول الجاذبة للاستثمارات، وأهمها البيئة التشريعية المتعلقة بالإصلاح المالي والنقدي والمصرفي والجمركي؟
ومن المهم أن تتجه الحكومات القادمة، وهي تبدأ بورشة بناء سورية المتجددة، إلى أتمتة جميع المجالات والمرافق التي تحولت دوائر صناع القرار فيها، خلال العقود الماضية، إلى بؤرة خصبة للفساد والإفساد، والتي تخضع كلها إلى متنفذين كبار عرقلوا، ولا يزالون، أي إصلاح وتحديث، ويرفضون خلق بيئة استثمارية تتحرر من قبضتهم الفولاذية.
علي عبود ـ البعث الأسبوعية