هناء غانم – الإقتصادية .
تشعبت الأحاديث كثيراً عن واقع القطاع العام الصناعي والرؤى التطويرية لعمل المؤسسات والشركات، وكل وزير يأتي يشرح لنا رؤيته للصناعة. كل هذه المراحل لم تكن مقنعة رغم أن ملفات الفساد وضعت على الطاولة والكل يدري أن الصناعة الوطنية ليست بخير، لكن من الذي يمتلك القدرة على إيجاد الحلول الحقيقية للعبور؟ ولبناء مراحل نستطيع من خلالها أن نحقق شيئاً وأن نضع يدنا على الحقائق، فمرة يجزم البعض بخصخصة المؤسسات والشركات كنوع من الحل لقطاع عانى الكثير من الأزمات والمشكلات، ومرة يقال: إن الإنقاذ الحكومي آت لا محالة، والحقيقة بين هذا وذاك مرتبطة بما تفرج عنه وزارة الصناعة من معلومات في ظل وجود وزير يعتمد الإصرار على العمل وقلة الكلام لإيمانه بأن العمل يتحدث عن نفسه، والحديث عما أنجز أفضل بكثير من الحديث عما سينجز. وزير الصناعة معن الجذبة استهل حديثه لـ«الاقتصادية» بالتأكيد أن قاطرة الصناعة تسير نحو التعافي «وتجاوزنا مرحلة الركود والخسارة»، منوهاً بأن الحلول الإسعافية لم تعد مجدية، لذا «نحن نعمل على الحلول التي تسهم في إنعاش الواقع الاقتصادي، وزيادة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتأمين فرص عمالة واستقرار لتوطين الصناعة». والأهم بحسب الوزير الجذبة «تأمين منتجات للسوق المحلية، ولإعادة الإعمار، كما يتم العمل على ترشيد الاستيراد وزيادة التصدير بأصناف جديدة ومتنوعة سعياً إلى زيادة ربحية الصناعة». تشاركية يختلط الحديث بين التشاركية والخصخصة، الأمر الذي دفع الوزير الجذبة للتأكيد أن خصخصة القطاع العام الصناعي أمر غير مطروح بالمطلق، ولا من أي جهة، والقرارات التي اتخذتها الحكومة في دعم الصناعة بشكل عام تدل على أنه لا يوجد توجه أو قرار للخصخصة. وأعلن أنه مع قانون التشاركية «لكن بما يضمن حقوق العامل وحقوق الدولة، لأننا نملك الإرادة والخبرة الفنية والتقنية على المستوى العالمي، ونحن مع أي فريق عمل يسعى لتأهيل الشركات ويلبي حاجة المواطن، ويضمن حقوق العامل ويضمن حقوق الخزينة العامة»، مضيفاً: «حتى التعامل مع الدول الصديقة يقوم على دراسة العروض المقدمة ومدى الجدوى الاقتصادية لما فيه المصلحة العامة». وكشف عن الشركات المعروضة للتشاركية مع القطاع الخاص وهي شركات البيرة والغذائية بدرعا والزجاج والإطارات والبطاريات بحلب.. وغيرها. لا تنقصنا الخبرة التوجهات لتخطي الصعوبات التي تعانيها بعض الشركات كانت محط اهتمام الوزير خلال حديثه، إذ أكد وجود الكثير من الخبرات، «فلا تنقصنا الخبرة، كما لدينا فريق عمل متكامل ومتعاضد، بحيث تقوم كل شركة بتقديم المساعدة من الخبراء الفنيين لغيرها من الشركات في حال حدوث أي عطل للآلات في أي محافظة، فنحن فريق عمل متكامل نسعى لتأهيل الشركات وإقلاعها بروح وطنية لا مثيل لها». فتح الجبهات تحدث الوزير الجذبة عن قيام الوزارة برفع الطاقات الإنتاجية والتسويقية للمؤسسات والشركات وفتح جبهات عمل جديدة تمكن المؤسسات من تصنيع منتجات مسوقة بالكامل. بالأرقام، بيّن الجذبة أن قيمة العقود الإجمالية الموقعة في وزارة الصناعة والجهات المختلفة لتصريف منتجاتها قد تجاوزت لتاريخه 198.8 مليار ليرة، موضحاً بما يخص المخازين أن قيمتها 171.7 مليار ليرة، لكن 113 ملياراً هي لمؤسسة الإسمنت، ما نسبته 66% تقريباً، منوهاً بتخفيض المخزون الإجمالي للوزارة بما يزيد على 17.3 مليار ليرة، منها 12 ملياراً تصريف مخازين الألبسة الجاهزة والغزول القطنية والأقمشة والمناديل الورقية. الاستغناء عن المستورد أكد الجذبة أن هناك «جهوداً استثنائية تبذل من الوزارة والجهات الأخرى المعنية بتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، وتحقيق الانتشار الأفضل في السوق المحلية بقصد زيادته والاستغناء ما أمكن عن المستورد من الأسواق الخارجية، وقد تم تقديم العديد من التسهيلات، والإجراءات جميعها تصب في إعادة تأهيل المنشآت الصناعية والحرفية التي تعرضت للتخريب من العصابات الإرهابية المسلحة». وقدر عدد تلك المنشآت بأكثر من 400 منشأة «سيتم العمل على تأهيلها من جديد في منطقة ريف دمشق، وقد تم تشكيل لجنة لهذا الخصوص مهمتها محصورة بتقديم التسهيلات الإدارية والإجرائية والخدمية ومنح التراخيص المؤقتة بموافقة وزارة الصناعة لمزاولة المهنة بشكل مؤقت، ريثما تتم تسوية أوضاعها بالصورة القانونية، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل تعرضها للتخريب والتدمير، أما مهمة الوزارة فمنح الترخيص المؤقت بمديرية الصناعة بريف دمشق خلال فترة لا تتجاوز نصف ساعة، ومنح الكشوف على الآلات والمعدات التي خرجت من المنطقة الصناعية بسبب الأحداث وتثبيت ملكيتها لأصحابها، وذلك تمهيداً لعودتها إلى موطنها الأصلي والمباشرة بعملية الإنتاج». الشركات المتوقفة بيّن الجذبة أن اللجنة الاقتصادية ناقشت مشروع مرسوم يجيز لوزارة الصناعة إضافة نشاط صناعي في الشركات المتوقفة أو المدمرة تبعاً للخريطة الصناعية أو حتى الزراعية، تكون بديلاً لنشاط الصناعي المدمر، مشيراً إلى أن الوزارة عملت على إعادة إقلاع 26 شركة وخط إنتاجي كشركة الدباغة وإقلاع خطي إنتاج اللبن واللبنة المعلبة بطاقة إنتاجية من 2 إلى 4 أطنان، وخط إنتاج في شركة الكونسروة وفرن في معمل إسمنت بحماة والكابلات وعدة شركات وخطوط أخرى كانت متوقفة عن العمل، وبالتالي تم تأمين عقود تشغيل بقيمة 200 مليار ليرة في هذا العام وبتخفيض المخزون. وأضاف: «منهج الوزارة هو علمية الصناعة وتطويرها، إضافة إلى إقلاع الخطوط الإنتاجية والشركات المتوقفة، وتطوير المنتج وتحديثه بمواصفات فنية سورية عالية وبأقل التكاليف». إصلاح القطاع الوزير الجذبة تحدث عن العمل الجاري حالياً لتقييم الشركات الخاسرة والحدية والرابحة، «فهناك بوادر لتحويل الشركات الخاسرة إلى حدية، من خلال نشاط صناعي مجدٍ، وتحول الحدية إلى رابحة، إذ يتم العمل على تكامل حلقات إنتاجها المتنوع». وأضاف: «حققنا أرباحاً في المؤسسات الصناعية بسبب المتابعة الميدانية من الوزارة وتشكيل خلايا عمل متنوعة ومتخصصة لتدقيق مؤشرات التنمية الصناعية والبيانات الإنتاجية والمالية والتسويقية لتقوم بإعادة تقييم هذه المنشآت ونقلها إلى منشآت رابحة». وأكد أن الوزارة تعمل على الابتعاد من المنتج النمطي، وتتوجه إلى إنتاج حديث بمواصفات جيدة والاتجاه إلى سوق التصدير، وربط عراقة الصناعة بحداثتها وصولا إلى منتج تصديري جيد. حوافز للصناعيين بما أن القطاع الاقتصادي يضم القطاع العام والخاص، فالاهتمام بالقطاع الصناعي الخاص أمر مفروغ منه، لذا بين الجذبة أن هناك تسهيلات قدمتها الحكومة لإقلاع وتعافي 80 ألف منشأة صناعية وحرفية، كما تم تشكيل لجنة زارت مصر وبعض البلاد الأخرى، وقدمت شرحاً عن واقع الصناعة والاستقرار الأمني الذي شهدته سورية بفضل الجيش العربي السوري، ما يشكل عامل جذب للصناعيين لعودتهم إلى البلاد. وجزم الوزير بأنه «لا يوجد بيروقراطية أبداً، وبابي مفتوح أمام الجميع». الصناعيون شركاء بالتفصيل، بيّن الجذبة أن الحكومة قدمت العديد من التسهيلات المتزايدة والمتسارعة لإعادة عجلة الإنتاج من خلال لقاءاتها المتكررة مع الصناعيين، وقد أطلقت الحكومة شعار أن الصناعيين والاتحادات هم شركاء مع الحكومة، «أي بوجودهم في عملهم ومنشآتهم يشكلون فريق عمل مع الحكومة». وأكد أن الدعم كبير، وقدم للصناعيين الاستقرار والبنى التحتية وتسهيلات الإقراض من المصارف، إضافة إلى إصدار حزمة من التشريعات والقوانين التي ساهمت بشكل كبير بزيادة عدد المنشآت الصناعية وتوافر المنتجات الوطنية بجودة عالية وبسعر منافس، ومنها مؤونة الاستيراد التي كانت مفروضة على البضائع والسلع المستوردة كافة، والأهم تسوية أوضاع المنشآت الصناعية القائمة والمستثمرة، ومنحها الترخيص الإداري، وإعفاء البضائع المنتجة محلياً من رسم الإنفاق الاستهلاكي في حال تصديرها للخارج، وذلك بغية تعزيز تنافسية ودعم صادرات المنتجات السورية. إضافة إلى إعفاء الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة لمصلحة المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد، والأهم السماح باستيراد الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج الصناعية المستعملة والجديدة من بلد المنشأ، أو من غير بلد المنشأ، من دون التقيد بعمرها، ولكل المستوردين، كما تم العمل على منح الترخيص الإداري للمنشآت القائمة والمستثمرة غير الحاصلة على الترخيص الإداري أذناً بمزاولة نشاطها بشكل مؤقت ولمدة سنتين، وإعفاء الصناعيين والحرفيين المخصصين في مقاسم بالمدن الصناعية المنتهية مدة تراخيصهم والراغبين بتجديدها من رسم تجديد رخص البناء لمدة عام، والموافقة على تعديل مدة إجازة الاستيراد للصناعيين والتجار من ستة أشهر إلى سنة بهدف تأمين حوامل الطاقة للمنشآت الصناعية، والسماح لغرف الصناعة باستيراد مادة الغاز براً من دول الجوار إضافة إلى غيرها من التسهيلات. صعوبات محددة وعن الصعوبات التي تعترض عمل المنشآت الصناعية وإعادة تشغيلها بالطاقات الإنتاجية المتاحة وزيادة هذه الطاقات أكد الوزير أنه تم الاطلاع على بعض هذه المنشآت منها شركة جبلة للغزل، التي تم الاطلاع على واقع العمل فيها والمشكلات التي تعانيها، حيث تم العمل على تشغيل مبردين من المبردات الموجودة بالشركة بطاقة تبريدية كافية لتغطية الآلات المخطط تشغيلها ما ينعكس على جودة المنتج والحد من الهدر. كما تمت زيادة عدد الآلات إلى 72 آلة مؤخراً، ما يؤدي إلى تنفيذ 80% من الخطة الإنتاجية، إضافة إلى التوسع في تجهيز بعض الأقسام وزيادة طاقتها الإنتاجية لتصل إلى 3 ملايين طن يومياً، وتم العمل على تصدير 1000 طن من نمر مختلفة من المخازين، علماً أن الإنتاج الحالي مسوّق بالكامل، ووصلت كمية المبيعات خلال النصف الأول من العام الحالي ما يوازي كامل مبيعات عام 2018. أما فيما يخص «تاميكو»، فبين الوزير أنها اليوم أفضل مما كانت عليه قبل الأزمة، علما بأنها دمرت بالكامل، ورغم ذلك تم تأهيل الآلات ونقلها إلى أماكن أخرى وعاودت الإنتاج. وبخصوص مشروع السيرومات الذي تمت دراسة الجدوى الاقتصادية له من فترة قال: «لدينا شركة الديماس وبعض شركات القطاع الخاص تفي بالغرض»، موضحاً: «نحن نعمل على تصنيع الأدوية التي نحن بحاجة ملحة لها مثل الأدوية السرطانية والأدوية النوعية»، لافتاً إلى أنه تم افتتاح خط إنتاج الكبسول من المضادات الحيوية بطاقة إنتاجية مقدارها حوالي 20 مليون كبسولة، وبقيمة تزيد على 500 مليون ليرة. إضافة إلى ذلك، تم افتتاح خط الشراب الجاف، وهو ينتج مختلف الأصناف من المضادات الحيوية، وتبلغ طاقته الإنتاجية من 6 إلى 6.5 ملايين عبوة سنوياً.
الرئيسية / آراء اقتصادية / وزير الصناعة معن الجذبة: الصناعة تسير نحو التعافي وتجاوز مرحلة الركود والخسارة .
شاهد أيضاً
الموافقة على إدراج بعض الأنشطة الزراعية ضمن أحكام قانون الاستثمار
استعرض المجلس الأعلى للاستثمار خلال اجتماعه اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء واقع …