دمشق- سيرياستيبس
لا شك أن لنسب النمو العالية المسجلة لتداولات سوق دمشق للأوراق المالية خلال النصف الأول من العام الحالي مدلولها وأثرها الاقتصادي المهم، لاسيما وأنها قاربت الـ 347%، بإجمالي قيم تداولات بلغ 55 مليار ليرة مقارنة بـ 12 مليار ليرة للفترة نفسها من العام الماضي، وحجم تداول في السوق بلغ ٦٦ مليون سهم مقارنة بـ ١٧.٢ مليون سهم في العام الماضي، أي بنسبة نمو ٢٨٥%، إلا أن هذه النسب، على الرغم من ارتفاعها، لم تتمخض عن فورة استثمارية حقيقية توازي نسبها العالية في تداولاتها اللاحقة، ما يشي بتجذر بعض الإشكاليات والمعوقات التي تثقل حركة البورصة وتغيبها عن أجندة الحلول.
عمليات استحواذ
هذه النسب العالية ناجمة عن إجراء صفقات ضخمة لدى بعض المؤسسات كشراء بنك بيمو السعودي الفرنسي حصة كبيرة من بنك الائتمان الأهلي، بحسب ما أكده المدير التنفيذي للسوق الدكتور عبد الرزاق قاسم، ما أدى لرفع قيم وأحجام التداول إلى أرقام قياسية، أما ضمن التداولات العادية للسوق فلا وجود لهذه النسب الهائلة، بل ما زالت مقاربة لنسب معدلات التداول التي كانت تتم خلال السنوات الماضية، ولا توجد تغييرات جوهرية باستثناء الصفقات الضخمة التي تمت مؤخراً، ومع العلم أن حركة السوق هي انعكاس للحالة الاقتصادية الراهنة، إلا أن تنشيط مقومات السوق، ورفع قيم التداول لا يتعلقان بالسوق- وفقاً لقاسم- إذ يتم ذلك عبر مجموعة من الإجراءات التشريعية والتنفيذية، إلى جانب ضرورة معالجة الإشكاليات القائمة التي تؤثر على أدائه كتأسيس شركات مساهمة عامة وإدراجها في السوق، وهي إشكالية متجذرة كونه منذ عام 2011 لغاية اليوم لم يتم تأسيس شركات جديدة سوى التأسيس المعلن عنه مؤخراً للبنك الوطني الإسلامي، وكما أوضح قاسم فهو يحتاج إلى فترة زمنية ليتم الاكتتاب على أسهمه، ومن ثم إدراجه في السوق، وينحصر دور السوق بتقديم مقترحات بالتنسيق مع هيئة الأوراق المالية فقط، إلا أن التنفيذ حكماً سيكون من قبل جهات رسمية أخرى، وهنا لا يمكن إلقاء اللوم على إدارة السوق كونها جهة غير تشريعية، ورغم محاولاته بتقديم مقترحات ودعمها بتأكيدات لأهميتها كحصر الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية بالشركات المساهمة العامة، إلا أن التخوف من تأسيس تلك الشركات مازال قائماً بالرغم من المزايا والتسهيلات المقدمة كون الحصار الاقتصادي والعقوبات يضيقان الخناق على أصحاب المشاريع الراغبين بالشكل القانوني لهذه الشركات.
قيم تاريخية
لا شك أن أحجام وقيم التداولات الحاصلة مؤخراً تاريخية في سوق دمشق، ولها دور في جذب المستثمرين كونهم في حالة ترقب لأداء الشركات بناء على المعطيات المقدمة من السوق، خاصة أن المرحلة المقبلة هي لإعادة الإعمار، لاسيما أن دخول المستثمرين إلى السوق مرهون بتحقيق ريعية اقتصادية أفضل مقارنة مع أوجه الاستثمار المتاح، لذا يمكن اعتباره أهم عامل لجذب المستثمر للسوق، بالإضافة إلى تأكيده أن استمرارية عمل السوق ضمن الظروف الراهنة تعد إنجازاً كونه مازال يقدم خدماته للمستثمرين والشركات المساهمة، ويتم إنجاز كامل البيئة الفنية والتقنية اللازمة لعمله، في حين أغلقت الكثير من الأسواق العالمية في حالة الحرب، وأثنى قاسم على دور وتعاون مصرف سورية المركزي مع السوق فيما يتعلق بسحوبات التداولات، إذ تم إعفاؤها من قيود السحب لتشجيع المستثمرين على التعامل والانضمام إلى البورصة.
التداولات العادية
وبالعودة إلى التقرير نصف السنوي بيّن قاسم أن القيمة السوقية الكلية لجميع الشركات المدرجة ارتفعت لتصل إلى ما يقارب ١.٨ تريليون ليرة حتى نهاية شهر حزيران، أي بنسبة ٢٣% عن نهاية عام ٢٠٢٠، وقد تصدر قطاع البنوك المرتبة الأولى بقيمة تداول مقدارها نحو ٥٠ مليار ليرة، أي بنسبة ٩١% من القيمة الإجمالية للتداول للنصف الأول من عام ٢٠٢١، أما الأسهم الأكثر تداولاً فكانت من نصيب سهم بنك الائتمان الأهلي- عودة سابقاً- إذ بلغت قيمة تداولاته ٢٥ مليار ليرة، تلاه سهم بنك سورية والخليج بقيمة ٨.٦ مليار ليرة، تلاه سهم بنك البركة بقيمة ٦.٤ مليار ليرة تقريباً، ثم سهم شركة العقيلة للتأمين التكافلي ٢.٨ مليار ليرة، في حين كانت الأسهم الأقل تداولاً للمجموعة المتحدة للنشر والإعلام والتسويق بقيمة ٢٨٤ مليون ليرة سورية فقط، تليها الشركة المتحدة للتأمين بقيمة ١.٨ مليون ليرة سورية، ومن ثم أسهم الشركة الأهلية للنقل بقيمة ٢ مليون ليرة سورية.
بيمو قريباً
وعلى صعيد خدمة التداول الالكتروني التي أطلقها السوق منذ فترة قريبة، بيّن قاسم أن شركة بيمو السعودي الفرنسي المالية تقدمت بطلب الحصول على الخدمة، وقد استوفت تقريباً جميع المتطلبات التنظيمية والفنية الخاصة بتطبيقها، وهي على وشك إطلاق هذه الخدمة قريباً، كما يستمر السوق بالعمل مع شركات وساطة أخرى حتى تصبح هذه الخدمة متاحة بشكل أكبر لجميع المستثمرين، والتي تمثّل نقلة نوعية في عملية التداول بحسب قاسم نظراً للخصائص والميزات التي تتمتع بها كالسهولة في التعامل، ومتابعة حركة السوق لحظياً، وقد صممت تلك الخدمة وفق أحدث المعايير لتوفر أفضل تجربة للعملاء من خلال الاستفادة من أحدث التقنيات المبتكرة، والتي ستسهم بزيادة عدد عمليات وأحجام التداول من خلال الوصول لشريحة أكبر من المستثمرين لما تحمله الخدمة من سرعة، وتوفير أكبر قدر من الأمان التقني لهم وفق أعلى المعايير.