هناء غانم _ الوطن
من المقرر أن تقدم الحكومة اليوم ما في جعبتها من خطط ومقترحات وتبريرات لمناقشتها مع السلطة التشريعية أمام مجلس الشعب والتي تهدف في مضمونها إلى تحديد الإستراتيجيات العامة التي ستكون بوصلة الحكومة لتنفيذ مهامها ومسؤولياتها في المرحلة القادمة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الحكومة أكدت في بيانها لعام 2021 التزامها بالحفاظ على كرامة وحقوق المواطنين وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم والشيء المهم الذي ورد في البيان أنه ستكون هناك مواصلة لمكافحة الفساد وحماية المال العام والانتقال إلى اقتصاد منتج مبني على تعزيز الإنتاج ومعتمد على القدرات الذاتية.
هاجس الحكومة تحسين المعيشة!
وحول السياسة الاقتصادية التي جاءت في البيان الحكومي الذي حصلت «الوطن» على نسخة منه نجد أنه وبالرغم من التحديات المحلية والإقليمية والدولية التي أعاقت مسيرة التنمية الاقتصادية في سورية، إلا أن الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات والقرارات التي انصبت في سياق تخفيف وطأة هذه التحديات على الاقتصاد السوري، ووعدت بتحسين مستوى معيشة المواطنين الهاجس الأهم للعمل الحكومي، والهدف الرئيس للسياسة الاقتصادية للحكومة، ولاسيما في ظل الصعوبات التي واجهت معيشة المواطنين بسبب مفرزات الحرب الوجودية المفروضة على بلدنا.
وستستمر الحكومة باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف سواء من خلال الزيادات المدروسة للرواتب والأجور أو متمماته، ومن خلال تخفيض تكاليف المعيشة، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضبط الأسواق والأسعار، وعقلنة الدعم وإيصاله إلى مستحقيه، بما يضمن تأمين أفضل شروط ممكنة للعدالة الاجتماعية.
برنامج تعزيز الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال
وذكر البيان أنه سيتم خلال الأيام القليلة القادمة وضع التعليمات التنفيذية لقانون الاستثمار رقم 18 تاريخ 29/5/2021 وأدلة إجراءات ترخيص وتأسيس المشاريع الاستثمارية موضع التنفيذ، ومن ثم خارطة الاستثمار في سورية، مع الإشارة إلى أنه سيتم تقييم واقع الاستثمار وتحديد العوائق التي تواجه البيئة الاستثمارية لمعالجتها بشكل مستمر بهدف تعزيز عوامل الجذب في الاقتصاد السوري.
سياسة مالية
وحول السياسة المالية القادمة ركزت الحكومة في بيانها على تحسين الإيرادات العامة وضمان استدامتها، وكفاءة الإنفاق العام وزيادة فاعليته وضمان سلامة إجراءاته من خلال اولا برنامج تطوير إعداد الموازنة العامة للدولة بما ينسجم مع متطلبات تحفيز الاقتصاد الوطني ومواجهة مختلف التحديات، وإعادة هيكلة الإنفاق العام وفقاً للأولويات، والعمل على الانتقال من موازنة البنود إلى موازنة البرامج والأداء.
وبرنامج إصلاح النظام الضريبي من خلال تعديل التشريعات الضريبية (الانتقال إلى الضريبية على المبيعات، والضريبة الموحدة على الدخل، والانتقال إلى منظومة الطوابع الإلكترونية)، والأتمتة الشاملة للإدارة الضريبية، وبناء قواعد بيانات إلكترونية.
وبرنامج تطوير العمل الجمركي من خلال تعديل قانون الجمارك العامة بما يضمن مستوى أعلى من الحوكمة بالعمل الجمركي ومكافحة التهريب.
إضافة لبرنامج تطوير قطاع التأمين من خلال تحديث القوانين الناظمة له، وتطوير منظومة التأمين الصحي للعاملين في الدولة القائمين والمتقاعدين ومنظومة الخدمات التأمينية الأخرى المقدمة للإخوة المواطنين.
وبرنامج تطوير عمل المصارف العامة من خلال إعداد إطار قانوني جديد لإدارتها، وتطوير أنظمة العمل المصرفي الخاصة بها، بما يضمن الوصول إلى شمول مالي أوسع، وتقديم خدمات الدفع الإلكتروني.
السياسة النقدية
وجاء في البيان أن الحكومة سوف تستخدم أدوات السياسة النقدية التي تتلاءم مع متطلبات المرحلة الحالية بناءً على معطيات الواقع الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين قوى العرض والطلب في السوق وبين مستوى الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية، من خلال تنظيم وإدارة سوق القطع الأجنبي وتشديد عمليات الرقابة عليها، والعمل على تعزيز برنامج الدفع الإلكتروني، بما يسهم في إدارة أفضل للسيولة المحلية والتخفيف من الاعتماد على النقود الورقية.
التجارة الخارجية
وذكر البيان أنه بناء على ما تحقق في تخفيض العجز في الميزان التجاري، من خلال الاستمرار بسياسة ترشيد المستوردات والحماية المدروسة للإنتاج المحلي، وتنمية الصادرات، وتعزيز نفاذ المنتجات السورية إلى الأسواق الخارجية، تواصل الحكومة عملها على برنامج تعزيز كفاءة التجارة الخارجية، وبشكل خاص تعزيز القدرة التنافسية للصادرات السورية، والاستمرار بتشجيع التصدير وتنمية القدرات التصديرية، وتوجيه المستوردات نحو تنمية العملية الإنتاجية والتصديرية، إضافة إلى الشفافية والوضوح في الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بعمليات الاستيراد والتصدير، وأتمتة الخدمات وإنجاز المهام بكفاءة وفعالية.
التجارة الداخلية وحماية المستهلك:
وسوف تعمل الحكومة على متابعة وصول أساسيات غذاء المواطن واحتياجاته التموينية بطريقة لائقة وبأفضل جودة وبأنسب الأسعار، وذلك من خلال عدد من البرامج هي برنامج إعادة هيكلة الدعم الذي يهدف إلى إيصال الدعم لمستحقيه وفق معايير توضع لهذا الغرض، وتغيير طريقة الدعم الحكومي بهدف عدم الهدر ومنع السرقة ومنع بيع المواد المدعومة.
وبرنامج تحسين جودة الرغيف الذي يهدف إلى زيادة الإنتاج من مادة الخبز، وزيادة القدرة التخزينية من مادة القمح من خلال تحديث وتأهيل خطوط الإنتاج والمخابز، وإنشاء صوامع معدنية لتخزين مادة القمح.
الصناعة
وحول السياسة الصناعية ذكر البيان أنه يجري العمل على تعزيز موقع الشركات الرابحة ومعالجة وضع الشركات (الحدية والخاسرة)، وإعادة إقلاع المنشآت المدمرة والمتوقفة، إما بتمويل ذاتي أو من خلال المشاركة مع القطاع الخاص، كما أن العمل سيستمر لتنمية القطاع الصناعي من خلال عدة برامج أهمها برنامج تطوير التصنيع الزراعي، بهدف المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي وتحقيق سلاسل تصنيعية كاملة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وبالتالي الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وزيادة الطاقات الإنتاجية. إضافة إلى برنامج دعم القطاع الخاص الصناعي وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني بما يسهم في رفع كفاءة هذا القطاع والتشبيك بين القطاعين العام والخاص لتجاوز الصعوبات التي تعترض تنفيذ الخطط الوطنية الموضوعة والأولويات المعتمدة لتحقيق التنمية.
السياحة.!!
وأوضح البيان أن الحكومة تواصل عملها على تنمية القطاع السياحي، من خلال برنامج تشجيع السياحة الداخلية والشعبية، وتأمين مواقع سياحية تناسب أكبر شريحة من المواطنين، إضافة لإعداد الخريطة الشاملة للتعليم والتدريب السياحي الذي يهدف إلى تطوير منظومة التعليم والتدريب السياحي والفندقي ورفد سوق العمل بكوادر مؤهلة لدخول سوق العمل وبنية تعليمية تدريبية سياحية متطورة.
والاستثمار السياحي الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي، وتحقيق عائدات مالية من الاستثمارات والمشاريع السياحية المنفذة وتأمين بنية تحتية للقطاع السياحي إضافة إلى تأهيل الفنادق المملوكة للوزارة الذي يهدف إلى تحسين واقع الخدمات المقدمة في الفنادق العائدة بملكيتها للدولة والارتقاء بها لتتناسب مع سويتها وبما يحقق عائداً مالياً إضافياً.
في مجال الخدمات والبنى التحتية!
تعمل الحكومة من أجل المتطلبات الضرورية لاستقرار المواطنين من خلال عدة نواحٍ أهمها الطاقة حيث ذكر البيان أنه سيتم العمل على زيادة الاحتياطي من النفط والغاز والثروات المعدنية بما يعزز عمليات الإنتاج والاستمرار في إعادة تأهيل البنى التحتية المدمرة في قطاع الطاقة بهدف زيادة الإنتاج ورفع السعات التخزينية من المشتقات النفطية، وزيادة إنتاج النفط والغاز ومواد الثروة المعدنية لتوفير أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الوطنية من المشتقات النفطية والكهرباء ومواد الثروة المعدنية. كذلك التوسع في عمليات أتمتة وضبط عمليات توزيع المشتقات النفطية.
والعمل على استكمال خطط توسيع وتطوير قدرات توليد المنظومة الكهربائية عن طريق إعادة تأهيل وصيانة محطات التوليد القائمة واستكمال تنفيذ المحطات المباشر بها، واستمرار العمل في بناء محطات توليد تعمل على الطاقات المتجددة ومصادر الطاقة غير التقليدية، مع استكمال تطوير التشريعات المشجعة على رفع كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات، واستخدام الطاقات المتجددة وغير التقليدية.
النقل
أوضح البيان أنه سيتم تطوير وصيانة الطرق المحورية التي تربط بين المحافظات السورية، وإزالة التعديات والتجاوزات الراهنة الواقعة عليها.
– إعادة تأهيل وصيانة السكك الحديدية القائمة ولاسيما سكة حديد (حلب- دمشق) وتلك التي تربط مراكز الإنتاج بالمرافئ السورية والمرافئ الجافة.
– إعادة تأهيل المطارات القائمة وتجهيزها بالمعدات والتجهيزات اللازمة وزيادة عدد طائرات مؤسسة الطيران السورية كما سيتم العمل ضمن برنامج تعزيز منظومة النقل الجماعي وتشجيعها، والذي يهدف إلى تأمين خدمة النقل بالشكل الأمثل وبجودة وكفاءة وتقليل الازدحام، بالإضافة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار بمجال النقل كشريك للقطاع العام في تأمين خدمة النقل.
الإسكان
ذكر البيان أن العمل مستمر وفق مخرجات التخطيط الإقليمي بما يحقق التنمية المتوازنة والمستدامة لكافة المناطق، وإزالة الاختلالات التنموية ولاسيما بين المناطق الريفية والمدن، وحماية الأراضي الزراعية وتلبية الطلب المتزايد على المنتج السككي بإقامة تجمعات عمرانية جديدة أو من خلال متابعة تقييم المخططات التنظيمية المنفذة بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية بما يحقق التكامل بين كافة المستويات التخطيطية.
واستكمال تنفيذ خطة تخصيص وتسليم المساكن الاجتماعية لاسيما الشبابي والعمالي، والاستمرار بإصلاح قطاع التعاون السكني وأتمتة، وتأمين الأراضي للجمعيات السكنية ما أمكن.
الاتصالات والمعلوماتية
ستعمل الحكومة على الاستمرار في تأهيل وتحديث البنية التحتية والتوسع في نشر خدمات الاتصالات الأساسية وتقانة المعلومات (الهاتف الثابت والنقال والإنترنت) بما يتيح وصول الخدمات لأكبر شريحة من المواطنين، والتوسع في إدخال التقانات الحديثة وسيتم تنفيذ ثلاثة برامج اولها برنامج التحول الرقمي للخدمات الحكومية، الذي يهدف إلى أتمتة الخدمات الحكومية وتقديمها عبر الوسائط الإلكترونية عوضاً عن الوسائل التقليدية، مع ما يرافق ذلك من تسهيل وتسريع للإجراءات المطلوبة للحصول على الخدمات، ورفع مستوى الشفافية مع المواطنين ومحاربة للفساد، وزيادة مساهمة قطاع تقانة المعلومات والاتصالات في الناتج القومي.
في مجال الإصلاح الإداري
اعتمد المشروع الوطني للإصلاح الإداري على منهجية واحدة منذ إطلاقه، وقد أدت هذه المنهجية إلى كشف الإشكاليات العامة والمشتركة بين كافة الوزارات، وطرح معالجتها والعمل على ترشيق الهياكل التنظيمية لها وتقليص حجم البنية التنظيمية لكافة الإدارات المركزية للوزارات لصالح تعزيز العمل الفني، بما يحد من الهدر في الموارد المالية والبشرية وإعادة تنظيمها.
وأكد البيان أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الهدف الأساسي للمشروع منذ إطلاقه بالعمل على تحديث الإدارة العامة ودعم الشفافية المؤسساتية من خلال إجراء الإصلاحات الهيكلية والبنيوية للجهات العامة وتطبيق نظام قياس الأداء الإداري، والاستجابة لتطلعات المواطن.
الإعلام
وأشار البيان إلى أن الحكومة تعمل على برنامج تهيئة البيئة الملائمة من أجل إحداث تغيير إيجابي ونوعي في قطاع الإعلام، كي يكون ممثلاً لكامل مكونات الدولة بمؤسساتها ومواطنيها، ويشكل جسراً بين المواطن والحكومة عبر عرضه قضايا الوطن والمواطن للنقاش العام في إطار من المهنية والموضوعية والجاذبية، وطرح الحلول من كلا الطرفين بما يجعل الرأي العام شريكاً للحقائق والمعلومات، وبما يسهم في استعادة الثقة في مصداقية الخطاب الإعلامي، ويعزز الانتماء للوطن والقيادة، ويعد هذا البرنامج برنامجاً مستمراً.