إذا أردت أن تعرف ماذا يحدث في قطاع العقار ما عليك سوى الانتظار دقائق معدودة في أحد المكاتب العقارية وسماع الأرقام التي يطلبها السماسرة بأسعار العقارات، لتعود بماضيك وتنظر للمستقبل وتسأل متى سأملك مفتاح غرفة ملك، هذه الأزمة هي حال جميع الشباب في سورية، وخاصة المسرحين من الخدمة الاحتياطية بعد 10 سنوات خدمة، فما الحل، ومن ينقذ قطاع العقار من حالة الاختناق الذي وصل إليها نتيجة هذه الأسعار الفلكية.
الشاب معلا حسين التحق بوظيفة جديدة بعد 9 سنوات خدمة احتياطية يقول عمري 34 عاما وليس لدي الجرأة على التفكير بامتلاك مفتاح غرفة، ناهيك عن بيت.. وظيفتي في محافظة أخرى ولا أملك سوى راتبي.. أبحث عن عمل آخر كمحاسب في شركة أو مطعم، وأزمة السكن الحالية وجع مشترك لدى الأغلبية العظمى من الشباب السوري من الجنسين وصلنا إلى مرحلة اليأس من التفكير بالمستقبل.
«الوطن» قامت بدراسة ميدانية بالاستعانة مع خبراء ومتعهدين لتكلفة بيت مساحته 100 م2 حيث تكلفة الرخصة والمخططات أكثر من 600 ألف ليرة، وبحاجة إلى حفر وتسوية بحدود 300 ألف ليرة ولم نذكر ثمن الأرض، ويحتاج المسكن المتواضع إلى حديد إذا لم يكن يطمح صاحبه بتقوية أساساته للاستفادة من البناء الشاقولي إلى 4 أطنان حديد ثمن الطن اليوم 3.5 ملايين ليرة سورية أي بكلفة 14 مليون ليرة فقط حديد، وهذه المساحة من البناء تحتاج إلى 150 متر باطون تكلفة المتر بين مواد وأجور بحدود 140 ألف ليرة دون المصاريف النثرية الأخرى وبحاجة إلى 600 بلوكة هوردين ثمن البلوكة ألف ليرة، وثمن التمديد الداخلي للسقف سواد صحية بحدود 200 ألف ليرة، أي بحسبة صغيرة تكلفة إنشاء بيت مساحته 100 متر مسلخ أو على العضم ودون التقطيع الداخلي ما يقارب 40 مليون ليرة سورية، وبحاجة إلى تكلفة إكساء عادية تعادل قيمة الإنشاء أي تكلفة المنزل بحدود 80 مليون ليرة لراتب موظف أقل من 100 ألف ليرة، أي بحاجة الموظف إلى 800 راتب شهري و66 سنة عمل لتأمين ثمن البيت. المؤسسة العامة للإسكان الجهة المعنية بالمشكلة حددت خطوط عملها بأنها مؤسسة ذات طابع اقتصادي من أهم أهدافها المساهمة بتلبية الاحتياجات الإسكانية، وبشكل خاص الإسكان الاجتماعي، وتعزيز مفاهيم السكن الاقتصادي، والارتقاء بمستوى العمران من خلال المشاركة في إعداد الخطط الخمسية لقطاع الإسكان، وإعداد وتنفيذ البرامج الإسكانية الموجهة للشرائح ذات الدخل الأدنى وفق الخطط المقررة للدولة، وممارسة التطوير والاستثمار العقاري وفق القوانين والأنظمة النافذة، وبناء الضواحي والمشاريع العمرانية الجديدة المتكاملة، هذا الكلام نظري جداً، لكن أين دورها اليوم في السكن الاجتماعي، ولماذا لا يوجد أي خطة معلنة أو تفكير أو حتى ورشة عمل للتفكير بكيفية حل أزمة السكن. البرنامج الوطني التنموي لسورية ما بعد الحرب يركز في تصوره لحل المشكلة على تطوير بنك معلومات المساكن وخدماتها، وتمكين القطاع الخاص ورجال الأعمال من المساهمة في الحلول السريعة لمشاكل السكن، وتلبية الطلب المتزايد على السكن، وتمكين مفهوم العمارة الخضراء، والحد من انتشار السكن العشوائي، واستخدام أفضل تقنيات البناء السريعة لتلبية الطلب المتزايد على السكن، وتوطين تقنيات التشييد السريع، ووضع الشكل النهائي للمخططات التنظيمية المعمارية والتصميمية، وتخفيض سعر السكن الاجتماعي لتمكين ذوي الدخل المحدود من الحصول عليه وتطوير العرض مقابل احتياجات السكن، هذا الكلام النظري لا غبار عليه، لكن أين هو من التطبيق اليوم، مضى على الخطة ربع الزمن المحدد من دون أن تحرك الحكومة ساكناً بملف أزمة السكن، فهل نحتاج إلى عقود من الزمن لوضع هذا التفكير على مسار التنفيذ؟ الحل من وجهة نظر أصحاب الخبرة كما يرى الدكتور المهندس باسم علي يكون بالبحث عن حلول لمنازل تتدرج بالمساحة، ذات الكلف الصغيرة وهي الحل الوحيد لمواجهة ارتفاع الأسعار حالياً، ولأنه لا حلول حالياً أمام ارتفاع أسعار المواد وتدني الدخل وخاصة لدى شريحة واسعة من أصحاب الدخل المحدود، يبقى الحل الوحيد هو بتدخل الدولة في منح قروض للسكن ميسرة بكفالة البيت نفسه، وإعادة إنعاش الجمعيات السكنية وضبط عملها، وإعادة السكن الاجتماعي والشبابي إلى أولويات العمل ومنح التمويل الحقيقي لمن يود الشراء، والتخفيف من عبء الضرائب والرسوم والفوائد، ولأن الإنسان من حقه أن يعيش تحت سقف لابد من عملية ضبط الجودة للتخفيف من هدر المواد، لأن المواد أصبحت غالية جداً، وليس من الترف وضع الجودة وضبط المقاييس والنظم وإنما هو تخفيف من الكلف والخسارة للبلد، لافتاً إلى أن وضع السكن معقد جداً ولا حلول في الأفق القريب.
الوطن