خاص سنسيريا – لميس مصطفى
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ورقتها الفنية في الثامن عشر من تشرين الأول للعام الحالي تحت عنوان “تحليل الهطول في الجمهورية العربية السورية” وذلك منذ عام 1980 وحتى 2021
سنسيريا قامت بقراءة للورقة وأهم توصياتها
حيث تقدم هذه الورقة الفنية تحليلاً للاتجاهات المكانية والزمانية لهطول الأمطار في الجمهورية العربية السورية من 1980 إلى 2021. وتحليلاً لهطول الأمطار خلال الموسم الزراعي 2020/2021 حسب المحافظة. والآثار المترتبة على الإنتاج الزراعي. كما تقدم توصيات رئيسية لمعالجة تأثير عدم انتظام هطول الأمطار وندرة المياه من أجل بناء أنظمة إنتاج أغذية أكثر فعالية تكون قادرة على مقاومة الصدمات الناجمة عن المناخ. كما تسعى التوصيات إلى منع انزلاق معظم المزارعين المتضررين من الأزمة إلى حالة انعدام الأمن الغذائي.
نظرة عامة على الأزمة:
تعتبر الزراعة في الجمهورية العربية السورية قطاعاً اقتصادياً هاماً ومصدراً رئيسياً لسبل العيش لمعظم الأسر المتضررة من الأزمات. لا سيما في المناطق الريفية حيث يعتمد ما يقدر بنحو 45% من السكان على الزراعة. وعلى الرغم من ري حوالي 1.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية قبل الأزمة. وهو يمثل ما يقدر بنحو 30% من إجمالي الأراضي المزروعة. إلا أن غالبية زراعة الحبوب السورية بعلية. وبالتالي فهي حساسة لصدمات الطقس وتقلب المناخ. ومن المهم ملاحظة أن 60% من الأراضي المزروعة بالقمح بعلية كما هو الحال في 90% على الأقل من الأراضي المزروعة بالشعير.
ويتفاقم تأثير ضعف الحصاد من الموسم الزراعي 2020/2021 على الأسر السورية بسبب القضايا المترابطة التي تشمل القيود الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة والفقر والعوامل الناجمة عن المناخ. ولن تؤثر عواقب التوزيع الزمني غير المتكافئ لهطول الأمطار مع ارتفاع درجات الحرارة على موسم المحصول الحالي فحسب. بل قد تظهر الآثار أيضاً في العام أو العامين القادمين.
الموسم الزراعي 2020/2021:
تميز الموسم الزراعي 2020/2021 بتأخر هطول الأمطار لمدة شهرين على الأقل في جميع أنحاء البلاد. مع انخفاض هطول الأمطار قبل تشرين الثاني لعام 2020، علاوة على ذلك، لم تسقط الأمطار في العديد من المناطق بعد آذار العام الحالي. وهو بداية مبكرة لموسم الجفاف، والذي يبدأ عادةً في نهاية شهر حزيران. ترافق ذلك مع ارتفاع درجات الحرارة التي كانت أعلى من المتوسط طويل الأجل (LTA) في معظم المحافظات، وخاصة في نيسان للعام الحالي؛ مما تسبب في إجهاد المحاصيل وتأثيرها على تعبئة الحبوب. كما أن ارتفاع تكلفة المدخلات الزراعية يعد عاملاً آخر أثر سلباً على القطاع. حيث أثرت التكلفة ومحدودية توافر الوقود لتشغيل أنظمة الري بشكل كبير على الإنتاج.
كما أن تأثير تغير المناخ على الجمهورية العربية السورية سيُرى على المدى القريب كظواهر جوية متطرفة أكثر تواتراً وشدة، وتغيراً في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار. إضافةً إلى ذلك، يشير استقراء البيانات والمؤشرات المناخية إلى أنه وعلى المدى الطويل هناك احتمال أن تعاني المناطق الأكثر جفافاً في البلاد من الجفاف مرة كل ثلاث سنوات.
هذا التحليل لبيانات هطول الأمطار التي غطت الأربعين موسماً الزراعية الماضية. وجد أن أشد حالات الجفاف انتشاراً وشدة حدثت خلال المواسم الزراعية 1998/1999 و1999/2000 و2007/2008 و2008/2009. كما يسلط الضوء على أن الجفاف لا يقتصر على موسم واحد، بل يمكن أن يمتد إلى موسمين أو ثلاثة مواسم متتالية.
يوضح الجدول /1/ المرفق أدناه أن الموسم الزراعي 2020/2021 لم يكن من أكثر الأعوام جفافاً على الإطلاق، ومع ذلك، تشير البيانات إلى حدوث تأخير كبير في بداية هطول الأمطار، مع الهطول الأول للأمطار في تشرين الثاني لعام 2020. إضافةً إلى أن التحليل الشهري يُظهر أن هطول الأمطار توقف في نيسان عام 2021، مما أثر بشكل كبير على مرحلة ملء الحبوب ويشير إلى نهاية موسم الأمطار 2020/2021.
يعتبر هطول الأمطار التراكمي خلال موسم 2020/2021 مقبول إلى جيد في معظم المحافظات. ومع ذلك، لم يكن التوزيع بمرور الوقت كافياً لإنتاج الحبوب في العديد من المحافظات الرئيسية المنتجة للحبوب. ولا سيما في الحسكة ودير الزور. وكان لهذا التوقيت غير المنتظم لسقوط الأمطار آثاراً كارثية على الإنتاج.
ويرجح أن يكون إنتاج الموسم الزراعي الحالي. خاصة في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور. قريباً من أدنى مستوياته التاريخية التي شهدها موسم 2007/2008. أما الوضع في المحافظات الأخرى سيكون أفضل نسبياً. على الرغم من تأثرها جميعاً بشكل سلبي بالظروف المناخية المشار إليها أعلاه إلى حد ما. لا سيما في ريف دمشق والسويداء ودرعا وحمص.
وعلى الرغم من هطول الأمطار التراكمي المقبول إلى الجيد في معظم محافظات الجمهورية العربية السورية خلال موسم 2020/2021، إلا أن الظروف المناخية تصنف على أنها جفاف معتدل. حيث تأخر بدء هطول الأمطار. وبدأ موسم الجفاف مبكراً. كما أن المحافظات في الشمال الشرقي تلقت كمية أقل من متوسط الأمطار التراكمية. وقد تفاقم التأثير السلبي على إنتاج الحبوب بسبب عوامل إضافية ناجمة عن الأزمة. وأبرزها التكلفة المرتفعة ومحدودية توافر المدخلات الزراعية، وخاصة وقود الديزل؛ ما أثر على قدرة المزارعين على توفير الري التكميلي للمحاصيل المجهدة. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن لدى المزارعين القدرة على استخدام المدخلات بكفاءة (خاصة الأسمدة ومبيدات الأعشاب)، مما يؤثر بشكل أكبر على الإنتاج.
التوصيات:
من أهم التوصيات التي خلصت اليها الدراسة والتي رصدتها متابعة سنسيريا النقاط التالية
- لن يؤثر فشل حصاد 2020/2021 على توافر الحبوب فحسب. بل من المتوقع أيضاً أن يكون له تأثير ثانوي على توافر البذور وخاصة (القمح والشعير) للموسم القادم. وبالتالي هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتأمين إمدادات بذور جيدة النوعية للمزارعين الأكثر ضعفاً.
- هناك حاجة إلى زيادة التمويل لدعم إعادة تأهيل أنظمة الري. إذ يجب ربط الأراضي الزراعية بأنظمة فعالة لتوصيل المياه للمحاصيل. وينبغي النظر في استخدام المياه غير التقليدية (أي المياه المعالجة) في الري. وأن تستخدم تقنيات الري الفعالة المياه عندما تكون هناك حاجة إليها، وبالتالي الحفاظ على المياه. فالاستثمار في الري يجب أن يكون مستهدفًا على مستوى المزرعة.
- ينبغي تنفيذ تقنيات الزراعة المحافظة على الموارد إذا ومتى أمكن ذلك للمساهمة في تطوير قطاع زراعي مستدام ومربح.
- سيساعد استخدام النشارة العضوية من الحشائش المقطوعة ومخلفات المحاصيل، عند توفرها، في الاحتفاظ برطوبة التربة عن طريق الحد من التبخر من سطح التربة. خاصة خلال فصل الصيف. وللنشارة فوائد إضافية، بما في ذلك منع نمو الحشائش، وتحسين بنية التربة وتنظيم درجة حرارة التربة.
- سيستفيد شركاء القطاع من تعزيز قدرة المزارعين في الحفاظ على المياه. وتشمل تقنيات الحفاظ على المياه جدولة الري، والتي تضمن ري المحاصيل بناءً على متطلباتها المائية.
- يعد تطوير أصناف جديدة تتحمل الجفاف، والترويج لمحاصيل تتحمل الجفاف نسبياً في نظم الزراعة المحلية أمراً بالغ الأهمية. إذ يجب تجنب الزراعة المستمرة للمحاصيل التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، بما في ذلك الشوندر السكري والقطن، في المناطق التي تعاني من شح المياه.
- هناك حاجة إلى مبادرات لتخطيط استخدام موارد المياه بين مختلف المستخدمين، بما في ذلك قطاع الزراعة. وهو المستهلك الرئيسي للمياه، وكذلك المجتمعات التي تحتاج إلى مياه الشرب. إذ سيكون التخطيط على مستوى المجتمع لضمان الإدارة المستدامة لموارد المياه أكثر أهمية في سياق تغير المناخ. وعندما تكون أنظمة الري معطلة، فمن الضروري تجنب الاعتماد على إمدادات مياه الشرب الشحيحة لاستخدامها في الري. وستكون جمعيات مستخدمي المياه أساسية لتحقيق إدارة فعالة لموارد المياه.
هطول الأمطار في الجمهورية العربية السورية (1980-2021):
يوضح الجدول التالي بيانات هطول الأمطار السنوية مقارنة بالمتوسط طويل الأجل (LTA) في المحافظات في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية. ويغطي التحليل البيانات من عام 1980 إلى 2021، مع عرض أكثر المواسم جفافاً في كل محافظة.
وفي قراءة للجدول /1/ نجد أن الجمهورية العربية السورية سجلت أعلى نسبة هطول مطري سنوي في الحسكة عن موسم 1991/1992 وبلغت 236%، في حين سجلت دير الزور أقل نسبة هطول سنوي في الموسم 1998/1999 وبلغت 27%.
وعلى مستوى المحافظات:
- الحسكة سجلت أقل نسبة هطول 44% في موسم 1999/2000، وأعلى نسبة هطول 236% عن موسم 1991/1992.
- دير الزور سجلت أقل نسبة هطول 27% لموسم 1998/1999، وأعلى نسبة هطول 124% في موسم 1992/1993.
- الرقة سجلت أقل نسبة هطول 42% لموسم 2007/2008، وأعلى نسبة هطول 131% في موسم 1985/1986.
- حلب سجلت أقل نسبة هطول 48% لموسم 2013/2014، وأعلى نسبة هطول 147% في موسم 2011/2012.
- إدلب سجلت أقل نسبة هطول 39% لموسم 2013/2014، وأعلى نسبة هطول 129% في موسم 1986/1987.
- اللاذقية سجلت أقل نسبة هطول 47% لموسم 2015/2016، وأعلى نسبة هطول 164% في موسم 2011/2012.
- طرطوس سجلت أقل نسبة هطول 37% لموسم 2013/2014، وأعلى نسبة هطول 143% في موسم 2010/2011.
- حماه سجلت أقل نسبة هطول 54% لموسم 1989/1990، وأعلى نسبة هطول 136% في موسم 2011/2012.
- حمص سجلت أقل نسبة هطول 57% لموسم 1989/1990 وبنفس النسبة لموسم 1992/1993، وأعلى نسبة هطول 154% في موسم 1991/1992.
- درعا سجلت أقل نسبة هطول 39% لموسم 1998/1999، وأعلى نسبة هطول 155% في موسم 1991/1992.
- السويداء سجلت أقل نسبة هطول 40% لموسم 1998/1999، وأعلى نسبة هطول 164% في موسم 1991/1992.
- ريف دمشق سجلت أقل نسبة هطول 36% لموسم 1998/1999، وأعلى نسبة هطول 146% في موسم 1992/1993.
أما المتوسط طويل الأجل (LTA) لهطول الأمطار المسجل بأكثر المواسم جفافاً في كل محافظة من عام 1980 إلى 2021:
- المتوسط طويل الأجل (LTA) لمحافظة الحسكة بلغ 254.4 ملم.
- أما دير الزور فبلغ المتوسط طويل الأجل (LTA) فيها 148.6 ملم.
- والمتوسط طويل الأجل (LTA) لمحافظة الرقة بلغ 176.1 ملم.
- وفي حلب بلغ المتوسط طويل الأجل (LTA) 391.4 ملم.
- أما في إدلب فسجل المتوسط طويل الأجل (LTA) 479.1 ملم.
- وفي اللاذقية بلغ المتوسط طويل الأجل (LTA) 743.1 ملم.
- أما في طرطوس المتوسط طويل الأجل (LTA) بلغ 888.3 ملم.
- وفي حماه سجل المتوسط طويل الأجل (LTA) 340.2 ملم.
- وسجل المتوسط طويل الأجل (LTA) في حمص 385.8 ملم.
- أما في درعا بلغ المتوسط طويل الأجل (LTA) 266.5 ملم.
- وفي السويداء سجل المتوسط طويل الأجل (LTA) 322.5 ملم.
- أما في ريف دمشق بلغ المتوسط طويل الأجل (LTA) 153.6 ملم.
- والمتوسط طويل الأجل (LTA) لمحافظة القنيطرة بلغ 603.5 ملم، حيث أن متوسط المدى الطويل (LTA) لبيانات هطول الأمطار التي تم تحليلها هو من 2005 إلى 2021، وهي الفترة التي تم فيها توثيق هطول الأمطار بانتظام.