(معادلة النمو الجديدة)
الدكتور عامر خربوطلي – مدير عام غرفة تجارة دمشق
دون الدخول في النظريات الاقتصادية العديدة التي حاولت تفسير كيفية الوصول إلى نمو اقتصادي اكبر، فإنه قد تأكد اليوم أنه لا تتحقق نسب النمو العالية ولا تبني قدرات المنافسة عن طريق زيادة معدلات الاستثمار وتراكم رأس المال فحسب، بل من خلال التغييرات التكنولوجية وتنمية المهارات البشرية التي تعتبر الأساس في تنمية القدرة الذاتية على الابتكار والتحديث وتقديم سلع وخدمات جديدة ذات محتوى تقني عالي.
وهذا ما يفسر تجارب العديد من الدول وبخاصة ذات الاقتصاد المركزي المخطط سابقاً التي كان مرد تراجع معدلات نموها ليس بسبب انخفاض معدلات استثماراتها (التي استمرت تمثل معدلات بالغة الارتفاع) بقدر ما هي نتيجة عدم الكفاءة وتدني إنتاجية هذه الاستثمارات وتزايد معدلات الطاقات المعطلة، وفوق ذلك كله غياب دور رواد الأعمال والمنظمين ورجال الأعمال الأكفاء.
إن معادلة النمو الجديدة التي يتم تبنيها في اغلب الدول المتقدمة والتي حققت قفزات تنموية كبيرة تعتمد الصيغة التالية:
معدل النمو في الناتج = مؤشر كفاءة تخصيص عناصر الإنتاج + مؤشر الاستغلال + معدل نمو إجمالي+ إنتاجية عوامل الإنتاج + (1- نصيب العمل من الدخل) × معدل نمو رأس المال.
أي أنه بالإمكان الحديث اليوم عن خمسة مصادر للنمو في الناتج هي: (التقدم التقني- نمو رأس المال- نمو كفاءة التوزيع- نمو العمالة- مستوى الاستغلال) أي أن تراكم رأس المال هو أحد مصادر النمو وليس هو المصدر الأساسي ولا بد من التركيز على المصادر الأخرى الرديفة والمتمثلة بالكفاءة والإنتاجية والتجديد التقني الذي يلعبه رواد الأعمال.
إن الإسراع في النمو الاقتصادي لتحقيق مستوى دخل فردي أكبر ومستوى من الرفاهية أكبر يتطلب التأكيد على عناصر معينة مثل الإدارة الفعَّالة والتدريب الأفضل والتعليم المستمر والمزيد من الاستثمار الرأسمالي والتجديد التقني.
وضمن هذه المسؤوليات التي يقوم بها رائد الأعمال فإنه يتولى مهمة المبادرة لخلق مشروع جديد أو سلعة جديدة أو طريقة تسويقية مبتكرة، ومن خلال سعيه للربح لتحقيق درجة عالية من الريعية لأفكاره الجديدة فإنه يحقق أهداف النمو الاقتصادي المتمثلة في تحقيق تراكم رأس المال وتطبيق تقنيات جديدة وتحسين مستوى استغلال الطاقات المتاحة ورفع الكفاءة الإنتاجية للعمل، وهو بالإضافة لذلك سيوفر فرصاً جديدة للعمل والمساهمة في القضاء على مشكلة البطالة التي تعد أحد أهم أهداف برامج التنمية.
وفي محاولة لإسقاط محددات النمو الاقتصادي على الوضع الاقتصادي في سورية يمكن القول:
في عام 2006 بلغت نسبة العائد على الاستثمارات العامة (2,3%) في حين سجل العائد على الاستثمارات الخاصة نسبة (4,8%) ورغم أن العائد لدى الاستثمارات الخاصة أكبر من العامة نتيجة إقامة تلك المشاريع من قبل رواد أعمال ناجحين وارتفاع نسبة إنتاجية عوامل الإنتاج والاستغلال الأمثل للموارد والتجديد التقني المستمر وهي الجزء الأكبر من مصادر النمو في الناتج التي سبق عرضها في معادلة النمو.
إلا أنه حتى العائد على الاستثمار لدى القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة الذي يبدو أكبر من القطاع العام إلا أنه لا يحقق جميع نتائج ومنعكسات مضاعف الاستثمار الذي وفق نظريته ونظرية النمو الاقتصادي كان يجب أن يتحقق معدل نمو اقتصادي بحدود (7,1%) في عام /2006/ في حين أنه سجل رسمياً (5,1%) أي أن هناك فارقاً بنسبة (2%) نتيجة ضعف العائد على الاستثمار وضعف الإنتاجية والكفاءة والهدر، أي أن تراكم رأس المال ليس العامل الوحيد في تحقيق النمو وهذا ما يجب أن يتم التركيز عليه في مرحلة الأزمة وما بعدها للاستفادة من الإمكانيات المالية المحدودة بأقصى طاقة ممكنة.
فهل بدأنا بتطبيق معادلة النمو الجديدة لتحقيق أكبر متطلبات الانتعاش وإعادة البناء.