مع كل صباح نسمع عن زيادة أسعار السلع والخدمات المدعومة وآخرها مادة الغاز والكهرباء، والحديث المتزايد من الحكومة عن إعادة النظر بالدعم الحكومي المقدم لعدد من السلع والخدمات الأساسية يدل على أن الدعم على طاولة التشريح، فهل سيتجه الدعم إلى السلع، أم إلى المستهلك، أم لمخرجات الإنتاج، أم سنفتح الجرح ونسكره من دون تنظيف الألم وبانتظار تورم الجرح النازف أكثر فأكثر.
ويتخوف أصحاب الدخل المحدود من ذهاب الدعم عن السلع من دون أن يعود الدعم على الفقراء وكبار السن والعاطلين عن العمل وذوي الإعاقة، وذلك نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، أو أن يكون هذا الدعم مؤقتا لفترة محددة ومن ثم رفعه بشكل كامل، وأن تكون ما تقوم به الحكومة اليوم عبارة عن مقدمات لإلغاء الدعم بشكل نهائي.
الدكتور عدنان سليمان رئيس قسم الاقتصاد بجامعة دمشق بين في تصريح «للوطن» أن ما يتم تداوله من سيناريوهات للشرائح التي تستحق الدعم عبارة عن اجتهادات في غير مكانها، والمعيار الأساسي في اختيار المستحقين للدعم يجب أن يكون معيار الدخل السنوي للفرد، لأن اختيار مناطق السكن لتقديم الدعم خيار غير عادل، فمنطقة مشروع دمر مثلاً يسكنها أصحاب الدخل المحدود والمعلمين عن طريق الجمعيات منذ زمن وأغلبيتهم بحاجة إلى الدعم، وخيار حرمان من لديه سيارة يحمل أيضاً الظلم لأن هناك من يملكون سيارات من أصحاب الدخل المحدود وغير قادرين على تحريكها اليوم.
وأشار الدكتور سليمان إلى أن الدعم الثابت للأسر أفضل من دعم السلع، وعلى الرغم من الدعم المادي سيتآكل شهرياً مع هذا التضخم القائم، معتبراً أن هذه الخطوة هي باتجاه تحرير الأسعار وترك الأسواق للعرض والطلب والخطوة الأولى لإلغاء الدعم كلياً بعد فترة لأن الدعم سيكون عبئاً على خزينة الدولة، وفي حال حددت الحكومة في ميزانيتها في عام 2022 أكثر من 4 ترليونات ليرة للدعم ستكون مجبرة في العام القادم لتحديد 8 ترليونات ليرة إذا تم قياس عامل التضخم فمن أين ستأتي الحكومة بهذه الأموال؟
ولفت الدكتور سليمان إلى أنه تم تحرير سعر مادة المازوت ومع ذلك ارتفعت الأسعار وهي ترتفع كل يوم والوعود بتخفيض الأسعار عبارة عن حكي في الهواء ولا يمكن للوزارة إلزام التجار بتخفيض الأسعار إذا قدموا لها بيانات تكلفة لمنتجاتهم والحلول بمعنى الحلول لضبط الاقتصاد مستحيلة اليوم.
وأكد الدكتور سليمان أنه لا يوجد إمكانية لربط الرواتب والأجور بالتضخم وبمنظومة الأسعار وهذا الأمر مستحيل وسيبقى الوضع من دون حلول نهائية كحال أي بلد نامٍ، والحلول المتبعة جزئية وترقيعية، وبعد فترة يمكن أن تكون هناك زيادة على الأجور كمسكن لكن في الحقيقة أن الدخل تآكل.
وسأل الدكتور سليمان إذا جميع دراسات المراكز البحثية تقول إن متوسط معيشة العائلة من 4 إلى 5 أفراد مليون ليرة سورية شهرياً، فكم زيادة بحاجة للوصول إلى رواتب تعادل هذا المتوسط إذا كان أكبر راتب بالدولة لأساتذة الجامعات والوزراء 250 ألف ليرة، كم زيادة نحن بحاجة للوصول إلى هذا الحد، ومن أين ستأتي الحكومة بالكتلة المالية؟!
وبين الدكتور سليمان أن إعادة سياسة الدعم والذهاب إلى دعم المستهلك أفضل كمرحلة قصيرة ومتوسطة بغض النظر عمن ستمنح الدولة الدعم من 4 ملايين أسرة تحمل بطاقة الكترونية في سورية.