تشهد الأسواق السورية حالة من التذبذب وعدم الاستقرار في أسعار مواد البناء انعكست سلباً على جودة تنفيذ المشاريع والاستمرار بها وخاصة في ظل غياب الإشراف الفعلي على تنفيذ الأبنية وخاصة المعدة للتجارة.
«الوطن» رصدت أسعار مواد البناء في الأسواق حيث سجل سعر طن الحديد ٣.٣ ملايين ليرة، وطن الإسمنت ٢٤٠ ألف ليرة، ومتر البحص ارتفع منذ يومين ٥ آلاف ليرة إلى ٤٥ ألف ليرة من أرضه، وسعره مرتبط بالبعد والقرب عن أماكن الإنتاج، ويباع بنصف السعر في حسياء، ومتر الرمل ارتفع أيضاً ٥ آلاف ليرة ووصل إلى ٥٥ ألف ليرة.
وبالنسبة إلى البلوك أيضاً ارتفع سعره حسب سماكته وسجلت سعر البلوكة قياس ١٥ سم ألف ليرة، ومتر غرانيت أرضيات ٣٨ ألف ليرة ومتر رخام التركي ٢٧٦٠٠ ليرة وخزان المياه حجم كبير إلى مليوني ليرة.
وبالنسبة للسواد الصحية وصل سعر بوري «بي في سي» إلى ٢٤ ألف ليرة، وبوري الصحية إلى ١٨ ألف ليرة، وبوري «بي بي» 4 سعره ١٨٠٠٠ ليرة، وسدة البوري ٣٧٠٠ ليرة، والبلوعة ٦٠٠٠ ليرة، وأنبوب بولي ايتيلين ٥٠٠٠ ليرة وسكّر كروم ١٨٠٠٠ ليرة.
وبالنسبة لمواد الكهرباء وصل سعر غطاء واجهة تابلو إلى ١٤٠٠٠، وتيب الكهرباء ٨٠٠٠ ليرة، وعلبة تابلو كهرباء ٥٥٠٠ ليرة.
وبحثنا عن المسؤول عن الإشراف في تنفيذ الأبنية المعدة للبيع، والتي يسعى منجزوها إلى البحث عن التوفير في تقليل المواد المستخدمة وخاصة نسبة الحديد والحصويات ومادة الإسمنت، وجدنا حسب عدد من المهندسين فضلوا عدم ذكر أسمائهم والخوض في جدال مع نقاباتهم، أن الإشراف يعود بالدرجة الأولى في مسؤولياته إلى المهندس المشرف الذي تم تحديده في رخصة البناء، وتقاضت نقابة المهندسين الرسوم على إشرافه، إلا أن هذه الرسوم حسب مهندسين مشرفين لا تدخل إلى رصيد المهندس إلا بعدة فترة طويلة، والنسبة التي يتقاضاها المهندس قليلة جداً وتكاد لا تذكر، ولذلك تجد بعض المشرفين لا يعرفون أماكن الأبنية التي يشرفون عليها على الورق ولا يزورونها أبداً.
وقال المهندسون: لا بناء ينفذ وفق الدراسة الموضوعة له، ويوجد في الحد الأدنى 10 بالمئة فرق عن الدراسة وهناك فروق كبيرة بين الدراسة والتنفيذ وهذه النسبة بالفروق تعتبر كبيرة وتؤثر في جودة البناء، لكن مالك العقار لا يهمه سوى التوفير، والمتعهد أيضاً همه بالدرجة الأولى الوصول إلى أعلى نسبة ربح ممكنة.
ومن الأهداف 15 المؤطرة لعمل نقابة المهندسين السوريين المساهمة في وضع المواصفات والأنظمة القياسية الهندسية والشروط الفنية والعامة للأعمال الهندسية، وقامت النقابة منذ سنوات حسب مصادر لـ«الوطن» بإحداث لجنة هندسية متخصصة بالجودة على الورق.
المهندس في إحدى البلديات «ح ع» أشار إلى أن المتعهدين لا يريدون للمشرفين أن يدخلوا إلى الأبنية، ولكونهم هم اليد العليا في التنفيذ فغالباً يستغلون غياب دور المهندس المشرف لتنفيذ ما يحلو لهم، لافتاً إلى أن مهندس البلدية يكون أحياناً وحيداً في قطاع بلديته، وهناك عشرات الأبنية تتم إقامتها ولا يمكنه متابعة جميع الأبنية بمفرده ودون تعويضات تذكر.
ودعا المهندس «ع» إلى منح أتعاب الإشراف إلى مهندسي البلديات وتحميلهم المسؤولية، وتفعيل ملف الإشراف على الأبنية وخاصة بعد أن ارتفعت نسبة التجاوزات في نوعية المواد المستخدمة التي هي بحاجة إلى مخابر خاصة لكشف جودة المواد المستخدمة.
عضو مجلس فرع دمشق لنقابة المهندسين المهندس رصين عصمت بين لـ«الوطن» أن الارتفاعات المتتالية الأخيرة في أسعار مواد البناء أدت وستؤدي إلى ارتفاع أسعار الأبنية السكنية، مما يؤثر في السوق العقاري وحركة البيع والشراء بشكل عام، وهذا الأمر سيسبب أضراراً عديدة لجميع للعاملين في قطاع التشييد وشركات المقاولات والمواطنين المرتبطين بهذا القطاع المهم.
ودعا عصمت إلى التفكير جدياً بالحلول العملية التي يجب أن تبدأ من تصميم المنشآت بجودة بحيث توفر الأمان الإنشائي بأقل التكاليف، والاستفادة من تجارب الدول الصديقة في مجال أبنية السكن الاقتصادي الاجتماعي.
كما أن ارتفاع أسعار المواد سيكون له انعكاس على جودة التنفيذ حسب الدكتور المهندس باسم علي المدرس في إحدى الجامعات الخاصة، وقال: بدلاً من الاتجاه نحو التطوير والأبنية الذكية والاستدامة أصبحنا نعود خطوة إلى الوراء في موضوع الجودة، وبالتالي انعكاس غياب الجودة السلبي وتأثيره على السلامة والشروط الآمنة وعلى اقتصاد البلد بشكل عام.
وأشار علي إلى أن ارتفاع الأسعار قلل الخيارات أمام المتعهدين وأجبرهم على الاتجاه إلى حلول ومواصفات متدنية في جودة البناء من أجل المنافسة بالأسعار، وبدلاً من استخدام كميات كافية من الإسمنت تستخدم أقل كمية ممكنة كما تستخدم حصويات أقل جودة.
وأشار علي إلى أن تأثير غياب الجودة ستكون نتائجه على المدى الطويل ولن يشعر بها المواطن في البداية، وسيكون البناء مع الأيام بحاجة إلى الترميم وبالتالي دفع المزيد من الكلف.
ومع التجاوزات الكبيرة التي يقوم بها المتعهدون في تنفيذ الأبنية، ومحاولة التوفير بالمواد لتحقيق أكبر ربحية ممكنة، يبقى دور الإشراف هو الأهم لكن من ينقل الإشراف من التوقيع والختم على الرخصة إلى التنفيذ على أرض الواقع، وقبل العمل على تطبيقه من يدفع أتعاب المشرف.
الوطن