الرئيسية / آراء اقتصادية / سوريا: 3 اقتصاديات محكوم عليها بالموت!

سوريا: 3 اقتصاديات محكوم عليها بالموت!

أربعة اقتصاديات على الأرض السورية…. ثلاثة محكوم عليها بالموت.. والرابع يعاني من مشاكل عدة.

سوريا: 3 اقتصاديات محكوم عليها بالموت!

زياد غصن

هذه الاقتصاديات الثلاثة موجودة في بيئة سياسية وميدانية غير مستقرة، الأمر الذي يجعلها عرضة لتقلبات وهزات متوقعة في أي وقت.

مع محافظة خرائط السيطرة الميدانية على وضعها المتشكّل بفعل عدة عوامل داخلية وخارجية، بات الاقتصاد السوري موزعاً على 4 أجزاء، تبعاً للقوى المسيطرة على الأرض والحدود المؤقتة التي رسمتها المعارك الأخيرة للجيش السوري وحلفائه.

هذا الواقع ليس جديداً، إذ إن سنوات الحرب الاثنتي عشرة حملت معها، ولا سيما في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة، أشكالاً مختلفة من الهياكل والبنى والعلاقات الاقتصادية المشوهة وغير الشرعية، منها ما انتهى مع استعادة الحكومة سيطرتها على مساحات واسعة من البلاد في العامين 2017 و2018، ومنها ما بقي وتطور أكثر مع تبلور أهداف التدخلات الأجنبية المباشرة في الأزمة السورية، كما هو الحال في شمال البلاد وشرقها.

ويمكننا في هذا السياق الإشارة إلى 4 اقتصاديات تعمل على الأرض السورية:

– الاقتصاد الأكبر المتمثل باقتصاد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، والذي يحظى بالشرعية المؤسساتية والدولية: رغم ما يعانيه هذا الاقتصاد من مشاكل بنيوية وصعوبات تمويلية وتشغيلية متعددة الأسباب والعوامل، فإنه يبقى، في نظر السوريين، قادراً وحده على إعادة ربط أوصال البلاد المبعثرة اقتصادياً، بالنظر إلى شرعيته المنبثقة من شرعية الحكومة، والتوزع الجغرافي الواسع لمؤسساته، والإمكانيات البشرية والفنية الكبيرة التي لا يزال يمتلكها حتى الآن، وتنوع موارده وثرواته، والانفتاح العربي والدولي المرتقب عليه خلال الفترة القادمة.

– اقتصاد المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا “قسد” الكردية المدعومة أميركياً: تكمن ميزته نظرياً في حجم ما تحتويه مناطقه من ثروات استراتيجية، كالنفط، ومحاصيل زراعية رئيسية، أي يفترض أنه يملك مصدراً مستداماً نوعاً ما من الإيرادات، فضلاً عن محاولته بناء هيكل مؤسّساتي تحت مظلة ما يسمى بالإدارة الذاتية. وهنا تكمن خطورة الأهداف السياسية التي يسعى هذا الاقتصاد إلى تحقيقها، وخصوصاً أنَّ العديد من المناطق التي يشملها تعاني تهميشاً تنموياً وإهمالاً خدمياً، تتجلى ملامحه بوضوح في الوضع المعيشي للسكان.

ونحو مزيد من توضيح ماهية النشاط الاقتصادي السائد منذ سنوات ما قبل الحرب في المحافظات الشرقية، نستعرض البيانات الخاصة بتقديرات الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بحسب المحافظات والقطاعات في العام 2010، والتي تظهر تصدّر محافظتي الحسكة ودير الزور قائمة المحافظات في مساهمتهما في قطاعين أساسيين هما:

التعدين واستغلال المحاجر: تتصدَّر الحسكة المحافظات السّوريّة بمساهمتها في إجمالي الناتج المحليّ للقطاع على مستوى البلاد، وذلك بنسبة قدرها 32.83%. أمّا دير الزور، فتأتي في المرتبة الثالثة بعد كلّ من الحسكة وحمص، بنسبة مساهمة قدرها 13.23%. أما الرقة، التي لا تزال الاكتشافات البترولية فيها محدودة، فإن نسبتها لم تتجاوز 2.32%، لتحتلّ بذلك المرتبة العاشرة بين المحافظات.

الزراعة والغابات والصيد: بلغت نسبة مساهمة الحسكة من الناتج المحلي للقطاع المذكور على مستوى سوريا حوالى 10.52%، ودير الزور 10.50%، والرقة 9.57%، ليكون ترتيبها بذلك بين المحافظات الثالثة والرابعة والخامسة على التوالي بعد كلٍّ من حماه وحلب.

– اقتصاد المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات مسلّحة مدعومة إقليمياً وغربياً في مدينة إدلب وأجزاء من ريفها: يغلب النّشاط الزراعي والتجاري على بنية هذا الاقتصاد، بالنظر إلى أن الزراعة، وعبر عقود من الزمن، شكلت النشاط الاقتصادي الأساسي للسكّان في المحافظة الشمالية، والتي تسبّب موقعها الحدودي مع تركيا وتدخّل الأخيرة في مجريات الأزمة السورية، في تحولها إلى مجرد سوق استهلاكية واسعة، سواء لتصريف المنتجات التركية، أو تلك المهربة عبر الأراضي التركية، أو لبيع النفط السوري المنهوب والمكرّر بمصافٍ بدائية.

وتشير التّقديرات الإحصائيّة المستقلّة إلى أنَّ الناتج المحلي الإجمالي لمحافظة إدلب سجَّل في العام 2010 نحو 81.449 مليار ليرة (بالأسعار الثابتة)، أي ما نسبته 5.5% من إجمال الناتج المحلي لسوريا، والبالغ آنذاك نحو 1.469 تريليون ليرة سورية، لتحتلّ بذلك إدلب المرتبة التاسعة بين المحافظات في قيمة الناتج المحلي.

وفي تركيبة مساهمة القطاعات الاقتصادية، يأتي قطاع الزراعة والغابات والصيد أولاً، بنحو 19.765 مليار ليرة، ثم التجارة، بنحو 19.055 مليار ليرة، فالنقل والتخزين والاتصالات، بنحو 12.493 مليار ليرة.

– اقتصاد المناطق التي تحتلها تركيا في الشمال والشرق: تتولى تأسيسه وإدارته بشكل مباشر الحكومة التركية، وهو جزء من سياسة التتريك التي تنفذها حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في المناطق التي تحتلها عسكرياً.

رغم ذلك، هذه الاقتصاديات تتأثر وتؤثر ببعضها البعض بأشكال وطرق مختلفة، وهي في وضعها الحالي تمثل أحد أهم الأسباب المباشرة للأزمة الاقتصادية التي تشهدها جميع المحافظات والمناطق السورية. وتالياً، إن استعادة الحكومة السيطرة على ما تبقى من أراضي البلاد ستؤدي حتماً إلى حدوث تغييرات جذرية في تركيبة تلك الاقتصاديات وأنشطتها وبناها الهيكلية والتنظيمية والإجراءات الناظمة لعملها، بل إن الاقتصاد الحكومي سيتأثر هو الآخر، سواء باستعادة زخمه الاستثماري والإنتاجي أو من خلال التغييرات التي سوف يشهدها، بغية التأقلم مع الوضع الجديد الذي لم يعد ينفع التعامل معه وفق السياسات والأطر السابقة.

شاهد أيضاً

للعاملين في الدولة وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.. “العقاري” يُطلق قرضين شخصيين بسقف 10 ملايين و 50 مليون ليرة

دمشق – تشرين: أطلق المصرف العقاري القرض الشخصي للعاملين في الدولة والمتقاعدين وكذلك العسكريون وأصحاب …

Call Now ButtonCall us Now