ما تشهده الأسواق من ارتفاع مستمر ويومي بأسعار المواد الاستهلاكية خلق حالة من الذعر لدى جميع الأهالي ممن التقتهم «الوطن» ضمن أسواق السويداء الذين أكدوا عجزهم التام عن تأمين نفقات غذائهم اليومي بعد أن تجاوز سعر الكيلو من الرز القصير 4500 والرز الطويل بجميع أنواعه متراوحاً بين 7500 و8 آلاف للكيلو الواحد ليلحق بها كيلو السكر الذي وصل إلى 3 آلاف أما الزيوت فقد تجاوزت أسعارها حد الجنون بعد أن وصل سعر الليتر منها إلى 12 ألف ليرة مع فقدانها شبه التام من جميع المحلات التي رصدتها «الوطن».
كما أشار الأهالي إلى ارتفاع أسعار المنظفات والصابون بجميع أنواعه لتلحق بها الخضار والفواكه فضلاً عن اللحوم البيضاء والحمراء وحتى طبق البيض والتي تم إقصاؤها جميعاً من موائد الكثير من الأسر.
وأكد الأهالي أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار كل المتطلبات المعيشية باتت تهدد أمنهم الغذائي في الصميم مؤكدين عجزهم عن تأمين حاجاتهم الرئيسية بعد أن جاءت ظروف الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد على جميع مدخراتهم ليزيد في أوجاعهم ومعاناتهم قرار رفع الدعم الأخير.
جميع التجار الذين التقتهم «الوطن» في أسواق السويداء أكدوا أن عجز الحكومة عن ضبط إيقاع الأسواق إنما يعود إلى عجزها عن ضبط معامل الإنتاج التي باتت تلجأ إلى علميات الاحتكار بسبب عجز الحكومة عن ضبط أسعار الصرف للقطع الأجنبي فضلاً عن عدم قدرتها على تأمين المطلوب منه لعمليات استيراد المواد الأولية الداخلة في عمليات التصنيع وهو الأمر الذي انعكس سلباً على المواطن والتاجر على حد سواء.
وأدى في النهاية إلى رفع الأسعار وخلق بالضرورة حالة من فقدان بعض المواد وأهمها الزيوت والسمون وهو ما يعتبر بداية لسلسلة من المواد ستشهد الأسواق فقدانها لاحقاً في حال لم يتم التحرك السريع لاحتواء الإشكالية.
بدورهم التجار بينوا أن فقدان الزيوت أو احتكارها إنما يعود إلى زيادة الطلب وقلة العرض، مطالبين بضرورة مراقبة معامل الزيوت لأن الارتفاع الجنوني بأسعار المادة غير مبرر حتى اللحظة.
وأشاروا أن العملية الحربية الروسية في أوكرانيا انعكست تداعياتها سلباً على السوق السورية بحجم أكبر من تداعياتها الحقيقية وأدت إلى التخوف من فقدان كثير من المواد الأولية المستوردة وهذا أدى إلى لجوء المنتجين إلى الاحتكار لعدم ثبات أسعار الصرف، خاصة مع ما باتت تشهده أسواق الصرف اليوم من ارتفاع تدريجي على سعر القطع الأجنبي والذي سيؤدي في حال عدم ضبطه إلى كارثة اقتصادية والمتضرر الأكبر منها سيكون المواطن بالتأكيد.
الخبير الاقتصادي ومدير الإحصاء في السويداء ناجي حديفة أكد لـ«الوطن» أن ارتفاع الأسعار هو ظاهرة عالمية تطول كامل دول العالم إلا أن القضية الأهم في تلك الارتفاعات هو كيفية تصدي الحكومات لكبت هذه الظاهرة التي ستؤدي بالضرورة إلى التضخم وانخفاض القوة الشرائية لدى المستهلكين وهو ما عجزت عنه الحكومة حالياً في ظل عجزها عن رفع وتيرة التنمية وخاصة المتعلقة بسلة الغذاء اليومية للمواطن، موضحاً أن رفع الأسعار هو سياسة اقتصادية تتبعها الدول للجم الطلب وتخفيض الاستهلاك.
وأضاف: لكن لا يمكن لأي حكومة لجم الطلب على السلع الأساسية التي تتعلق بقوت المواطن لأن المواطن السوري بحسب الوضع الاقتصادي الحالي بات عاجزاً عن المواجهة فردياً لأنه بحاجة إلى الدعم الحكومي حتى يجابه الإنفاقات المترتبة عليه وخاصة أن الدخول المتدنية باتت غير كافية للإنفاق على الغذاء وحده دون بقية الإنفاقات.
وأكد حديفة أن قرار رفع الدعم الحكومي كان قراراً بغير أوانه وكان من المفترض التريث به بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية وخاصة أن أكثر من 80 بالمئة من الشعب السوري غير آمن غذائياً.
الوطن